كبرنا وهرمنا علي هذه الكلمة «لكل مجتهد نصيب».. سمعناها كثيرا ونحن أطفال وأسمعوها لنا أكثر ونحن في مراحل الشباب.. ونحاول بعد أن غزا الشيب المفارق أن نقولها لأولادنا ومن في حكمهم من الأقارب وأبناء الأصدقاء، يتناقشون معنا ويتحاورون وربما يتغامزون ويردون:عظيم جدا جدا، ثم يستمرون في طريقهم، نخاف أكثر عليهم ففي كل الأحوال سنعيش لهم قدرا غير معلوم.. فقط أيام وربما سنوات وسنغادر حياتهم أو يغادرون حياتنا لا نعلم أينا سيسبق الآخر،ونتعامل معهم برغم ذلك علي أننا الراحلون أولا، فيزداد خوفنا عليهم أكثر وأكثر!. نعود ونقول لهم: «اجتهدوا فإن لكل مجتهد نصيباً».. فيردون بسرعة وبسخرية لاذعة: أي نصيب؟.. يبدو أن من قال هذه الكلمات كان حكيما فلم يحدد نوع ذلك النصيب وهل هو من الخير أم من الشر..وهل من سيجتهد سيجني خيرا وفيرا أم سيلقي من اجتهاده شرا مستطيرا؟،ثم يختمون كلامهم بجملة واحدة تضع نقطة النهاية للحوار: انظر حولك..انظر لمصير المجتهدين وستجد أن المقولة الصحيحة هي: «كل مجتهد عبيط» ! وأنا عن نفسي أعترف أن معني الاجتهاد ضاع من حياتنا..بداية من المحتوي الديني فقد نال كل مجتهد في الدين نصيبا من التكفير..وقس علي ذلك ما يلقاه المجتهدون في الحياة من الوزير إلي الغفير..فقد يسفه البعض اجتهاد الوزير ويختزله في كلمتين محبطتين ويصفه بأنه من أصحاب «المنظرة»..أما في مجالات العمل المختلفة فحدث ولا حرج وخاصة عندما تغيب الموضوعية وتتغلب فيروسات المحسوبية والشللية والمصالح الخصوصية وتختفي معايير الثواب والعقاب،ويذوب عندها المجتهد وسط الجميع،ولا يظهر له قمر أو تشرق له شمس أويزوره المدعو «فرج» إلا عندما يصادف ليلة القدر ! ولا يوجد معني أجمل من «الاجتهاد».. ولا صفة لشخص مثل «المجتهد» ولم يكذب أبدا من قال «من جد وجد ومن زرع حصد»، فهذه سنة الحياة الطبيعية التي تنجح بها الدول مثلها مثل الأشخاص،وعندما يختفي منها ذلك المعني ويتوه فيها ذلك الشخص تدخل في دائرة «الدول النايمة»! يبقي الأهم.. فلا يوجد معني في العالم مثل «الضمير».. ولن تسمع جملة في الحياة أشرف من «أرضيت ضميري». ولن تتقدم خطوة في الكون إلا بالاجتهاد.. نحتاج كثيرا إلي وجود الضمير.. إلي إرضاء الضمير.. إلي الاجتهاد في العمل.. سواء بالمجهود أو التفكير والابتكار.. ويصح الصحيح بأن لكل مجتهد نصيباً.. ومن ينكر ذلك فهو «عبيط»! كلمة في نفسي: سألوه لماذا لا تؤدي عملك ؟.. فرد قائلا: العمل عبادة وأنا لست علي وضوء!