ظهر باسم يوسف في أولي حلقاته علي قناة "mbc مصر" وسط ترقب جماهيري كبير. سواء من محبيه أو منتقديه. أنا شخصياً كنت من أشد المعجبين ببرنامجه "البرنامج" في موسمه الثاني علي قناة "CBC". وكتبت أكثر من مرة في هذا المكان وكذلك في يومياتي أسجل إعجابي بأسلوبه الجديد، وذكائه في العمل من خلال فريق عمل كبير يعتمد علي أفكار طازجة يبدعها شباب متحمس.. نجح باسم نجاحاً ساحقاً في موسمه الثاني، وحقق أرقاماً قياسية في أعداد المشاهدة وبالتالي نسبة الإعلانات. كان يقدم في كل حلقة مسرح العبث الإخواني الذي فاق اللامعقول في كل شيء. كان لديه مادة خصبة، وأبطال كوميديون حقيقيون، من دم ولحم، لا يمثلون، لكنهم يتفوقون علي أكبر نجوم الكوميديا السوداء بما يملكون من غباء فطري، وكلام أبله، وتصرفات حمقاء. استطاع أن يستخدمها بذكاء شديد، وقدرة فنية، ابتكارية هائلة. وصل باسم إلي أعلي القمة في تلك الفترة برغم التجاوزات والإيحاءات الجنسية التي أراها ويراها الكثيرون زيادة حبتين. لكننا كنا نغفر له ذلك في مقابل الوجبة الباسمة التي كانت بلسماً يهون علينا الأيام السوداء التي عشناها خلال حكم الإخوان ورئيسهم الدكتور محمد مرسي زعيم الكوميديا بلا منازع. ثم حدث ما حدث. فجر الشعب ثورته الثانية في 30 يونيو 2013 وأنهي ذلك الحكم الشائن، الهزلي بكل المقاييس. هذا الموقف في اعتقادي أربك باسم يوسف. ليس لأنه لا قدر الله إخواني ولكن لأن المعين الثمين، الملئ بكل ألوان الهزل والفكاهة قد انكسر فجأة!. اختفي باسم لعدة شهور، حاول استجماع شتات فكره الذي تبعثر في لحظة، وكان لابد أن يبحث عن معين آخر ينهل من مادته الساخرة، ليحافظ علي شعبيته. ثم ظهر بعد فترة التوقف هذه في حلقة خاصمه فيها التوفيق، بدا متوتراً، متردداً بين تأييد ثورة الشعب العظيم، وترديد ما ادعاه الإخوان الكاذبون أنه إنقلاب. ازعجت تلك الحلقة محبي باسم وأنا أولهم، ليس لأننا ضد حرية الرأي - لا سمح الله- ولكن لأن رأيه في تلك الحلقة جاء مترنحاً، متأرجحاً، خانه ذكاؤه في تلك المرة، فلم يستطع وضع إصبعه علي نبض الشعب، رغم أنه في الأصل طبيب قلب. راح يسخر من مشاعر شعب أحب زعيما، قائدا، ، أنقذ الوطن في لحظة تاريخية صعبة فيما يشبه المعجزة. وعندما أغلقت ال"CBC" أبوابها في وجهه لهذا السبب، أو بسبب مشاكل مالية بينه وبينها. توقف للمرة الثانية، بحثاً عن منبر إعلامي آخر يقدم فيه برنامجه. ويوم الجمعة الماضي ظهر باسم علي "MBC مصر". لم تعجبني الحلقة رغم أنها أعجبت الكثيرين، وأغضبت الكثيرين أيضاً. شعرت أنه مشغول بتصفية حساباته مع كل من هاجموه، وليس بالشكل الجديد، والمعين الآخر الذي يجب أن يستلهم منه حلقاته بعد التغيير الذي حدث في مصر. فقد باسم الروح المنطلقة، المبدعة، وبدا مشحوناً بالفعل تجاه من هاجموه أو منعوه وهذا قطعاً ليس من الإبداع في شيء. فالضحك طاقة إيجابية، أما الغل فطاقة سلبية يا دكتور!. أما الفريق السيسي، وحب الناس الهادر له، فيبدو أن باسم لا يستطيع أن يستوعبه، فقد راح يسخر من بسطاء مصر الذين يعبرون بعفوية وتلقائية عن حبهم لبطلهم. الكلمة الأخيرة التي أقولها بكل إخلاص لإعلامي كنت احترمه جداً، وأتابعه بحرص، لا تفقد نبض الشارع، ولا تسخر من جمهورك. الفنان الساخر يسخر من الحكام لا من المحكومين، وينتقد الرؤساء بكل جرأة وقسوة، لكن ينحاز لنبض الشعب، وأهمس لك بجملة أخيرة "انت زعلان ليه يا باسم من حب الناس لرجل يعطيهم الأمل، نصيحتي لك: راجع نفسك وفكر في موضوعات حقيقية لبرنامجك لتستعيد نجاحك وتألقك«.. والأهم من ذلك حب الناس لك.