سرقة لوحة »زهور الخشخاش« للفنان الهولندي »فان جوخ« حدث كارثة بكل المقاييس علي المستويين القومي والدولي.. مهما تعددت الأسباب فالتحقيقات الجارية هي الفيصل النهائي للكشف عن القصور أو الإهمال الذي أدي إلي سرقة لوحة من أهم الأعمال الفنية لفان جوخ، والكارثة كشفت عن قصور التأمين في متاحف كثيرة ومتنوعة تتلخص في الإمكانات البشرية والمالية التي لا تتوافق مع طبيعة المؤسسة المتحفية، والمنظومة الأمنية للمتاحف جزء لا يتجزأ من الأمن القومي يجب الوضع في الاعتبار أن حماية التراث القومي والعالمي المملوك لمصر هو حماية للكيان والكرامة لا يجب التهاون ولا التقاعس تجاهه بل يجب وضع جميع الإمكانات البشرية والمالية للحفاظ عليه وحمايته، ومافيا سرقة الأعمال الفنية في العالم تفكر وتطور من مناهجها وتمتلك من الخبراء الذين يتدارسون السبل والطرق التي يستطيعون من خلالها تحقيق أهدافهم، لذلك سرقت أعمال فنية كثيرة خلال العقدين الأخيرين من كبري متاحف العالم علي سبيل المثال »ثلاث لوحات من متحف اللوفر بباريس، وعدد كبير من متحف فان جوخ بهولندا، متحف مونسن بالنرويج، منذ شهور قليلة من متحف الفن الحديث الفرنسي...« بالرغم من ذلك يتم غالباً العثور علي اللوحات المسروقة أو جزء منها، وهذا ليس مبررا بأن نتهاون أمام هذه الكارثة، ومتاحف العالم تعمل علي تطوير وتحديث نظمها الأمنية باستمرار وبشكل جاد وأساسي في مواجهة مافيا سرقة اللوحات الفنية وأيضاً التماثيل والمجوهرات وغيرها، وحتي نستفيد من هذه الدروس القاسية أقترح إنشاء مؤسسة خاصة بالمتاحف بأنواعها تابعة لوزير الثقافة أو رئيس الحكومة تحت مسمي »المجلس القومي للمتاحف« يضم جميع أنواع المتاحف في مصر »الأثرية، التاريخية، القومية، الفنية والعلمية..الخ« وتعد للمجلس لوائحه الخاصة بشرط أن تنص بعض مواده علي تصنيف الكوادر وطبيعة واجباتها مع مراعاة تخصيص رواتب تليق بهذه الوظائف التي تتحمل جميع المسئوليات للحفاظ علي هذه الثروة، مضافاً إلي ذلك إنشاء عدة مراكز تابعة للمجلس نذكر منها »مركز لتدريب الكوادر المرتبطة بالمؤسسة المتحفية إدارياً - فنياً - تربوياً - ثقافياً - أمنياً..الخ« والمركز الثاني للصيانة والترميم خاص بجميع أنواع المقتنيات المتحفية، مع إعداد برنامج دقيق لأخذ بصمات لجميع الأعمال الفنية، والمركز الثالث تحت مسمي »مركز التوثيق التاريخي« لتوثيق جميع الأعمال المتحفية وتوصيفها فنياً، والمركز الرابع للتأمين الالكتروني وطبيعة عمله كغرفة مركزية للمراقبة والسيطرة عن بعد متصلة بجميع المتاحف، والمركز الخامس مركز التربية المتحفية للتخطيط وبرمجة الأنشطة المتحفية بالتنسيق مع قيادات المتاحف المختلفة، مضافاً إلي ذلك جميع الإدارات المنوطة بالعمل الإداري المتكامل، وسيعتمد الهيكل الرئيسي للمجلس القومي للمتاحف علي إنشاء قطاعات متحفية تابعة له لكل نوع قطاع، وبهذا التصور المقترح ستصبح المتاحف في مصر تحت مظلة واحدة تحكمها لوائح وقواعد وقوانين صارمة لتحقيق الانضباط وحماية الثروة مضافاً إلي ذلك تفعيل الدور الثقافي المتحفي لدي المجتمع، بعيداً عن الهيئات والقطاعات التابعة لوزارة الثقافة التي يشغلها الكثير من الأنشطة الفنية والثقافية المهمة والتي تعتبر جزءاً رئيسياً تكاملياً، ومن الطبيعي يجب أن ننظر للقضية برؤية قومية بمعناها الدال علي تكاتف جميع المؤسسات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة وللحفاظ علي الثروة القومية واستثمارها ثقافياً واقتصادياً.