انتقل نيلسون مانديلا، الذي توفي عن 95 عامًا مساء الخميس الماضى، في جوهانسبرج، من ناشط ضد سياسة الفصل العنصري إلى سجين سياسي كان الأشهر في العالم، ثم رئيس لجنوب إفريقيا، حيث كان يتمتع بشعبية واحترام كبيرين. أمضى زعيم نضال السود ضد النظام العنصري الأبيض الذي بذل جهودًا شاقة ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، 27 عامًا في السجن من 1964 إلى 1990. و أضحى رمزًا عالميًا للحرية ثم للمصالحة منذ أن خرج من سجون نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في 11 فبراير 1990. ويعرف مانديلا باسم "ماديبا" نسبة إلى اسم قبيلته. و ساهم الإفراج عنه في 1990 بعد سجنه 27 عامًا في سجن روبن ايلاند في تسريع سقوط نظام الفصل العنصري. ولد مانديلا في 18 يوليو 1918 في منطقة ترانسكاي جنوب شرق، في قبيلة ملكية وأطلق عليه والده اسم "روليهلاهلا" أي المشاكس الذي يجلب المشاكل. وفي سن مبكرة بدا مانديلا فتى متمردًا وأُقصي من جامعة فورت هار للسود بسبب خلاف حول انتخاب ممثلي الطلاب. القروي ابن الحاكم كان مانديلا، أول فرد في عائلته يدخل المدرسة، وقد أطلق عليه أحد أساتذته اسم نلسون بناء على العرف السائد حينها الذي يفرضه النظام الدراسي البريطاني على الطلاب. وفي سن التاسعة توفي والد مانديلا، نتيجة مرض في الرئة ما أدى إلى قلب حياته رأسًا على عقب، فقد ودع الصغير حياته الهادئة في قرية كونو مع عائلته وانتقل إلى العيش مع حاكم شعب ثامبو جونجينتابا داليندييبو، الذي أراد من خلال تبني نيلسون مانديلا رد الجميل لوالده بعد أن زكاه رئيسًا لقبيلة الثامبو قبل سنوات. عاش مانديلا، في الإقامة الملكية وبسرعة تأقلم مع نمط الحياة في بلدته الجديدة مكيكيزويني. وكان له نفس وضع ومسؤوليات ابني الحاكم الآخرين الابن جاستيس والابنة نومافو. ختان مانديلا والطقوس في سن السادسة عشر، ختن مانديلا وأقيمت له طقوس "الدخول في مرحلة الرجولة"، و سجل نجاحًا في دراسته وتميزًا في الجري والملاكمة. كان زملاؤه في المدرسة ينادونه بالقروي تهكمًا، ولكن ذلك لم يمنعه من ربط صداقات مع عدد من الطلبة من بينهم ماثونا أول فتاة يصادقها مانديلا. وتخرج مانديلا من جامعة جنوب إفريقيا بدرجة البكالوريوس في الحقوق عام 1942، وأصبح عضوًا في الكونجرس الإفريقي عام 1944 كناشط في البداية، ثم كمؤسس، ثم كرئيس للمؤتمر الوطني الإفريقي الممتاز للشباب، وأخيرًا، وبعد سنوات السجن، استمر رئيسًا له. كان يرتدي زي سائق لتجنب الشرطة بعد اختبائه بسبب انشطته في "المؤتمر الوطني الافريقي"، لقب مانديلا باسم بمبرنيل الاسود بسبب قدرته على التخفي وتفادي الشرطة، تيمنا برواية “بمبرنيل القرمزي”، التي تدور احداثها عن بطل سري الهوية وتنكر مانديلا كسائق وطاهٍ وبستاني حتى يسافر في البلاد دون ان تلحظه السلطات. نساء حياته تزوج مانديلا ثلاث مرات، كانت الأولى من ايفلين نتوكو، التي طلقها عام 1958، وأنجب منها 4 أبناء، والثانية من ويني ماديكيزيلا، وطلقها عام 1996، والثالثة من جراسا مانديلا، التي لا يزال متزوجا بها حتى وفاته. زواجه الأول كان من إيفلين نتوكو سنة 1944، وكان سنه حينها لا يتجاوز السادسة والعشرين، وأثمر زواجه منها والذي دام 12 سنة عن أربعة أطفال هم ماديبا، ماغاثو، ماكازيوي وماكي بعد طلاقه بسنة واحدة في 1957، تزوج من ويني ماديكيزيلا التي أنجبت له بنتين زياني وزندزيوا، وقد استمر زواجهما حوالي أربعة عقود حتى انفصالهما سنة 1992 على خلفية فضيحة خيانة اتهمت بها ويني، وإدانتها بقضايا خطف والمشاركة في اعتداء. حيث وقع الطلاق بينهما سنة 1996. وفي سنة 1998 تزوج مانديلا من ماريز جراسا ماشيل، وهو في سن الثمانين، وكانت جراسا أرملة الرئيس الموزمبيقي الراحل سامورا جراسا. قصته مع الإيدز خطط مانديلا لحياة هادئة بعد انسحابه