خطوة مهمة.. أن تواصل المذيعة دراساتها العليا لتطوير ورفع مستوي الأداء المهني في عملها اليومي الأربعاء: »دور برامج الرأي بقناة مصر الإخبارية في تكوين المعرفة عن القضايا العامة لدي الجمهور المصري«. هذا هو عنوان رسالة الماجستير المقدمة من الباحثة والمذيعة التليفزيونية »ياسمين سعيد«. وقد حرصت علي حضور مناقشة هذه الرسالة لثلاثة أسباب: - الأول: أن الموضوع يهمني بصورة مباشرة، لأنني أشارك، من وقت لآخر، في برامج الرأي بقناة مصر الإخبارية - قناة النيل للأخبار - وغيرها، وأود أن أعرف المزيد عن مدي تأثر المشاهدين بهذه البرامج واقتناعهم بجدواها وأهميتها. - الثاني: أنني منذ وقت طويل.. لم أجد مذيعة تليفزيونية تهتم بالقيام بدراسات عليا وأبحاث عميقة تتصل بصميم المهنة التي تمارسها بالفعل، في محاولة من جانبها لتحصيل المزيد من المعارف الإضافية والجديدة بهدف تطوير ورفع مستوي الأداء المهني في عملها اليومي، وهو ما فعلته ياسمين سعيد، رغم صعوبة الجمع بين الدراسة والعمل الذي لا ينقطع. - الثالث: أنني منذ وقت طويل مقتنع بأنه لو توافر المزيد من الإمكانيات المالية لقناة مصر الإخبارية.. فإنها يمكن أن تنافس أقوي القنوات الفضائية العربية وتتفوق عليها، بفضل مجموعة من الشبان والشابات المتميزين الذين يعملون بها، ولو كنت مكان وزير الإعلام والمسئولين عن التليفزيون لضاعفت ميزانية هذه القناة عدة مرات للحصول علي نتائج مثمرة وتمكين القناة من منافسة.. مضمون نجاحها فيها. اختيار موضوع الرسالة كان موفقاً، في تقديري نظراً للأهمية التي اكتسبتها برامج الرأي في السنوات الأخيرة في ظل أجواء أفضل من حرية التعبير والتعددية في الرأي والاتجاهات والأحزاب. وترجع أهمية هذه الرسالة العلمية إلي ندرة الدراسات حول برامج الرأي، رغم أن هذه الدراسات يمكن أن تكون مدخلاً لتطوير هذه البرامج التي أصبحت محور اهتمام الرأي العام. والحاصل أن متابعة الأخبار لم تعد تمثل مشكلة بالنسبة للمواطن المصري في عصر السماوات المفتوحة.. فنحن نعيش في زمن لا يمكن فيه إخفاء الأخبار أو التعتيم عليها، ولكن تعطش الجمهور يزداد، يوماً بعد يوم، لمعرفة الآراء المختلفة حول هذه الأخبار، وتقييمها وتحليلها من جميع جوانبها، واستكشاف أبعادها وانعكاساتها ودلالتها ومغزاها وتأثيرها علينا وعلي غيرنا، ونوعية علاقتها بأخبار وأحداث أخري، والسياق الذي توضع فيه...، وما هي النتائج التي يمكن أن تترتب عليها في المستقبل وتداعياتها. وتقييم برامج الرأي في القنوات التليفزيونية يتطلب معرفة نوع الموضوعات المطروحة ومدي ارتباطها بأحداث الساعة وما يشغل تفكير الناس في وقت بث هذه البرامج، وهل تنوعت وتعددت الآراء إزاء تلك الموضوعات أم اقتصرت المناقشة علي الاستماع إلي رأي واحد؟ وتقييم برامج الرأي يتطلب التعرف علي نوع المتحدثين من الضيوف وقدرتهم علي شرح كل ما يتعلق بالموضوع المطروح وإحاطته بكل تفاصيله إحاطة كاملة واستعداده للرد علي أي سؤال يتعلق بهذا الموضوع حتي لو كان مفاجئاً.. وكل ذلك بأسلوب بسيط يستطيع أي مشاهد أن يستوعبه بسهولة، وعلي قاعدة الاستقلالية في الرأي. وتقييم برامج الرأي يتطلب معرفة مدي قدرة مقدم البرنامج الذي يدير الحوار علي أن يستخلص من الضيف أفضل ما لديه من أفكار وتحليلات ومعلومات، من خلال أسئلة ذكية تحاول التوغل في أعماق الموضوع وخلفياته. ولو لم يكن مقدم البرنامج قد عكف علي دراسة موضوع المناقشة قبل أن يلتقي بالضيف ويلم بكل تفاصيله، فإنه لن يستطيع توجيه الأسئلة المناسبة التي تلقي الضوء علي هذا الموضوع، مما يترتب عليه ضعف الردود من جانب الضيف وتسطيح القضية - محور المناقشة - برمتها. وقد حرصت الباحثة »ياسمين سعيد« علي التعرف علي مدي اعتماد الجمهور المصري علي برامج الرأي، ولفت نظري، فيما يتعلق بتأثيرات هذه البرامج، بقناة مصر الإخبارية، أن نسبة تتجاوز 19٪ من المصريين يري أن برامج الرأي تجعله »يتعاطف مع الشعوب المقهورة«.. فياله من نجاح. ومن واقع تجربة الباحثة، فإنها توصي بتناول الموضوعات بحرية وجرأة أكبر في برامج الرأي، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي تمس الحكومة أو الدولة بشكل عام، وتخطي عدد أكبر من الخطوط الحمراء حتي تجذب المشاهد، إلي جانب التنوع في انتقاء الموضوعات، وبذل المزيد من الجهد في اختيار الضيوف والاهتمام بتقديم ضيوف معارضين، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المصرية المحلية الشائكة مع تطوير وسائل العرض والإيضاح والاستديوهات والعنصر البشري والتدقيق في مواعيد البث وحسن اختيار هذه المواعيد. توصيات في موضعها تماماً، وتحقق قفزة كبري إلي الأمام في برامج الرأي كانت لجنة مناقشة الرسالة تضم الدكتور بركات عبدالعزيز الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وماهيناز رمزي رئيس قسم علوم الاتصال والإعلام بجامعة عين شمس، والدكتورة دينا يحيي محمود الأستاذ المساعد بنفس القسم. وقال الدكتور بركات إن الباحثة عالجت الموضوع بكفاءة عالية، وإن البحث متماسك، ويتميز برصانة الأسلوب، واعتمد علي مصادر جديدة متنوعة عربية وأجنبية، وأشاد بالتزام الباحثة بالأمانة والانضباط العلمي. وأشارت الدكتورة دينا إلي أن الباحثة عرفت كيف تمزج بين البحث العلمي والقدرة العملية والتطبيقية. إنه فكر متطور في مناقشة الرسائل العلمية. وقررت اللجنة منح »ياسمين سعيد« درجة الماجستير بتقدير ممتاز بإجماع الآراء. شعرت، وأنا أغادر جامعة عين شمس.. بحنين غريب إلي أيام الدراسة والبحث والطموح العلمي. في وسط الكون الخميس: مع ثورة المعلومات وشبكة الانترنت والصحافة الالكترونية، دخلت حرية التعبير عصراً جديداً، فقد أصبح في استطاعة أي فرد في أي بقعة من بقاع العالم أن ينشئ له موقعاً عابراً للحدود والقارات والموانع. ومن لا يجد ناشراً لكتابه.. يضعه مباشرة علي الشبكة الالكترونية، ومن لا يستطيع نشر مقال.. فإنه ينقله مباشرة إلي القراء. الثورة المعلوماتية هي المرادف العصري لحرية التعبير ولحرية الفرد التي تتجاوز نوعية الأنظمة وقوانين الحكام. وبطبيعة الحال، فإنه مازال من الممكن مراقبة بعض المواقع، وحجب بعضها الآخر، والتشويش