إنه يبث الدم في شرايين الكتابة ويدفع قارئه الي التفكير السبت: انه يطل برأسه لكي يعبر عن مشاعره وافكاره تجاه الاحداث فقد كان يشعر بالمسئولية ازاء ما يقع خارج بيته وما يتفجر من مشاكل. وكل هذه المشاعر والافكار اصبحت تشكل محتوي كتاب يلخص رؤية الاديب البرتغالي »خوسيه ساراماجو« للعالم. اما عنوان الكتاب فهو »ساراماجو.. في كلماته«. وقدمت الكتاب ارملة الكاتب.. السيدة »بيلار ديل ريو« التي تولت ترجمته الي الاسبانية لكي يوزع في الاسواق بعد اربعة شهور من رحيل هذا الكاتب والاديب الحائز علي جائزة نوبل. صاحب »الكلمات« يتحدث عن فساد وتدهور الديمقراطية في العالم، وعن الظلم، وانعدام المساواة الاجتماعية، وامتهان حقوق الانسان والتعصب الديني. يقول الشاعر البرتغالي »فيرناندو جوميز اجيليرا« محرر الكتاب انها »ضربات سياط كلامية لاذعة تنير الطريق امام قارئها وتحمله علي التفكير«، ويضيف الشاعر ان الغرض من الكتاب هو التعريف بخطاب عقل ألمعي نشط وساخر عاش واقع عصره. وقد تولي ساراماجو نفسه تعريف مهنته بقوله: انها تشبه »الحرفية في طريقة انتاج العامل« و»الدفاع السياسي لرجل حزبي.. ونقاء الكاتب« والوظيفة التي تتمتع بكل هذه الصفات هي »وظيفة نقدية ثقافية«. كان ساراماجو واعيا علي الدوام بأن افكاره »تملك آذانا صاغية تسمعها« وهذا ما جعله يستثمر مداخلاته في ما يتعلق بالشئون العامة وحواراته الصحفية ليقول ما كان يجول في خاطره، وكل ما يعبر عن توجهاته، ومواقفه. وكان يقوم بذلك بطريقة بسيطة، ودون عبارات انشائية طنانة، وبلا لف او دوران، وبعيدا عن الغوغائية، بل ودون خطة او استراتيجية مسبقة. ساراماجو يقول ما يفكر فيه مباشرة لان »الناس تحتاج الي ان يتحدث معهم المرء.. بصدق«.. رغم انهم يعرفون ان الصدق اصبح عملة نادرة في هذا الزمان. يقول الشاعر فيرناندو جوميز ان ساراماجو كان مثل »عين تحرس فهو لم يمل من مراقبة السلطة عن طريق اسئلته الملحة وهذا ما جعله يتحول الي شخصية غير مريحة، لانه ازعج السلطة عن طريق ما كان يقوله من »كلمات« وخاصة انه كان يشعر بانزعاج بسبب ما يحدث في العالم. هذا الكاتب الاديب الذي ظل يؤكد ان للانسان الحق في التمرد، ويندد بهؤلاء الذين يعملون بشكل منظم ومتقن لتحضير وسائل القتل، كان يبث الدم في شرايين الكتابة، كما يبث في عقل قارئة قدرا كبيرا من الحيوية. في ساحة العدالة الاحد: الاصل في الانسان البراءة.. لذلك اصدر عبدالعزيز فهمي باشا اول رئيس لمحكمة النقض حكمه بأن من لديه اتهام ما لشخص اخر ينبغي ان تكون يده قابضة علي الدليل.. فيقدمه للمحكمة لكي تعتمده. اما ان تكون يده خالية من اي دليل، ويطلب من المحكمة او الخبير توفير الدليل له.. فهذا ما لايجيزه القانون. غير ان هذا الذي لا يجيزه القانون، واكثر منه، حدث بالفعل امام محكمة الحسينية الجزئية بمحافظة الشرقية. فقد تم اغتيال القانون بالتواطؤ مع المحضر، اما الطريقة فهي عدم الاخطار بصحيفة جنحة مباشرة تتهم مواطنا بالتبديد دون دليل، مما ترتب عليه صدور حكم غيابي بحبس المواطن ثلاث سنوات. وعند المعارضة للحكم، تم حجب حق الدفاع عن طريق البلطجة والارهاب، ولجأ المواطن الي اللواء نبيل العزبي مدير امن القاهرة في ذلك الوقت »محافظ اسيوط الان«. ولم يصل دفاع المواطن المتهم الي المحكمة الا من خلال الحماية الامنية! واصدرت المحكمة حكمها بإلغاء الحكم الغيابي.. ولكن بعد تسع سنوات! وطلبت المحكمة من مكتب الخبراء ان يقدم الدليل. وقدم مكتب