أعلنت الطبيعة غضبها علي البشر.. وغضب الطبيعة قاس يقف العالم أمامه عاجزاً رغم الامكانات الهائلة التي تتمتع بها بعض الدول المتقدمة.. والطبيعة لا تقسو الا علي من يقسوعليها.. وما اقترفته يد الانسان ضد الطبيعة كثير تتمثل في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الي الغلاف الجوي مسببا ما يطلق عليه العلماء تغير المناخ. وفي هذه الايام يلتقي ممثلو أكثر من 291 دولة في وارسو عاصمة بولندا لبحث امكانية التوصل إلي اتفاقية جديدة للتغير المناخي ينضم إليها كل دول العالم وعلي رأسها أمريكا التي لم تصدق علي بروتوكول كيوتو لتغير المناخ بزعم أن عددا من الدول بازغة النمو يزداد حجم ابنعاثاتها سنويا بنسبة كبيرة إلي الغلاف الجوي وعلي رأسها الصين والهند.. وعلي مدي سنوات طويلة فشلت دول العالم في التوصل الي صيغة مقبولة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المعبر عنها بأكثر هذه الغازات ضرراً وهو ثان أكسيد الكربون الي الغلاف الجوي.. وكانت هوة الخلافات واسعة بين الدول النامية والدول المتقدمة مما أدي إلي فشل كل المؤتمرات في التوصل إلي اتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو. وفي الوقت الذي تزداد فيه حدة الخلافات بين الشمال والجنوب في قضية الحد من انبعاثات غازات الاحترار الكوني نري الطبيعة تدق جرس انذار قوي للمجتمعين في وارسو محذرة من عواقب الخلافات وعدم التحرك بقوة نحوالحد من الانبعاثات.. فنري اعصار هايان الذي ضرب الفلبين ليقتل أكثر من عشرة آلاف شخص ويصيب 81 الفاً.. وما زاد أكثر من 0051 شخص في عداد المفقودين.. وقد عزل الاعصار القوي جزراً كثيرة بالفلبين. وأمتد الخطر الي الولاياتالمتحدةالامريكية حيث ضربت الاعاصير والعواصف الرعدية 7 ولايات في وسط وغرب امريكا وأدت الي انقطاع الكهرباء عن عشرات الآلاف من المنازل.. واقتلاع الاشجار واضطراب حركة الملاحة الجوية.. وادت الي قتل 61 شخصاً واصابة العشرات حتي مساء الاثنين الماضي.. وقد حذرت هيئة الارصاد الجوية الامريكية من مخاطر جديدة بعد تلقي تقارير عن حدوث 08 عاصفة ورياح مدمرة.. وقد وصفت هيئة الارصاد الجوية هذه الاعاصير والعواصف الرعدية بانها خطيرة جداً. ولم تكتفي الطبيعة بذلك بل ان الفيضانات المدمرة أغرقت وسط فيتنام وبلغ عدد الضحايا أكثر من 63 شخصاً.. كما هاجمت العواصف الثلجية شمال شرق الصين. ومنذ اسبوعين اندلعت حرائق الغابات بفعل الجفاف لتدمر مساحات ضخمة من هذه الغابات في استراليا.. ويهدد الجفاف والتصحر عدداً كبيراً من الدول في أفريقيا ويهدد الغرق العديد من الدول الجزرية مثل المالديف وبروناي ومنطقة دلتا النيل شمال مصر. وكل هذه الظواهر المدمرة هي نتائج تغيرات المناخ المتسبب فيها الانسان الذي لا يتورع عن تخريب الكون في سبيل تحقيق التنمية الصناعية والرفاهية.. وينسي أنه في نفس الوقت قد يتعرض للتدمير والخراب نتيجة اساءاته المتكررة للكون وللطبيعة. وأنني اطالب المجتمعين في وارسو حالياً أن ينحوا خلافاتهم جانبا ليصلوا الي حلول وسط تتيح للعالم شماله وجنوبه خفض انبعاثاته.. وأن تفي الدول المتقدمة بما وعدت به الدول النامية من نقل للتكنولوجيا والمساعدات الفنية والمالية للحد من انبعاثاتها تكفيراً عما أحدثته لمناخ الكون منذ اندلاع ثورتها الصناعية وحتي الآن.. فالجميع في مركب واحد إذا نجت ستنجو بالجميع وإذا غرقت فسيهلك الجميع وليدرك المتفاوضون اننا لا نملك كوناً آخر نعيش فيه.. ولا كوكبا آخر غير الارض التي ندمرها بافسادها وبخلافاتنا المستمرة. كلمات حرة مباشرة: »ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ« صدق الله العظيم