ما أن يهل فصل الشتاء إلا ودخلت الانفلونزا بيوت المصريين جميعا دون استثناء وينجو منها القليلون جدا ومعظمهم من اصحاب العمائم أو التلفيحة التي لا يمكن الاستغناء عنها عند اهالينا سواء في بحري أو قبلي أو حتي هؤلاء الذين مازالوا متمسكين بالجلباب البلدي رغم معيشتهم في العاصمة. وفي رأيي اننا منذ ان استغنينا نحن الرجال عن غطاء الرأس ولم يعد للطربوش أو الطاقية اي لزوم خاصة بعد ان استبدلنا الجلباب بالزي الافرنجي ومنذ ان دخلنا في عصر الافندية والبكوات والباشوات لم نجد بديلا لغطاء الرأس يحمينا من برد الشتاء اللعين. تري الافندي منا أو »البك« يرتدي طاقما داخليا من الصوف وعليه القميص وبلوفر صوف ايضا وبدل صوف وبالطو وكوفيه وقد يبدأ رحلة عمله من السادسة أو السابعة صباحا ولا شيء علي رأسه يحميه برد الصباح القارص أو صقيع الليل البهيم. انها دعوة لان يغطي المصريون خاصة الافندية والبكوات رؤوسهم في الشتاء، قد يتساءل احدكم يعني نرجع للطربوش والاجابة: يا اخي هناك »البيريه« واشهر من ارتداه اعمامنا توفيق الحكيم وعباس العقاد وغيرهما، وهو اضافة للشياكة ولا ينتقص منها. غطوا رأسكم.. تسلموا مصرع ام واطفالها الثلاثة خنقا بالغاز داخل منزلهم وهم نائمون، مصرع عقيد شرطة ونجله في المنصورة وانقاذ زوجته وطفله الاخر بعد تسرب الغاز وهم نائمون، مصرع عروس في شهر العسل بسبب تسرب الغاز وهم في الحمام.. مصرع.. ومصرع.. اخبار تطالعنا بها صفحات الحوادث كل يوم منذ عدة اعوام ومازال الكل حريصا علي اغلاق نوافذ شقته بإحكام ولا يدع »سرسوبا« واحدا للهواء ينفذ داخلها بحجة الاحتماء من البرد والشتاء القارص.. وكأن احدا لا يقرأ الصحف حتي أصبحت هذه الحوادث شبه يومية في جميع انحاء الجمهورية. واذا كان اعداد قراء الصحف في تناقص مستمر بعد ان احتل التليفزيون حياة الناس فإنني ادعو القائمين علي قنواته بث حملة مع اول كل شتاء لتحذير الناس من الغاز واخطاره واهمية ترك احد النوافذ الخاصة بالمطابخ أو الحمامات مفتوحة بدلا من ان تنام الاسرة بكاملها ولا تصحو ايضا بكاملها بعد استنشاق الغاز الذي تسرب لسبب أو لاخر طوال ساعات النوم. اذكر اننا عندما كنا نعمل في احدي دول الخليج منذ اكثر من عشرين عاما ان جيراننا من الاجانب كانوا يستخدمون بوتاجازا كهربائيا وسخان مياه ايضا ويرفضون تماما دخول انبوبة الغاز إلي بيوتهم.. اما نحن وما باليد حيلة فليس اقل من فتح النوافذ الزجاجية ليلا انقاذا لارواحنا.. وارواح من نعول.