من الحياة العامة سنة 2004، وقال للصحافة إنه يريد إمضاء المزيد من الوقت مع عائلته. لكن وفاة ابنه ماكجاثو بمرض الإيدز دفعت به إلى الحياة العامة من جديد، عندما أعلن عن وفاة ابنه والمرض الذي أصيب به في وقت كان الإيدز ضمن الممنوعات الاجتماعية ولم يتردد الماديبا كما يطلق عليه لتبجيله في حث مواطنيه بجنوب إفريقيا على ضرورة الحديث عن هذا المرض، ورفع الحرج والخوف منه "والتعامل معه كمرض عادي". صراعه مع المرض ورغم تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا عام 2001، فإنه اشترك في مفاوضات السلام في الكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وباقي الدول الإفريقية والعالم. وفي عام 2004، عندما كان عمره 85 عامًا تقاعد مانديلا من الحياة العامة، ليقضي حياته مع أسرته وأصدقائه، ويحظى بالسكينة. وقال بروحه المرحة، محذرًا من يرغب في دعوته لحملات مستقبلية: "لا تتصل بي، أنا سأفعل". وبعد التقاعد الرسمي لمانديلا، ظهر للحياة العامة مرات قليلة، وفي نوفمبر عام 2010 أصدر مكتبه صورًا للقائه مع لاعبين في المنتخبات الأمريكي والجنوب إفريقي لكرة القدم. وفي نهاية يناير من عام 2011 نقل إلى مستشفى جوهانسبرج من أجل إجراء فحوصات خاصة، مما أعاد إلى ذهن رئاسة الجمهورية في جنوب إفريقيا القلق من إصاباته السابقة بأزمات في التنفس. ثم نقل إلى المستشفى مرة أخرى في فبراير 2012، ووصف هذا المكتب الرئاسي بأن لديه "شكوى مستمرة في البطن". وفي الوقت الذي تعالت فيه الصلوات لأن يتجاوز الزعيم نيسلون مانديلا أزمته الصحية، قبل أن يغيبه الموت، لاحظ الكثيرون أن الابتهالات تشير إلى عدة أسماء ولكن الأمر يتعلق بمريض واحد هو نيسلون مانديلا. ففي الحقيقة فإن للزعيم عدة أسماء عرف بها، أشهرها هي ماديبا، بعد أن أطلق عليه اسم روليهلاهلا عند ولادته، وقبل أن تطلق أول مدرسة له اسم نلسون فإذا تقررت مناداته بجميع أسمائه، فسيكون اسمه روليهلاهلا، نسلون، ماديبا، تاتا، كهولو، داليبهونجا. فكيف أطلقت عليه تلك الأسماء وماذا تعني؟ ماديبا: هذا هو الاسم القبلي، في إشارة إلى القبيلة التي ينتمي إليها مانديلا وهو في جنوب إفريقيا، أهم من اللقب؛ لأنه يشير إلى عراقة وانتماء الشخص. ماديبا هو اسم حاكم إقليم ترانسكي في القرن الثامن عشر. وجرت العادة أن يتم اعتبار من يستخدم الاسم القبلي في جنوب إفريقيا علامة على رفعة الأخلاق. روليهلاهلا: هو الاسم الذي أطلق على مانديلا عند ولادته من قبل والده. ويعني باللهجة المحلية "قاطع الأغصان من الشجرة"، ويعني أيضًا على سبيل الدارجة "مثير المشاكل". نلسون: هو الاسم الذي أطلق عليه في يومه الأول في المدرسة من قبل مدرسته السيدة مدينجاني. وكان إطلاق أسماء إنجليزية على الأطفال الأفارقة عادة يتبعها الأفريكانز لتسهيل مناداة السود على المستعمرين البريطانيين. وليس معروفًا السبب الذي دفع السيدة مدينجاني إلى اختيار هذا الاسم. تاتا: هو اسم قبلي أيضًا يعني "الأب"، وهو من أكثر الأسماء المحببة لدى الجنوب أفريقيين. والكثيرون ينادونه بهذا الاسم بصرف النظر عن أعمارهم. كهولو: ينادي الكثيرون أيضًا مانديلا باسم "كهولو" والذي يعني "العظيم" و"الكبير"، وهو تصغير لاسم قبلي هو "أوباوومكهولو" الذي يعني "الجد". داليبهونجا: هذا هو الاسم الذي أطلق على مانديلا عندما بلغ سن 16 عامًا. وجرت العادة أن يقام طقس احتفالي عندما يبلغ الطفل هذا العمر في قبيلة مانديلا في علامة على النضج. ويعني الاسم "مؤسس المجلس" أو "قائد الحوار"، وكثيرًا ما يستخدم الاسم عند تحية مانديلا حيث تسمع الحشود وهي تهتف "آه داليبهونجا". كما عرف مانديلا بأسماء أخرى من ضمنها "الطفل الكبير" و"الجد" و"الأب الكبير"، فيما تناديه زوجته جراسا ماشيل، عقيلة الزعيم الآخر الراحل سامورا ماشيل، باسم "بابا".