رحل مانديلا وبقيت هذه الكلمات: إننا نقتل أنفسنا عندما نصنف خياراتنا في الحياة. العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها. الإنسان الحر كلما صعد جبلاً وجد جبالاً أخري يصعدها. الحرية لا يمكن أن تعطي علي جرعات فالمرء إما أن يكون حراً أو لا يكون حراً. الحرية لا تقبل التجزئة لأن القيود التي تكبل شخصاً واحداً في بلادي إنما هي قيود تكبل أبناء وطني أجمعين. الجبناء يموتون مرات عديدة قبل موتهم والشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة. هذه هي فقرات من مواد دستور نيلسون مانديلا .. إنه دستور لم يكتبه ولكنه عاشه فقرة فقرة وكلمة كلمة فقد كان مانديللا يتنفس الحرية ليس الكلمة ولكن الدستور الخاص الذي خلقه لنفسه من خلال الظروف التي عاشها وعايش فيها المنطقة. نيلسون مانديلا صاحب الأسماء الستة الذي صدر بها أفرقته إلي العالم. »روليهلا هلا.. نيلسون.. ماديبا.. تاتا.. كهولو.. داليبهونجا« هو نفسه نيلسون مانديلا صاحب الاسم الذي طاف العالم علي متن طائرة من الإعجاب والمؤازرة والدهشة.. والذي صدر القوة الافريقية للعالم، إنه شديد الولع بالانتماء الافريقي ويحمل اسماً يعتز به هو اسم قبيلته في جنوب افريقيا »ماديبا«. ولد في شهر الثورات يوليو يوم 81 عام 8191 ورحل بعد رحلة كفاح متفردة.. رحل في 21 ديسمبر هذا العام 3102.. لم يهجع من الكفاح إلا سنوات شيخوخة قصيرة ولكنه ظل مثالاً للكفاح من أجل الحرية حتي الآن وأصبحت حياته درساً ليس للأفارقة الذين نحن منهم ولكن لكل مريدي التحرر والحرية في العالم كله. بدأ كفاحه الشخصي بينه وبين نفسه وبين البيض حوله عام 8391 حينما لاحظ التفرقة الفارقة بين البيض والسود أصحاب البلاد وبدأ تمرده في الجامعة حينما كان طالباً في جامعة هير المخصصة للسود في جنوب افريقيا والتي تم طرده منها بعد عامين لتزعمه الطلاب في احتجاجات طلابية.. وأكمل تعليمه الجامعي وتحدي الفصل العنصري بإصراره علي إكمال الدراسات العليا التي كانت محرمة علي السود!! كانت أولي خطواته الرسمية في الاحتجاج علي العنصرية بانضمامه إلي حزب المؤتمر الوطني الذي يواجه تفشي السياسات العنصرية ضد السود من جانب البيض. بعد أن استطاع الاستعمار حظر حزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي زادت قوته بعد انضمام مانديلا إليه حينما زادت قدرات الاستعمار في تضييق الخناق علي مانديلا في العمل السياسي اتجه للعمل السري وأسس جناح الحزب العسكري إصراراً منه علي خطة التحرر لجنوب افريقيا حيث نفد صبره من الكفاح السلمي وأن العمل السلمي لا يوصل إلي التغيير.. كانت السلطات تحاصره فوجهت إليه تهمة »التخريب« ثم تهمة عمل خطة مسلحة وبالرغم من أنه قاد حركة مقاومة أشعلت الحماس في صدور عدد كبير خصوصاً أنه كان شديد التأثير بخطبه في مواجهة النظام العنصري وتم القبض عليه بتهمة التخريب ثم حكم عليه بالسجن المؤبد مدي الحياة.. وفي الثمانينيات نقلته سلطات الاستعمار إلي سجن آخر بعد حبسه 81 عاماً ثم عاش بعد ذلك مع بعض قادة المقاومة. وكلل كفاحه بالنجاح بعد القضاء علي الفصل العنصري الذي كبل جنوب افريقيا بالأصفاد النفسية لمدة 26 عاماً. إن تحرر جنوب افريقيا مدين لهذا المكافح العظيم الذي بلغت سنوات سجنه 72 عاماً كانت مهر الحرية والتحرير ليس لجنوب افريقيا ولكن لكل البلاد التي كبس الاستعمار علي أنفاسها في كل العالم. إن مانديلا لا يلخص في مقالة فقط حفل تعارف مع عظيم عالمي. هذا العظيم مهما كان دينه حتماً يدخله الله الجنة لأنه مستحيل أن يدخل النار مع القتلة.. لأنه لم يهب الحرية لأمته فقط بل لكل الذين قهرهم الاستعمار حول العالم.. لقد كان صاحب رسالة واقرأوا الكلام من أوله قواكم الله.