ويواصل أ . د . محمد أبو الفضل بدران مقاله الممتع الذي خصني به تعليقا علي مقالي (بنات الصعيد ) يقول : حتي تصل المرأة إلي المناصب القيادية في مصر فإن علينا أن نقضي علي عدة عوامل أولها غلبة التشدد : هذا التشدد الذي بات يهيمن علي الساحة الدينية في معظم بلدان العالم الإسلامي ، ومن عجب أنه صادف هوي لدي بعض المصريين الذين وجدوا فيه تشددا يتفق مع أهوائهم ، فراحوا يودون عودة المرأة إلي البيت مكتفية من الغنيمة بالإياب وهيهات لهم ، فإن امرأة تعلمت وفهمت أمور دينها فهما صحيحا هيهات أن تقبع في منزل أهلها دون عمل ودون إكمال تعليمها ، ولقد أحصيت من تخرجوا من جامعة جنوبالوادي منذ أن كانت فرعا بجامعة أسيوط إلي العام الماضي لاكتشف أن عدد الخريجين يربو علي نصف مليون منهم 322000 ثلاثمائة واثنتان وعشرون ألف فتاة هن اللواتي ينتشرن في مراكز المحافظة وربوع مصر آمل أن يصلن إلي ما ينشدن من مناصب قيادية لمن تستحق فقد تخطين مواقع التابعات إلي القائدات . ثانيا : ثقافة القبيلة: فالقبيلة منذ كانت تقوم علي طبقة واضحة لم تكن المرأة ذات يوم شيخة قبيلتها ولا في مجلس شوري القبيلة ، وكم آلمني حوارات القري قبل عدة أعوام قليلة عندما رشحت إحدي الفتيات نفسها لعضوية مجلس الشعب فرأي الناس في ذلك بدعة سيئة وسابقة خطيرة بمحافظة قنا وذكّرها الرجال بمقتل مرشحة في أحد مراكز المحافظة قبل أعوام ، وعندما صممت أن تخوض التجربة انقسمت آراء القبائل حول قضية تبدو تافهة لكن مغزاها عميق : هل تفتح لها " المنادر " لكي تلتقي الرجال من أهل القبيلة ، أو لا يجوز ذلك ؟ فكيف لامرأة أن تدخل مندرة لم تطأها قدم امرأة منذ إنشائها ؟! وأظن أن الأمر تغير قليلا؛ وسيتغير في المستقبل لأن القبيلة صارت الآن أكثر حرصا أن تمثلها امرأة منها في مجلس الشعب (الكوتة). ثالثا : سلبية بعض النساء: تبدو القوانين شديدة وعادلة في أيدي الرجال لكنها تطبق ببطء في أيدي النساء لأن بعض الرجال يرون في المرأة ضعفا ، وفي توليها القيادة شررا ، ولذا تنأي بعض النساء بأنفسهن عن المناصب القيادية طوعا. رابعا : ازدواجية المعايير لدي الرجل: فإن سر الرجل الذي لا يقبل أن تنال المرأة نصيبها في الميراث كيف يقبل أن تأخذ حقها في المناصب القيادية ؛ وعلي مجتمعنا أن يعطي المرأة حقها في الميراث لأن نسبة كبيرة لا ينلن هذا الحق وقد ينفقن أعمارهن وأعمار أحفادهن وهن يطلبن الوصول الي حقهن في الميراث . ومن الملفت للنظر أن المجتمع قد كوّن قيادة خفية للأرض من النساء ، فالسيدة مريم عليها السلام أطهر نساء العالمين ، والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة سكينة سيدات آل البيت النبوي هن من يُتوسل بهن إلي الله عند معظم المسلمين. في وزارات كالإعلام سيطرت المرأة علي 90 ٪ من المناصب القيادية وقد يكون ذلك قريبا في بعض الوزارات الأخري . لقد وصلت في الجامعات إلي نسبة معقولة حتي رأينا امرأة رئيسة جامعة الإسكندرية . هنالك أخطاء لكن الخطأ الذي نتعلم منه لا يعد - من وجهة نظري - خطأ ، والمعوقات من الرجل والمرأة ، والمجد للمستقبل الذي لن يأتي بالفرض ولا بالقرارات بل بالإقناع حتي لا تقع المرأة في شّرك مواجهة الرجل فتفقد المعين المجتمعي. إن ترويض المجتمع نحو قبول فكرة المرأة القائدة يأتي بتطور المناهج وتطور العقول وهذا هو دور المجتمع المدني والجامعات والإعلام وهو دور المرأة في الأساس ... دعونا نبدأ ؛ "والنفس مولعة بحب العاجل" .