علي بعضها الثالث، لكن القدرة علي التواصل أصبحت عملياً في متناول أي شخص، ولا توجد عوائق مادية كبيرة سواء تكاليف الورق أو الطباعة أو الشحن أو المكاتب. ولا حواجز يضعها رقيب أو وصي.. فكل من يحمل جهاز كمبيوتر، ولديه موقع علي الشبكة، أصبح يتصرف وكأنه في وسط الكون، والعالم بأسره يدور من حوله، علي حد تعبير الكاتب اللبناني الدكتور جورج الراسي. وكنت أتمني أن أعرف رقماً معيناً الآن، ولكن الرقم المتاح في أوراقي مسجل في صباح يوم 92 ديسمبر عام 8002، ففي ذلك الصباح بلغ عدد مستخدمي الانترنت حول العالم مليارات و364 مليوناً و136 ألف مستخدم من بين سكان العالم البالغ عددهم 6 مليارات و676 مليوناً و021 ألفاً و882 شخصاً، في نفس ذلك الصباح، أي بنسبة 9.12 بالمائة من إجمالي سكان العالم، وهو رقم مذهل. وأتصور أن هذا الرقم يقترب من ملياري مستخدم! وجاء في دراسة لمؤسسة »آي. دي. سي« العالمية، المتخصصة في بحوث تكنولوجيا المعلومات، أن عدد صناديق البريد الالكتروني في العالم زاد من 352 مليوناً في عام 8991 إلي حوالي 6.1 مليار في عام 6002، ثم إلي أكثر من ملياري صندوق مع نهاية عام 7002. وتتوقع هذه الدراسة نمواً سنوياً قدره ستة أضعاف في حجم المعلومات من عام 9002 حتي عام 0102، كما أن حوالي 07 بالمائة من المعلومات الرقمية حول العالم سترد من قبل أفراد في هذا العام 0102، وغالبية هذا المحتوي سيمر عبر الانترنت. اللحاق بالعصر.. كيف؟ الجمعة: التقرير السنوي عن التنمية الثقافية في العالم العربي، الذي صدر في العام الماضي، لم يحرك ساكناً لدي العرب رغم أنه مر وقت كاف للإفاقة من الصدمة والتوجه إلي العمل لتلافي كوارث متوقعة. يكشف التقرير أن معدل الالتحاق بالتعليم في الدول العربية لا يتجاوز 8.12٪ بينما يصل في كوريا الجنوبية إلي 19٪ واستراليا 27٪ وإسرائيل 85٪، ويبلغ أعلي معدل لالتحاق الإناث بالتعليم في الإمارات »67٪« والبحرين 86٪ ولبنان 26٪، بينما في مصر 54٪ والسعودية 94٪ واليمن 52٪. وحول عدد الأساتذة في التعليم العالي ونسبتهم إلي عدد الطلاب، فإن متوسط النسبة في العالم العربي هي أستاذ جامعي لكل 42 طالباً، بينما في اليابان أستاذ جامعي لكل ثمانية طلاب فقط.. وفي الولاياتالمتحدة أستاذ جامعي لكل 31 طالباً. ويلاحظ التقرير ظاهرة الإقبال الملحوظ من جانب الطلاب العرب علي دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية بالمقارنة بدراسة العلوم التطبيقية والبحثية.. الأمر الذي يؤدي إلي خلل في عملية التنمية ونقص خطير في العلماء. ويتضح من الدراسة أن أعلي نسبة في العالم العربي للطلاب الذين يقبلون علي الإنسانيات والعلوم الاجتماعية توجد في.. مصر! والنسبة هي 97٪ من مجموع الملتحقين بالتعليم الجامعي. لا مجال لأي حديث عن اللحاق بالعصر وتحقيق تقدم علمي في بلادنا قبل تصحيح نسبة من يلتحقون بالتعليم، ومن يقبلون علي دراسة العلوم الحديثة والتكنولوجيا. المسافة.. طويلة السبت: وفقاً لقاعدة بيانات ضخمة، قام بإعدادها فريق بحثي عن مجموع الكتب التي نشرت في العالم العربي في عام 