هل شاهدتم الارهابي الشاب المتهم بقتل رقيب الشرطة أمام كنيسة العذراء بالسادس من اكتوبر وهو يكفر والده ووالدته علنا علي شاشة التليفزيون؟ لقد أكد أنه لا يعيش ولا يأكل ولا يشرب معهما وأنه غير نادم علي ما فعله معتبرا ما أقدم عليه هو الصواب بعينه.. من شاهد هذا الشاب لابد أن يتأكد أن القضاء علي العنف والارهاب لا يمكن أن يتم عبر الحل الأمني وحده لكن الحل يبدأ من علاج مثل هذا الشاب مما أصاب عقله من حالة التغييب وفقدان القدرة علي التمييز التي أدخله فيها الاخوان وأنصارهم من الجماعات التكفيرية. هذا المعني احتل الجانب الأكبر من المناقشات التي دارت في المؤتمر الذي نظمه المركز العربي للبحوث والدراسات عن مستقبل الاسلام السياسي في الوطن العربي والذي تناولت ما أثير فيه حول التيار السلفي في مقال الاسبوع الماضي. وكان السؤال الذي فرض نفسه: هل الاقصاء هو الحل؟ هل الأفضل بعد كل ما ارتكبه الاخوان وأنصارهم من جرائم إرهابية في حق هذا الشعب أقصاؤهم تماما عن المشاركة في الحياة السياسية.. أم نسمح لمن لم تلوث يده بالدماء أن ينخرط في العمل السياسي مرة أخري بعد عمل المراجعات المطلوبة لتنقية أفكاره من السموم التي دسها الاخوان وأنصارهم؟ لكن من يضمن أنهم سيقومون بمراجعات حقيقية وليست صورية لكسب الوقت والعودة إلي المشهد بأي ثمن ؟ بالطبع كان هناك من طالبوا بعدم الاقصاء من بينهم حسام الدين ناصر والكاتب الاسلامي د. كمال حبيب الذي أكد أننا يجب ألا نقود الاخوان لوضع يجدون فيه ظهورهم في الحائط فيتجهون إلي العنف والارهاب ولابد من ايجاد طريقة لدمجهم في العمل السياسي درءا للمخاطر. أما د. قدري حفني أستاذ علم النفس السياسي فقد أكد أن الارهاب لابد أن يواجه بكل قوة.. لكن في نفس الوقت لا ننسي أنه يستند إلي أرضية فكرية لابد من تفنيدها ولا يكون ذلك فيما بيننا ولكن مع الاخرين. د. عبدالله المغازي استاذ القانون الدستوري أكد أننا يجب أن نعطي فرصة للحوار لأنه قد يحدث التغيير.. أما الاقصاء سيسبب مشكلة. د. سعد الدين إبراهيم قال ان الاخوان اصابتهم لوثتان.. لوثة حينما وصلوا إلي السلطة.. ولوثة حينما فقدوها.. كيف نرد بدون اقصاء.. بدون استبعاد؟ كيف نرد بمشروع ديمقراطي ليبرالي حقيقي يكون اكثر المستفيدين منه النساء والشباب؟. د. عمرو عبدالمنعم يري أيضا أن العنف الحالي يدفع إلي حالة المراجعة بشكل ملح.. التيار الاسلامي لا يمكن أن ينعزل والأفضل أن يكون موجودا. خير الكلام ما قاله د. علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية حينما أكد اننا في حاجة ملحة لاستراتيجية لها جوانب سياسية واجتماعية وتعليمية.. ولابد أن نبدأ بتجفيف منابع تمويل الارهاب من خلال الانشطة الاقتصادية الخفية واخضاع جميع المساجد والزوايا لاشراف الدولة باعتبارها منابع الفكر والارشاد ومراقبة الجمعيات الأهلية التي تتخذ منها الحركات الاسلامية واجهة لها. في المقابل.. والكلام مازال للدكتور علي الدين هلال علينا بناء دولة القانون والديمقراطية.. جوهر الديمقراطية الحد من السلطة بمعني ألا تنفرد أي سلطة باتخاذ القرار دون الرجوع لسلطة اخري. وتساءل.. عندما يكون عندنا هذا المعدل الكبير للامية وهذه الحالة من التهميش الاقتصادي والاجتماعي لقطاعات واسعة كيف نصفي الاساس الاجتماعي لهذا النوع من الفكر الارهابي؟ لابد من مراجعة الكتب المدرسية والرقابة علي مناهج المعاهد الازهرية والخطب في المساجد يجب أن يكون هدفها اعلاء صوت العقل.. نريد أن نساعد من يختلفون معنا علي المراجعة.. فلنساجلهم.. المطلوب مساجلات فكرية عميقة لمسلمات هذا الفكر وأن تصدر كتب تناقشه بهدوء. علي الجانب الاخر أكد د. خالد الطماوي أنه لا مستقبل لتيارات الاسلام السياسي إلا إذا أخذت بمبدأ المشاركة.. صبري القاسمي قالها بصراحة »الاخوان يجيدون استخدام جميع التيارات الاسلامية لتحقيق أجندتهم الخاصة.. رفعوا شعار التخوين ضد السادات ثم استخدموا جماعة الجهاد لقتله ووصل مدي تعاونهم مع »القاعدة« إلي تقديم خيرت الشاطر 15 مليون دولار لتمويل عملياتها الارهابية.. في حادث تفجير مديرية أمن الدقهلية كان العنصر الانتحاري هو الوحيد المنتمي لجماعة أنصار بيت المقدس والباقي من الاخوان!! د. خالد عبدالعزيز قال أن الاخوان نجحوا خلال عام واحد في تقسيم الشعب حتي أصبح هناك من يفرح لانفجار قنبلة!! ولابد أن نتدارك الأمر بسرعة ونهتم بتعليم الاجيال الجديدة حب الوطن والا ستنتهي فكرة الوطن لديهم. وبحدة شديدة قالت المستشارة تهاني الجبالي.. هذا أول خروج علي صحيح الدين الذي أعرفه.. الدين الذي يحترم الاختلاف ويعرف قيمة عدم ترويع الانسان في أغلي ما يملكه وهو حياته.. صحيح أيها الدين وأيتها الشريعة كم من الجرائم ترتكب باسمك؟ واستنكرت فاطمة شعيب بشدة فكرة ادماج الاخوان مرة اخري في الحياة السياسية وتساءلت كيف أصدقهم؟ كيف ادمجهم اذا كان هدفهم هو السلطة فقط؟ بينما تساءلت فريدة محمد الصحفية بروزاليوسف كيف تتأتي هذه المراجعات في ظل هذا الغضب الشعبي وفي ظل أن الشعب نفسه هو الذي يطالب بالاقصاء؟ وأضافت »الجماعة الاسلامية التي قامت بالمراجعات هي نفسها التي دعت قبل 30 يونيو لمواجهة الشعب بالعنف ما مدي مصداقية هذه المراجعات إذن ؟«. مسك الختام ما قاله المفكر الكبير السيد يس »لا يمكن عمل مراجعات قبل أن يتوقف الارهاب«.