حظيت المتاحف المصرية بأنواعها المختلفة الاثرية والفنية والقومية بإهتمام بالغ ولافت للنظر من قبل الدولة خلال الخمسة والعشرون عاما الماضية متمثلا في وزارة الثقافة، واذا جاز التعبير بأن نطلق علي النشاط المؤسسي »نهضة متحفية« ويأتي ذلك في ظل المشاكل الاقتصادية العالمية والتي تنعكس بطبيعة الحال علي مجريات الحياة بمصر وهذا يؤكد علي هذا الاهتمام، وهذا يدعونا للتأمل في مدي احتياج مصر الي إنشاء مئات المتاحف في جميع المحافظات.. لامتلاك مصر مخزونا ضخما من الاثار عبر العصور- وهذا المخزون المتنوع من آثار مصرية قديمة وقبطية واسلامية ومنه حديث يعتبر هو العنصر الاساسي في التخطيط لاستثماره عن طريق تشييد متاحف جديدة، لتعكس الوجه الحقيقي للحضارات المتعاقبة.. ولتصبح هذه المتاحف مؤسسات ثقافية وتعليمية وعلمية تبث قيمها في وجدان الاجيال وتزيدهم وعيا وادراكا بالابداع الانساني، ولتحفيزهم علي الابتكار- والابداع في شتي المجالات، واذا ارتبطت المؤسسات المتحفية بالمناهج الدراسية في المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية سيكون لها الاثر العظيم في تنمية وعي وثقافة الاجيال، حتي نقضي علي ما يسمي بأمية المتعلمين اصحاب الشهادات. مع اضافة اهمية المؤسسة الاعلامية كمنظومة متحدة ومتكاملة لتحقيق الهدف الرئيسي وهو الارتقاء بالمواطن علي جميع المستويات الانتاجية والانسانية، ويأتي معرض الفنان المثال جمال السجيني المقام حاليا بقاعة الفن بالزمالك في زمن يفتقد للقدوة الابداعية للشباب، فجاء محركا فعالا ومثيرا للدهشة لكونه حلقة من حلقات تواصل الابداع الفني المصري ومثالا خلاقا للمبدع الصادق الذي عاش من أجل فنه الاصيل.. والذي سكن وطنه. في قلبه ووجدانه وعقله. مما يدعونا لأن نتوجه الي الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الذي نهضت المتاحف في عهده.. بأن يدرج ضمن خطة الوزارة إنشاء متحف لاعمال الفنان العظيم »جمال السجيني« ليصبح زادا للمواطنين والباحثين والمؤرخين وحافزا للشباب. واقترح علي فاروق حسني بأن يخصص احد البيوت الاسلامية التي تم ترميمها ليكون متحفا للسجيني تعرض فيه منحوتاته الرائعة التي شاهدناها بالمعرض ويضاف اليها مجموعته الموجودة بمتحف الفن المصري الحديث. اقترح علي فاروق حسني بأن يتأمل تمثال مصر اكتوبر للسجيني الذي كان مقررا تكبيره ووضعه مكان تمثال. »ديلسيبس« بمدخل قناة السويس، نشاهد في هذا التمثال الذي يعلو هرميا الفلاحة المصرية »مصر« تمسك بغصن الزيتون مرفوعا بيدها اليسري وتضم بيدها اليمني ابنها الجندي الباسل بطل حرب اكتوبر وسلاحه بيده. اراد السجيني توجيه رسالة بمعني مصر ترسل السلام الي العالم. ومازال مدخل قناة السويس في انتظار التمثال المعبر عن انتصار غير مسبوق ويصبح علامة ورسالة نابضة للعالم، بدون ادني شك بان فاروق حسني شاهده من قبل ولكن معرض السجيني يفتح ابواب الذاكرة لنستدعي منها ما كان يأمله السجيني وحارب من أجله بأن التمثال مكانه الطبيعي بين الناس ومعهم في الميدان والحديقة. وفي كل مكان. المثال جمال السجيني يستحق التكريم في أعماله فإنشاء متحف له هو تكريم للفن المصري واضافة حقيقية لمشروعات وزارة الثقافة وتكبير ونهر الفن علي يقين بأن فاروق حسني وزير الثقافة سيضع هذا الحلم ضمن مشروعاته ليتحقق إن شاء الله علي أرض الواقع ليكون مفخرة للاجيال.