ظهر موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس علي الهواء مباشرة وكأن شيئا لم يحدث فقد بدا هادئا وهو يدافع عن حركة حماس حتي تخيلت ان اعضاء هذه الحركة من سلالة المدينة الفاضلة، أبرياء من كل شيء فليسوا هم من اقتحموا السجون اثناء ثورة يناير، وليسوا هم من قاموا باستعراض القوة بالاسلحة رافعين ايديهم ذات الاربعة صوابع رغم أن الانسان خلق بخمسة، وليسوا هم من قاموا بالمظاهرات الحاشدة في قطاع غزة عقب رحيل حكم الإخوان مرددين الهتافات المناهضة ضد الجيش المصري الذي كان علي مر العصور سببا في بقائهم حتي الآن. وليس هو ابو مرزوق نفسه الذي جلس بجوار نقيب الصحفيين المصريين ضياء رشوان في احدي الندوات في نقابة الصحفيين ليزف له بشري مقتل الثلاثة ضباط المصريين ومكان دفنهم، عرض البرنامج علي ابو مرزوق كل هذه المشاهد من مظاهرات واستعراضات وفي نهاية كل مشهد كان يحاول ان يقنعنا ان كل هذه المشاهد في كوالالمبور وبما أنها في كوالالمبور الا أنها تتوقف في الثانية التي يعلن فيها الشعب أنه طلع عيل ويأمر بعودة الإخوان. بلتاجيكو في كل رحلة من عشرات الرحلات التي اقوم بها الي مسقط رأسي في قنا كنت في كل مرة أتمني الا اعود الي القاهرة مرة أخري ولكن في النهاية اتذكر ان الامر ليس بيدي فإنني لست في اجازة مفتوحة، فليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وأعود ادراجي حاملاً همومي واثقالي إلي أم الدنيا لعل اضواءها التي بهرتني منذ ثلاثين عاماً تظهر مرة أخري. ارتباطي بمسقط رأسي إلي الآن جعل العام رغم المسافة الطويلة تتخلله رحلتان طويلتان وهما رحلتا الشتاء والصيف وما بينهما من عدد من الرحلات الاستثنائية الكثيرة، فأنت لا تستطيع ان تترك فرحاً أو ترحا وإلا واجهت ابوازا (جمع بوز) ممدودة في رحلاتك العادية، أبواز قد تمتد بطولها الي القاهرة، ولكن الرحلة الاخيرة التي كانت من الرحلات الاستثنائية فبخلاف الهدف منها فقد طغت السياسة علي جانب كبير منها بعد ان اقتحمت هذه السياسة عقول جميع الاعمار، المناقشات الساخنة طوال اليوم كل طرف يحاول ان يبدي وجهة نظره، والبعض الآخر يوضح فلسفته تجاه موضوع الساعة، كل ذلك داخل الحجرة المغلقة فالفرق بين صخب العاصمة والقرية شاسع فصخب العاصمة وحواراتها ونقاشاتها تمتد الي الشارع والاوتوبيس والقطار ولاتترك حتي بيرالسلم أو الحمام، اما صخب القرية فهو يجري داخل الغرف المغلقة وهو الذي استقبلني خلال هذه الرحلة، فوسط هذا الصخب الدائر بين تلك المجموعات التي اتخذت من حوائط الحجرة مساند لها فجأة خيم الصمت علي المكان لتحملق العيون صوب الشاشة الصغيرة التي تتوسط هذا المكان ووسط مشاعر متفاوتة استقبل الحاضرون نبأ القبض علي محمد البلتاجي القيادي البارز في جماعة الإخوان، فأنا لا أعلم لماذا كان هارباً طوال هذه الفترة ألم يكفه ما بذله من مجهود واضح خلال اعتصام رابعة العدوية ليستنزف ما تبقي له من جهد في الهروب، اما كان له ان يوفر ما تبقي له من مجهود ويقوم بتسليم نفسه هو وبقية جماعته الي السلطات خاصة انه يعلم أنه ممسوك، ممسوك، ممسوك.