طرح باب نهر الفن بالمقال السابق تصوراً عاماً ومقترحاً لإنشاء ما يسمي بالمجلس القومي للمتاحف.. يضم جميع أنواع المتاحف بمصر ليكون مسئولاً شاملاً عن وضع الأسس العلمية والمتحفية المتعارف عليها في العالم، وكمرجعية علمية دقيقة ترتكز مقوماته علي الكود الدولي لإنشاء المتاحف الجديدة، وأيضاً تطوير وتحديث المتاحف الحالية والتابعة لعدة مؤسسات حكومية.. بدلاً من تركها لرؤي مختلفة تؤثر بالتناقض وتفاوت فهم ماهية المتاحف وعلاقتها بالمجتمع بشكل عام، وما حدث لكارثة سرقة لوحة »زهور الخشخاش« للفنان العالمي »فان جوخ« وما سبقها من سرقات خلال العقدين الأخيرين قد كشف ذلك الحدث الأليم عن إهمال وقصور في كثير من المتاحف والتي نشرتها وسائل الإعلام المختلفة خلال الأسبوعين الماضيين، وهذا الواقع الأليم يؤكد غياب ثقافة حماية الثروة الإبداعية التي تمتلكها مصر، بالإضافة إلي عدم إدراك هذه المؤسسات بكيفية العناية والحماية، والمشروع المقترح يضمن فكرة التخصص في مجال هذه المتاحف المتنوعة من خلال وضع لائحة خاصة بالمجلس القومي للمتاحف تُفنَّد وفق الاحتياجات الفعلية للمتاحف وذلك بوضع هيكل إداري محكم ينص علي تقسيم قطاعات للمتاحف وفق طبيعة كل منها وعلي سبيل المثال »قطاع المتاحف الأثرية - قطاع المتاحف التاريخية - قطاع للمتاحف الفنية - قطاع للمتاحف العلمية - قطاع للمتاحف القومية.. الخ« بالإضافة إلي المراكز العلمية التي ذكرتها في مقالنا السابق، وبالضرورة سيدير هذا المجلس »مجلس إدارة« يتكون من رؤساء القطاعات المتحفية المذكورة بالإضافة إلي خبراء وعلماء آثار وفنانين ومفكرين.. أعضاء ذات شأن كبير وخبرات وعلم يستطيعون رسم خريطة لمتاحف مصر ومستقبلها ووضع أسس علمية لهيكلة هذا المجلس وتحديد المهام وواجبات الأفراد والخبرات المطلوبة والعمل علي الارتقاء بأدائهم ومهاراتهم مع اعتبار معايير الكفاءة والجودة هي أقصر الطرق لإعداد متخصصين قادرين علي تحمل المسئولية المتحفية بكامل عناصرها الإدارية والأمنية والثقافية، ولن يتأتي ذلك إلا من خلال مؤسسة متحفية شاملة تدعمها الدولة مالياً وبنظام مالي خاص ليتوافق مع حجم هذه المسئولية القومية فالثروة القومية جزء رئيسي من الكيان الوطني ولا يمكن أن تعوض بأموال الدنيا.. فالزاد المتحفي يعد جزءاً حياً لذاكرة الأمة والعالم. وفيضاناً من المعرفة والثقافة الحية، وتأتي نتائج تجميع المتاحف بمصر تحت مسئولية مؤسسة واحدة فيما يلي، التخطيط العلمي الصحيح وتطبيقه وفق منظومة وطبيعة كل متحف، تعميق الثقافة والإدارة المتحفية لدي جميع العاملين، إعداد برنامج دقيق لزيادة مهارات العاملين، تطبيق النظم العلمية في جميع المتاحف الخاصة »بالبصمة« لجميع المقتنيات المتحفية بالتعاون مع إدارة »الأدلة الجنائية« بوزارة الداخلية، وضع منهج علمي للتوثيق التاريخي والتوصيف الفني لجميع المقتنيات وفق طبيعة كل متحف، تأسيس »بنك للمعلومات المتحفية« يخزن به جميع الوثائق والبصمات لجميع المقتنيات باستخدام التكنولوجيا الحديثة، تأسيس »مركز للصيانة والترميم« مقسم إلي أقسام مختلفة تتوافق مع تنوع المقتنيات، ومركز إعداد الكوادر باختلاف تخصصاتها من خلال برنامج محدد للتدريب والدراسة، مضافاً إلي ذلك إنشاء إدارة للتسويق المتحفي من خلال خطة تغطي جميع مؤسسات الدولة خاصة المدارس والجامعات لجذبهم لزيارة المتاحف مع ضرورة ربط المناهج بالتعليم الأساسي بالمتاحف كجزء من التعليم كما يحدث في العالم، المشروع المقترح ستتنامي فيه الخبرات والمهارات المتخصصة من خلال هذا التكامل والتوحد.