الخبراء تقريرا ناصع البياض.. وصدر الحكم بالبراءة في الثاني من نوفمبر الماضي مع تحديد جلسة لمحاكمة الخصم ومحاميه في جريمة بلاغهما الكاذب ضد مواطن شريف. وتلك عدالة السلحفاة في مصر المحروسة!. وقد سبق ان نشرت في هذه اليوميات بتاريخ وقائع هذه المأساة بالاسم والصفة لصاحب تلك المحنة ولكنني اليوم انحي جانبا الاسم والصفة لكي انتقل من الخاص الي العام ليصبح السؤال الموجه الي مؤسسة العدالة: كيف مر المستند المودع في اول جلسة للمعارضة في الرابع من ابريل عام 1002 علي خمسة دوائر قضائية سابقة علي دائرة المستشار محمد سليمان الذي الغي الحكم الغيابي بناء علي هذا المستند في العاشر من شهر مارس عام 9002. واصدر حكم البراءة مستندا الي تقرير الخبراء في الثاني من نوفمبر الماضي؟ والسؤال الاكثر تحديدا: كيف امكن عرقلة وصول الحقيقة الي ساحة العدالة طوال اكثر من عشر سنوات؟ لقد تعرض المواطن الضحية لتعذيب نفسي ومعنوي علي مدي تلك السنوات الطويلة لمجرد ان شخصا افتري عليه ووجه اليه اتهاما ظالما وكاذبا. العزاء الوحيد للضحية هو انه سجل وقائع المأساة في رواية نشرها بعنوان »المحضر والقاضي والبلطجي«، الصادرة عن مركز المحروسة للنشر، واهدي نسخا منها الي رئيس واعضاء مجلس ادارة نادي القضاة بالقاهرة انه يطالب نادي القضاة بإجراء مناقشة قانونية متخصصة للاجابة علي السؤال المطروح، وهو كيف امكن الاعتام علي وجه العدالة امام خمس دوائر قضائية سابقة علي دائرة المستشار محمد سليمان؟ اضم صوتي للضحية، واؤيد مطلبه، فهل يستجيب نادي قضاة القاهرة؟ نفرتيتي في الغربة الاثنين: شعرت بقدر كبير من الفخر والاعتزاز عندما علمت أن تمثال الملكة الفرعونية الجميلة نفرتيتي اجتذب أكثر من 1.2 مليون زائر خلال عام واحد. ويعد هذا التمثال النصفي للملكة المصرية القديمة أهم قطع المتحف الجديد في العاصمة برلين الذي عاد إلي موقعه القديم بعد غياب استمر سبعين عاماً. ويرجع تاريخ بناء هذا المتحف إلي الفترة بين عامي 3481 و5581 وهو من طراز الفن المعماري في العهد البروسي. مازالت نفرتيتي تقيم في الغربة منذ تم تهريبها بطريقة غير مشروعة من مصر عام 3191. وأتذكر رد فعل مدير المتحف عندما سألني بعد خلوة مع الملكة: »قل لي أرجوك.. ماذا قالت لك جدتك؟« قالت له: »قالت لي إن غربتها قد طالت، وهي تتشوق للعودة إلي وطنها«. صرخ الرجل قائلاً: »هذا مستحيل! إنها رمز برلين.. لا نستطيع أن نتحمل أن تفارقنا«!! ومازال الألمان يدّعون أنها خرجت من مصر بطريقة مشروعة.. لتبرير تمسكهم ببقائها لديهم! أحوال مدنية الثلاثاء: في قطاع الأحوال المدنية بالأميرية يوجد مكتب العميد ممدوح رجب مدير ادارة القاهرة بالطابق الثاني. المكتب مفتوح بشكل دائم لأن الرجل يحل مشكلات الجماهير ويرفض إغلاق الأبواب انه يقوم بنفسه بالجلوس الي جهاز الكومبيوتر لاستخراج شهادات الميلاد والوفاة والقيد العائلي وشهادات الزواج وسواقط القيد الي جانب تصحيح اي اخطاء في تلك الشهادات لبعض الافراد غير المسجلين في الكمبيوتر أو الذين لم يسبق لهم تسجيلها. المهم ان العميد ممدوح رجب يسعي الي تبسيط الاجراءات ولا يتحرك تحت تأثير وساطات لا يعترف بها في عمله ويعاونه المقدم وليد رمزي وكل ذلك يتم تحت قيادة اللواء مصطفي راضي مساعد الوزير للأحوال المدنية بالقاهرة. متي نشهد هذا الاسلوب في العمل وفي استخراج جميع المستندات بدون بطاقات توصية وبدون تفرقة بين المواطنين أو وساطات من أصحاب الحيثية أو النفوذ!