إذا أردتم أن تعرفوا ان كنا نعيش في " دولة " بمعني الدولة ، أو نعيش في "اللادولة " ، انصح من له حساب علي " فيس بوك " ان يدخل علي جروب " صور قديمة من مصر " ليري بأم عينه وملء احساسه ، مصر التي كانت دولة ، ومصر التي اصبحت في خبر كان! بالأمس ، وانا في طريقي لمحطة مترو عبد الناصر ، شاهدت مجموعة من الشباب يحفرون في الاسفلت علي بعد مسافة متر ونصف ، ليزرعوا قواعد من المواسير علي مسافات متساوية ، تحولت إلي " تندات " مغطاة بالقماش تحتها الاستاندات التي يعرضون من خلالها الملابس المستعملة انتقلت العدوي لشارع 26 يوليو من أسفل كوبري اكتوبر حتي وكالة البلح ، جهارا نهارا، في الشارع الذي اصبح لا يسع إلا لسيارة واحدة تتحرك بسرعة السلحفاة، مع مغيب الشمس تطالعك اللمبات الكبيرة المدلاة من اسقف التندات، واذا سرت ببصرك مع الاسلاك التي تشكل غابة متشابكة في المسار فستجد اطرافها تنتهي عند اسلاك رئيسية خارجة من بطن أعمدة الانارة ، أو من صناديق توزيع خطوط الكهرباء ، وسلملي علي شرطة المرافق ، ومباحث الكهرباء، وحكومة " اللادولة " التي تقطع عنا الكهرباء تخفيفا للأحمال وعينها بعيد عنكم صابها العمي عن لصوص سرقة التيار، استدرجت أحد هؤلاء الباعة الذين امتدوا بالاحتلال إلي حدود معهد الموسيقي العربية ، فعلمت ان حصولهم علي التيار من أعمدة الانارة وصناديق توزيع الكهرباء مدفوع الثمن لمعدومي الضمير ! تلك هي اللادولة التي بلا هيبة لغياب سيادة القانون ، وانتهاك احكام القضاء ، فيفعل من يشاء ما يشاء ،مطمئن القلب لغياب الحساب والعقاب ، خير دليل تكرار نفس المشهد في أعمدة الإنارة المنتهكة بأغلب شوارع وميادين وسط البلد ، حكومة اللادولة المصرية قادرة علي تعذيب الناس بقطع التيار بحجة تخفيف الأحمال ، مش مهم الاطفال في حضانات المستشفيات ، مش مهم فساد الاغذية في ثلاجات الشركات والتجار ، مش مهم توقف الافران وماكينات الانتاج، المهم ان حكومة اللادولة لا تستطيع الاقتراب من هؤلاء الباعة الذين شكلوا امبراطورية احتلال لجميع الارصفة وما تحت الارصفة بكل الشوارع الرئيسية والخلفية ، ووصل الجبروت إلي سرقة التيار الكهربائي وكأنه حق مباح ! في اللادولة شاهدت نفس المنظر في العتبة ، شاب من هؤلاء الباعة يسب ويلعن سلسفيل سيدة مهذبة أرادت ان تعيد له بضاعته التي اكتشفت انها مغشوشة ، فأطاح بكيس البضاعة في الشارع وهو يهددها بأنه سوف يعريها من ملابسها ان لم تغادر المكان ، وبكل وقاحة وبجاحة قال لمن أرادوا ان يدافعوا عنها " محدش يدخل عشان ميجبش لنفسه الأذية .. القسم علي ناصية شارع عبد العزيز ، تروح له وتوريني ها يعملولها ايه !! " ، اهله وعشيرته وافراد قبيلته في المكان انضموا لمساندته بنفس الالفاظ والتهديدات فانصرف الناس تاركين السيدة وحدها ، تصرخ بهستيريا مطالبة بنقودها في اللادولة. انصحكم بعدم الدخول علي جروب " صور قديمة لمصر " لكي لا تتحسروا علي الزمن الذي كانت فيه مصر من أجمل وارقي الدول في العالم !