في الوقت الذي تشتد فيه احداث المعركة الانتخابية يوما عن يوم بين الحزب الوطني الديمقراطي من جهة والاحزاب والقوي السياسية الاخري للفوز باصوات الناخبين، طرح كل هؤلاء ومعهم جماعة »الاخوان المسلمين« برامج انتخابية تعكس رؤيته المستقبلية للاصلاح في مصر في كل مناحيه، ومروجة بذلك لمرشحيها باعتبارهم الاصلح لتنفيذ هذه البرامج.. ومن المضحك أو المبكي ان برامجهم لم تعد برامج بل رشاوي مستترة تباينت في هذه الدورة التي تعد الاكثر صعوبة في تاريخ مصر ما بين توفير الطماطم للجمهور بسعر رخيص إلي توزيع اللحوم متجاهلين ان البرنامج »خطة عمل واستراتيجية طويلة الامد« تتعدي الاحداث الآنية ولا تتدغدغ مشاعر وبطون البسطاء. وقد عن لي ان ادرس برامج هذه الاحزاب والقوي في قطاع الصحة بالذات لانه القطاع المؤثر في كل بيت والذي يحظي بالاهتمام الاكبر عند الناخبين.. وليتني ما فعلت ذلك. ففيما عدا برنامج الوطني في قطاع الصحة فكل برامج الاحزاب خاصة برنامج حزب »الوفد« برامج تعيسة تدعو إلي الاستغراب ويكفي ان مقدم البرنامج غني في اخر اللقاء اي والله اغنية سيد درويش »قوم يا مصري مصر دايما بتناديك«. كأننا في مسرحية استعراضية، كاشفا بتلك الاغنية دون ان يدري الحنين إلي الماضي لان المستقبل عندهم لا وجود له. ولنأخذ عنصرا واحدا من عناصر برنامج الوطني في مجال الرعاية الصحية وهو الانتهاء من تطبيق نظام التأمين الصحي الاجتماعي الجديد في 3 محافظات كمرحلة اولي يشمل 5.7 مليون مستفيد مع اضافة 5.7 مليون مستفيد اخرين من خدمات التأمين الصحي الحالي لحين الانتهاء من دمج النظامين معا والانتهاء من تطوير جميع وحدات الرعاية الاساسية من خلال تطبيق نظام طبيب الاسرة والتوسع في رفع جودة خدمات الرعاية الصحية والوقائية.. والاستمرار في سياسة تسعير الدواء علي النحو الذي يحقق التوازن بين تكلفة الانتاج واحتياجات المجتمع.. وكما نلاحظ فان عناصره واضحة ساطعة ومفهومة فماذا يقول برنامج الوفد؟ يقول بالنص »يبدي الوفد القلق نتيجة انخفاض نسبة تغطية التأمين الصحي الاجتماعي، حيث يشمل اقل من نصف السكان فقط، ولا يغطي فئات كبيرة من المجتمع مثل الفلاحين وربات المنازل والعمالة غير المنتظمة وغير العاملين وممن لا يتوفر لهم مصادر دخل ثابتة«. كلام مرسل فيه نقد وهدم ولابدائل فيه في مقابل وضوح وتحديد وتعهد بالتنفيذ في برنامج الحزب الوطني. يقول برنامج الوفد وليتني ما قرأته يري الوفد ضرورة احداث اعلي درجات التنسيق والترابط بين عناصر المنظومة الوطنية للخدمات الصحية وتحقيق التكامل بين عناصرها سواء الاجهزة الحكومية المختصة بالتخطيط والتنظيم والرقابة أو مقدمي الخدمات الصحية من افراد ومؤسسات في القطاعين العام والخاص.. لا ادري ماذا يريد ان يقول وادعو من فهم منه شيئا ان يدلني عليه. يقول البرنامج ايضا »واخطر تلك السلبيات يقصد سلبيات السياسة الصحية التي تقوم بها الدولة عدم التمييز بين الاغنياء والفقراء في تقديم الدعم الصحي فيتحمل الفقراء عبئا ماديا يفوق نسبيا ما يتحمله الاغنياء. والواقع ان من كتب هذا انكر واقعا يعيشه الناخب من سياسات العلاج علي نفقة الدولة والمليارات التي خصصت لذلك لتغطي شريحة الفقراء اساسا، وايضا القوافل العلاجية التي تقوم بها وزارة الصحة وبانتظام تذهب إلي المواطن في المكان الذي يعيش فيه ولا يتجشم حتي عناء الذهاب إلي المستشفي وهو شيء اقرب إلي ال »هوم دليفري« وهي الطريقة التي يستخدمها الاغنياء عند طلب الاكل..! ومن كتب ذلك ينكر ايضا حملات التطعيم الدورية المجانية ونظام التغذية المجانية في المدارس في المناطق الريفية ونظام الكشف المبكر عن اورام الثدي تحت رعاية السيدة الاولي وسياسة انشاء معهد للاورام في كل محافظة لعلاج المواطن الفقير خصوصا في الصعيد ونظام صرف علاج الانترفيرون الغالي جدا في سعره لعلاج مرضي الالتهاب الكبدي من نوع سي يصرف مجانا لمن يطلبه من المرضي. ورد ايضا في برنامج ا لوفد ما نصه »يريد الوفد ان يتم تطوير النظام الحالي للتأمين الصحي بدمجه في قانون التأمين الاجتماعي مما يحقق التنسيق والتكامل بين النوعين من التأمين ويجعل الرعاية والخدمات الصحية عنصرا اساسيا في منظومة الرعاية الاجتماعية المتكاملة للمواطن، علي ان يكون التأمين الصحي الاجتماعي الزاميا لجميع الخاضعين لقانون التأمين الاجتماعي الحالي من العاملين في الحكومة وقطاع الاعمال العام والقطاع الخاص فضلا عن الفئات من غير العاملين مثل الطلاب وربات المنازل وغيرهم من الفئات الذين يري الوفد ضرورة ضمهم للاستفادة من نظام التأمين الصحي الاجتماعي وتلافي اوجه القصور الحالية. واعتقد ان من كتبه لم يقرأ مشروع التأمين الصحي الجديد الذي اعدته حكومة الحزب الوطني والذي سيقدم في الدورة القادمة لمجلس الشعب اللي بعد اسابيع.. فالمطلوب في برنامج الوفد »كأمنيات« اعده الوطني »كواقع« سيعيشه المرضي بعد اسابيع وبالمناسبة هذا المشروع يضارع مثيله الامريكي والذي يتباهي به الرئيس اوباما وحزبه. مستقبل الصحة في مصر يدعو إلي التفاؤل ويبدو اننا في طريق واضح هدفه في النهاية الا تكون التنمية الناجحة التي تعيشها مصر بسياسة الحزب الوطني.. ألا تكن هذه النهضة اقتصادية فقط والتي وصلت بمعدل النمو الي 7٪ بل ستكن النهضة اجتماعية تعليمية.. وصحية ايضا. كاتب المقال : استاذ بطب القاهرة وامين المهنيين بالجيزة