عبدالحميد عيسى أكثر من ثلاث سنوات ومصر تعيش بدون رئيس يعيد لها الاستقرار ويبعث في أهلها الطمأنينة، فأبناء مصر الاحرار كثر. بعد أن لفظت أحد ابنائها إثر اصابته بالعقوق، فقد سار في ركاب أصدقاء السوء فأوقعوه في الشرك فلعب الشيطان بعقله وارتمي في احضانهم وسيطروا عليه واصبحت لهم الكلمة العليا حتي قادوه إلي الهاوية فصعب علي نفسه العلاج وكان ماكان. مصر ولادة وآن الاوان ان تستدعي إبنا من أبنائها المخلصين يحررها من القيود ويفتح باب الأمل أمام شبابها المخلصين لكي يدفع ترس مصانعها المتوقفة لينظر الي غده نظرة ثاقبة. لكن هذه المرة وجب ان «تسلم الجرة» وتختار مصر بعناية ابنا بمواصفات خاصة من بين ابنائها المخلصين وهب نفسه من أجل قيادة مصر في لحظات فارقة، إبنا تربي في احضانها تعلم في مدارسها، ارتوي من نيلها لم يغادر يوما بيته الا تحت أعين والديه خشية من أصدقاء السوء، تربي في بيئة فرضت عليه سياجا بجناحيها فعلمته كيف يكون صادقا أمينا ساهرا علي أمن مصر، قراره نابع من مصلحة عامة وليست شخصية، حينما يتحدث تشعر بمصريته، وحينما يصمت تلتقط منه اجابة شافية، يريد الزمن الجميل الذي نحا الخلافات جانبا وتغني بحب الوطن فهل نعود لنردد رائعة أم كلثوم ورياض السنباطي وكلمات عبدالفتاح مصطفي «ياحبنا الكبير والأول والأخير ، ضممنا تحت ظلك وفي خيرك الكتير وملايين لكن في حبك كلنا أهل وقرايب وفي أعيادك نغني غنوتك جمايلك علينا شايلينها في عينينا وفي شمسك زرعنا وفي ضلك جنينا». الكلمة الأولي والأخيرة للأم مصر فبإحساسها النابع من معاناتها تستطيع ان تشعر بوقع خطوات ابنها دون ان تراه. عبدالباقي ومرور فيصل الحديث دائما عن شرطة الكنبة لا ينقطع بعدما لمسناه من الشرطة الواقفة من مواجهة التحديات وكبح جماح الإرهاب، فكانت وقفتها مثمرة وتحركاتها منتجة، فقد ازالت الكثير من المخاوف التي انتابت الناس خلال الفترة السابقة لكن مازالت بعض عناصر ما اسميهم «شرطة الكنبة» لم تصلهم اهداف ثورة بل ثورتين قام بهما المواطن من اجل الكرامة او ان هناك «مصر جديدة» تتكون وسلوكيات جديدة وضعنا لها حجر الاساس، وشعار قديم في «خدمة الشعب» نفضنا عنه غبار حالك السنين، منهم من بدأ في التطبيق ومنهم مازال يراوح مكانه املا في قيام ثورة ثالثة خاصة بالسلوكيات. لم أكن أول من كتب عن وحدة مرور فيصل ولا آخر من سيكتب، فحينما كانت معاناتي منها منذ سنتين اعتقدت انه امر طبيعي لمواكبتها للثورة، ولكن يبدو ان طبيعة تلك الوحدة لا تتغير لذلك فقد اكتسبت شهرتها من خلال اهدار الكرامة بدون ضابط او رابط، فمازال المواطن يدخل الوحدة حائرا من اين يبدأاو أين ينتهي إلا من خلال البلطجية الذين ينتهي دورهم عند بداية اول شباك، من عدد لا بأس به من الشبابيك. الاستاذ عبدالباقي كان له تجربة في هذه الوحدة اثناء ترخيص سيارته، عاد منهكا بعد معاناة لم يستطع ان يحكي قصته الا بعد ثلاثة ايام التقط فيها انفاسه فقد شاهد الواسطة بأم عينيه فوقف مذهولا بعد ان وقف امام عدد لا بأس به من الشبابيك، فبدد التعب ذهوله وشعر انه في ساحة خضراء بها الايدي الممدودة ومن كثرتها نفدت نقوده وشعر انه لا يستطيع اطفاء الحريق والموتور جاهل يستخدم البصمة في تعاملاته والشكمان عادم يحتاج إلي بعض الملح، ينظر الأستاذ عبدالباقي يمينا فيري سيارة فارهة تمر بجوار سيارته مرور السحاب وينظر يسارا فيجد من وضع رجلا فوق رجل انتظارا لقدوم سيارته بعد ان انهت ترخيصها نظرة ثالثة لسيارته التي لا ينقصها شيء سوي ارضاء الأيدي العاملة، لم يكمل الأستاذ عبدالباقي القصة فقد راح مرة اخري في نوم عميق ليأخذ قسطا آخر من الراحة يستكمل فيها القصة تركت الاستاذ عبدالباقي يستريح وعدت ادراجي أجهز سيارتي فلم يتبق سوي اربعة شهور علي موعد التجديد في نفس الوحدة. محافظ الجيزة اجري حركة تنقلات بين الادارات الهندسية بناء علي بعض التقارير خطوة جريئة اعتقد ستتلوها خطوات ادارة المرور لا تحتاج إلي تقارير بعد ان اصبحت علي المكشوف. وزارة الشقاء الواقفة هل تصمد وزارة الدكتور إبراهيم محلب بدون مياه بدون كرسي بدون سيارة وتظل صامدة لكي تنتهي مهمتها القتالية أم «يتسرسبوا» واحد واحد تاركين المهندس محلب يقوم بمهمة حل مشاكل مصر بمفرده؟! فالرجل الذي تعود علي الشقاء من الصعوبة ان يتخلي عنه بسهولة. وقد استبشرت خيرا واستبشر غيري بهذه الوزارة ليس لان محلب يملك العصا السحرية التي تنهي المشاكل في لمح البصر، ولكن لانه لم يجيء بطريقة المخاض اياها التي جاءت بها الوزارات السابقة وكأن القدر ساقه لنا سريعا فلم يستغرق وقتا حتي كان هو قبل وزرائه في الشارع. لم يتبق من حيرة عند بعض الناس الا في كيفية نطق اسم رئيس الوزراء ان كان بالكسرة او الفتحة فإن الاغلب الاعم ينطقها بالفتحة مع تسكين الحاء نظرا لنفاثة حب المحلب وغلو ثمنه، ولكني ارجو من البقية اذا كانوا لا يعرفون حبة المحلب ان يدققوا النظر جيدا فيها او يسألوا مجربا حتي لا يقعوا فيما وقعت فيه ذات مرة حينما باع لي صاحب العطارة المشهور «بذرة الكرز» الشبيهة بالمحلب مخلوطا بالمحلب ولم نكتشفه سوي بواسطة الخبير. وزارة محلب «بفتح الميم» اتمني الا تكون قد اختلطت بما هو ليس في نفاثه محلب وتعمل من اجل المواطن الذي مايزال ينتظر وزارة تنتشله من الشقاء وحتي لا يضطر رئيس الوزراء من جمع الكراسي والأثاث الموجود في الوزارات حتي يضمن نزول الوزارة بأكملها إلي الشارع.