كم ارجو ان تدرك الحكومة بحق خطورة أوضاع قاهرة المعز التي تواجه تخمة سكانية يرتبط بها تصاعد وتفاقم في المشاكل. ان السكوت واستخدام اسلوب عدم المبالاة في التعامل مع هذه المشاكل ينذر بكارثة لا يعلم أبعادها إلا الله. ان ما تعاني منه العاصمة يتركز في عدد من القضايا الاساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي: استمرار سيل الهجرة اليها من الريف خاصة من الصعيد نتيجة سوء توزيع مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. تحميل المرافق بأعباء اصبحت تهددها بالشلل التام. ارتفاع معدلات الضغوط علي الشوارع الي الدرجة التي تجعلها غير قادرة علي استيعاب حركة المرور التي تتضاعف تعقيداتها يوما بعد يوم نتيجة الزيادة المتواصلة في عدد السيارات. المغالاة في استهلاك الكهرباء وهو ما يمثل ضغطا متزايدا علي محطات توليد الطاقة رغم ما تم وما يتم من اضافات لزيادة انتاجها. العجز عن ايجاد حلول عاجلة للعشوائيات التي تتوالد لتتحول الي حزام من الاخطار يحاصر كل احياء القاهرة مما يمثل برميلا من البارود قابلا للانفجار في أي لحظة. بالطبع فانه لا يمكن ايجاد حل لكل هذه المشاكل مرة واحدة علي اساس استحالة تخصيص التمويل اللازم حتي لو تحققت المعجزة وتوافرت الاعتمادات المالية اللازمة. فإن تشتت الجهود في مواجهة هذه المشاكل سوف يؤدي الي عدم التوصل الي حلول لأي منها. انطلاقا من هذا الواقع وتجنبا للمزيد من التداعيات الكارثية فإن الوسيلة الوحيدة لنجاح المواجهة هو التركيز علي دراسة كل مشكلة علي حدة والتحرك لحلها باسرع ما يمكن بتسخير كل الامكانات المتاحة ليتم الانتقال بعد ذلك الي مشكلة اخري. لا جدال ان عدم تركيز الجهود يترتب عليه فقدان قيمتها وعدم الحصول علي أي ناتج مؤثر من وراء بذلها. مطلوب في هذه الحالة مخطط استراتيجي يحدد المشاكل وطبيعتها وما تحتاج اليه من اجل القضاء عليها. لابد من الاعتماد علي العلم والخبرة وتجارب من سبقونا في تحقيق هذا الهدف بعيدا عن الفهلوة والاجتهادات التي تفتقد لإمكانات العطاء المثمر. شيء طيب ان تكون مشاكل العاصمة المستشرية محور اهتمام الحكومة برئاسة الدكتور احمد نظيف وان تكون هناك رؤية مستقبلية للتحرك وفقا لما نشرته الصحف. ان ما يسعدنا ان يتم الاعلان عن أن الهدف من هذه المبادرة هو استعادة المدينة لمكانتها كعاصمة للتراث الانساني التاريخي العالمي وبما له من رونق معماري فريد اضافة الي زيادة الرقعة الخضراء التي تقلصت وتحولت الي جبال من الخرسانة المسلحة التي تخنق الهواء والحياة. ورغم الترحيب بما عرضه المهندس احمد المغربي وزير الاسكان والتنمية العمرانية من مشروعات تخطيطية الا ان ما يجب ان يقال هو اننا شبعنا من الحديث والتصريحات طوال السنوات الماضية حول مثل هذه المشروعات التي سرعان ما يصيبها الجمود والنسيان بعد فترة. ليس ادل علي هذه الحقيقة من الضجة التي اثيرت منذ سنوات حول عملية تطوير منطقة مطار امبابة التي تعد جزءا من القاهرة الكبري وتم الغاؤه ولم يشهد الحياة حتي الآن بسبب المشاكل التي عطلت التنفيذ . من السهل جدا ان نضع هذه المشاريع التخطيطية التي تجعلنا نعيش في الخيال ولكن المهم هو ان يكون هناك جدول زمني لكل مشروع يضمن ان يصبح واقعا وحقيقة. يا فرحتي ان نتحدث عن العديد من المشروعات ولكنها فرحة بلا قيمة اذا لم تكن لدينا القدرة علي التنفيذ. لا مانع من ان يكون هناك مخطط عام للمستقبل ولكن علينا ان نحدد مشروعا واحدا تتركز لخدمته كل الجهود بما يضمن سرعة انجازه ليتم الانتقال بعد ذلك الي مشروع اخر حتي يشعر المواطنون بأن ما يقال ليس كلاما في الهواء.