فوزى مخيمر يزخر تاريخ البطولات المصرية بنماذج فريدة ضحوا بأرواحهم ثأرا لكرامة بلدهم ومن أجل عزته واستعادة كرامته. وتكشف لنا الايام أن حرب تحرير سيناء وقطع اليد الطولي للجيش الاسرائيلي، وحرب الاستنزاف ثم حرب الكرامة في السادس من اكتوبر عام 1973م كانت بدايتها بعد ساعات وفي نفس يوم الضربة الجوية الاسرائيلية لمطاراتنا صبيحة الخامس من يونيو 1967م، حيث انطلق من مطار غرب القاهرة في الخامسة مساء سرب من طائرات السوخوي الي سيناء بقيادة رائد طيار احمد ابراهيم فهمي، واستمرت الطلعات الجوية الانتحارية حتي التاسع من يونيو، حيث أسقطت طائرته وهبط بالباراشوت في منطقة رمانه، وعاد باقي السرب الي قواعده سالما. وكان الطيار احمد فهمي قد قام بقيادة السرب في جولات استطلاعية يوم الرابع من يونيو 1967م، وصور مواقع ومطارات اسرائيل العسكرية، وبمجرد عودته من المهمة قدم عرضا للموقف في سيناء والحدود مع العدو لقادته وبحضور الرئيس جمال عبد الناصر، وأبدي استعداده ورفاقه للعودة فورا لضرب هذه الاهداف، وكان الرد عليه سوف نرسل لك الامر صباحا. صبيحة الخامس من يونيو كان الرائد طيار احمد فهمي يؤدي امتحان السنة الثالثة بحقوق القاهرة، وهناك سمع عن الضربة الجوية للمطارات المصرية، غادر قاعة الامتحانات الي أحد الاماكن بالهرم، حيث تجمع عدد من الطيارين هناك ومنه الي مطار غرب القاهرة، وخلال الفترة من الخامس من يونيو وحتي التاسع منه أدي 38 طلعة جوية قائدا لاحد اسراب الطيران المصري فوق سيناء، وفي مساء التاسع من يونيو استهدفت طائرته من قبل العدو، فنصحه رفاق السرب بعد ضرب طائرته بالهبوط بالباراشوت في منطقة رمانه، وعاد السرب بدون قائده، وأبلغ الرفاق قيادتهم فور عودتهم، وأهله بما جري في اليوم التالي.. هبط مصابا جريحا بصحراء سيناء، احتضنه ابناء سيناء وحملوه الي مستشفي العريش، الا ان الاسرائيليين رصدوا هبوطه وانتقاله الي المستشفي، فهاجموا المستشفي بحثا عنه لاسره، لكن العرايشيه هربوه الي بيوتهم، والي هنا انقطعت المعلومات عن الطيار احمد فهمي، وسعي والده المهندس ابراهيم فهمي سعيا حثيثا ومضنيا وانفق الكثير من الاموال لتتبعه ومعرفة أحواله من خلال عرب سيناء وغيرهم، ولكن كل هذه الجهود باءت بعدم التوفيق، وبعد اربع سنوات فقدان اعتبر شهيدا وأبلغت القوات الجوية اسرته رسميا باعتباره شهيدا ومنحته نجمة الشرف العسكرية. رحم الله الشهيد المقدام رائد طيار احمد فهمي، نموذجا مشرفا للتضحية والفداء.