لا اتحدث في هذا المقال عن نوع جديد من الصواريخأ و القنابل أو قذائف الاعماق التي تستخدم في العمليات الحربية بين الجيوش، ولكن ما أقصده »بقذائف المرور« هو مجرد استعارة لوصف حقيقة غير استعارية أو خيالية، ولكن مع كل الأسف هذا ما يحدث ونشاهده جميعا عندما نقوم بقيادة السيارة في أي طريق سريع أو عندما تكون السيارات أقل كثافة في أي شارع وهنا ينتاب عدد كبير من السائقين حالة من القيادة المتهورة الي اقصي درجة متصورة، فتري ماركات السيارات المتعددة تعلن عن وجودها وهي تمر »كطائرات الشبح« أو صواريخ سكود أو باتريوت أو قذائف البازوكا.. فتستشعر لفحة الهواء وموجاته التي تهز سيارتك عندما تكون مسافة »القذيفة المرورية«مجرد عشرة سنتيمترات منك، ثم تتابع بعد ذلك »القذيفة المرورية« وكأنها من أسلحة الدمار الذكية أو الغبية هناك وهي تتحرك بين السيارات التي تراها علي مرمي البصر، فتجدها تتحرك يمينا ويسارا بتلك السرعة الصاروخية وتكاد تصطدام في أي وقت بهذه السيارة أو تلك. ومع الأسف حين يحدث مثل ذلك الاصطدم فإن الحادثة تكون اصطدام خمسة أو عشرة أو عشرين سيارة في لحظة تعيسة واحدة وتكون الخسائر فادحة كما حدث من ذلك الشاب الذي حول سيارته الي »قذيفة مرورية« في لحظة رعونة وانفلات فقتلت اكثر من 21 فردا كانوا ينتظرون في أمان ووداعة في احدي محطات الاوتوبيس، لقد شعرت بالصدمة والحزن لما ألم بأصدقاء، واقارب داهمتهم مثل هذه »القذائف المرورية« أو اشكال اخري من حالة الرعونة والانفلات في القيادة، الدكتور أحمد العزبي الزميل العزيز يفقد ابنته في حادث في طريق المنصورة ويصاب اصابات بالغة وخطرة، لايزال يعالج منها شفاه الله وعافاه، والدكتور محمد منير بالمنطقة العربية التابعة لجامعة الدول العربية وهو من الاقرباء يستشهد في طريق السويس رحمه الله ويأتي بعده ابن استاذ الفلسفة المعروف د. محمد مهران ليفقد حياته في طريق السويس كذلك - رحمه الله - ونقرأ ان السيد وزير الداخلية حبيب العادلي ينعي ثلاثة ضباط استشهدوا في حادث طريق - رحم الله الجميع - ومؤخرا نسمع ان سائق اتوبيس سياحي مخالف يتسبب في مقتل تسعة من السائحين ويصيب عددا كبيرا الامر الذي يضطر معه محافظ البحر الاحمر الي ايقاف عمل الشركة المسئولة عن الحادث بسبب الاهمال والتسيب الذي افضي الي موت هذا العدد الكبير من ضيوف مصر من السائحين، ولهذا الموضوع عن كل انواع »القذائف المرورية« عودة في مقالات تفصيلية اخري مستقبلا، ولكن وبعد ان وصلت الخسائر في الارواح في الحوادث المرورية الي ارقام تقدر بالآلاف وكأننا في حالة حرب، بل اننا سنجد انه من المذهل ان خسائرنا في سنين حروب تحرير سيناء سواء في حرب الاستنزاف أو في عملية العبور العظيمة في اكتوبر رمضان 3791 لا تقارن نهائيا بحجم الخسائر التي ندفع من خلالها ثمنا باهظا من أرواح المواطنين والكوادر المتخصصة في حوادث الطرق باعداد سأظهرها بعد الرجوع الي الاحصائيات الرسمية، إلا انها اصبحت بالآلاف من الضحايا الذين لا يقدرون بمال. بالاضافة الي خسائر مادية تقدر بالملايين والسؤال الملح الذي قد يتبادر لدي القاريء العزيز هنا وما علاقة امر القذائف المرورية بما جاء في العنوان عن »تحدي التواصل عبر الثقافات«؟! الاجابة تحتاج الي تفاصيل وقصص سأعود اليها مستقبلا - ان شاء الله - إلا ان الاجابة الاولية تتمثل في زاوية بعينها في ان من يلتزمون بأداب وثقافة المرور وقواعده وقوانينه بحاجة الي ان يطالبوا بوقفة حاسمة مع المنتمين لثقافة الانفلات والتسيب والرعونة والذين يتسببون اليوم ليس في ترويع الآمنين والمنضبطين بل في قتلهم والامر بحاجة الي حوار وإلي وساطة تتمثل في تفعيل قوانين ضبط المرور وحسم من ينبغي ان يطبقوها بكل جدية لوقف ما اسميه »بحرب القذائف المرورية«.. وللموضوع مقالات تفصيلية أخري في وقت لاحق والله ولي التوفيق وهو وحده المستعان.