7002، وجاءت في الحصاد السنوي للعمل الثقافي العربي، نستطيع أن نعرف أن ذلك العام شهد صدور 72 ألفاً و908 كتب في جميع أنحاء الوطن العربي. ولا تمثل الكتب المنشورة في العلوم والمعارف المختلفة سوي 51 بالمائة من الرقم المذكور، بينما تصل نسبة الكتب المنشورة في الأدب والأديان والإنسانيات إلي 56٪. وهناك كتاب يصدر لكل 21 ألف مواطن عربي، بينما هناك كتاب لكل 005 انجليزي ولكل 009 ألماني، أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4٪ من معدل القراءة في بريطانيا! وثمة تقديرات لعدد المدونات العربية بحوالي 094 ألف مدونة، وهي نسبة لا تتعدي 7.0٪ من مجموع المدونات علي النطاق العالمي. ويوجد في مصر وحدها 261 ألف مدونة »حتي العام الماضي« وهو ما يشكل نسبة 13٪ من مجموع المدونات العربية، ولكن المشكلة هي دوافع استخدام الانترنت لدي المواطن العربي. فالمؤسف أن دافع »الترفيه« يمثل 64٪»!« بينما دافع البحث عن المعلومات يمثل 62٪. ويبلغ عدد المواقع العربية المسجلة علي الانترنت 714 ألفاً و54 موقعاً - وفقاً لإحصائية عام 7002 - ولا يشكل هذا العدد سوي نسبة 620.0٪ من مجموع عدد المواقع العالمية في تلك السنة، التي سجلت فيها الإمارات أعلي معدل لنسبة استخدام الانترنت إلي عدد السكان علي النطاق العربي »33٪« تليها قطر 62٪ ثم السعودية 11٪ بينما في كل من مصر وسوريا 7٪. عدد الفضائيات العربية الآن حوالي ستمائة، وعندما كان العدد لايزال 284 قناة.. كانت القنوات الدينية تمثل نسبة 91٪ وقنوات الأغاني 81٪، أما قنوات الأدب والثقافة فلم تكن تتجاوز نسبة 8.4٪»!«. المسافة مازالت طويلة أمام العالم العربي للوصول إلي معايير وتوصيفات الحداثة وانتهاج طريق الثورة الرقمية والمعلوماتية والتكنولوجية وثورة الاتصالات. احترام وقت العمل الأحد: ستة مجالس بلدية في بريطانيا - علي الأقل - تطلب من موظفيها أن يؤدوا أوقات عمل إضافية لتعويض الوقت الذي يستغرقونه في التدخين خلال ساعات العمل. ومنذ تطبيق قرار حظر التدخين في الأماكن العامة بانجلترا وويلز عام 7002، أصبح كل من يريد أن يدخن يجب أن يغادر موقعه في العمل لكي يدخن بعيداً.. في الخارج، بشرط أن يسجل وقت خروجه ووقت عودته كلما ذهب للتدخين! أي احتساب وقت التدخين من غير أوقات العمل. العاملون من غير المدخنين ساخطون.. فهم قابعون علي مكاتبهم.. بينما يقوم زملاؤهم من المدخنين بترك مكاتبهم مرة بعد أخري والذهاب إلي خارج المبني، ويقولون إن أولئك الذين يريدون أن يدخنوا عليهم أن يفعلوا ذلك في وقت فراغهم وخارج أوقات العمل الرسمية. والعاملون من المدخنين يقولون إن غير المدخنين يستخدمون الانترنت والفيس بوك ويتركون عملهم لتناول فنجان قهوة.. فلماذا لا يتم حساب الوقت الضائع في كل تلك الأنشطة بينما يخضعون - هم - للحساب؟ يبدو أن الاتجاه العام هو حث الموظفين علي مراعاة متطلبات الذوق العام. ولكن أهمية هذا الجدل تكمن في مدي الحرص علي عدم إهدار دقيقة واحدة من أوقات العمل. أما في بلادنا.. فإن إهدار وقت العمل هو.. القاعدة.. والعمل هو الاستثناء!!