عبدالله بن حمد العذبة اطلعت علي شائعات تُنشر في بعض الصحف والمواقع المصرية، كما اطلعت علي مقالات من كُتّاب كنا نتوسم فيهم المصداقية والحكمة في معالجة مثل هذه الشائعات التي تحمل التكذيب لنفسها، ولكن غياب المنطق والموضوعية كان سيد الموقف. فمثلاً الشائعة التي تقول إن دولة قطر تريد استئجار قناة السويس لمدة 99 سنة وفي هذا تهديد للأمن القومي المصري.. هذا كذب علي الحقيقة الواضحة لكل متابع منصف، فالدوحة تريد المساهمة في الاستثمار لتطوير محور قناة السويس، لتصبح القناة -التي مات لشقها عشرات الآلاف من المصريين، وصمدت لتأميمها مصر أمام العدوان الثلاثي- أكثر حيوية وأهمية علي المستوي الدولي، وما يشاع عن بيع القناة أو تأجيرها غير ممكن لعدة أسباب، منها أن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر تمنعها من تأجير وتسليم إدارة قناة السويس لأية دولة أخري، سواء دولة قطر أو غيرها، وهذا ما أكد عليه الفريق مهاب مميش رئيس هيئة القناة. الحقيقة تؤكد أن هناك "أطرافاً" لا تريد أن تكون قناة السويس ومدنها أكثر أهمية؛ لأن هذا يفسد علي موانئ هذه الأطراف الكثير من عملها. ومن هنا أتمني أن تسهم كل دول الخليج "العربي" في تطوير محور قناة السويس ومدنها؛ لأن هذا سيوفر 800 ألف وظيفة للشعب المصري العظيم بعد تطوير القناة، كما سيزيد من تدفق العملة الصعبة لينتعش اقتصاد جمهورية مصر العربية فتعود للواجهة من جديد. في الجهة الأخري ستجد أن موانئ دبي تدير ميناء العين السخنة، ولكنك لن تقرأ أن دولة الإمارات ستشتري أو تستأجر قناة السويس؛ لأن هذا غير ممكن، كما ذكرت أعلاه، وفي الحقيقة هناك استمرار لصوت قبيح قديم قبل ثورة 25 يناير -سيزول قريباً بإذن الله- يشيطن كل ما تقوم به دولة قطر لدعم اقتصاد الشعب المصري. ولأن ذاكرة الإنسان قصيرة، فلا بد أن نذكر القارئ ببيان صدر من الديوان الأميري في يوم إعلان خلع حسني مبارك جاء فيه: "دولة قطر إذ تتطلع لاستعادة مصر دورها القيادي في العالم العربي والإسلامي، ودعم ومناصرة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، فإنها تؤكد حرصها علي علاقات متميزة مع جمهورية مصر العربية، والعمل علي تنميتها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما الشقيقين". ولا يخفي علي أحد أن البيان يبين أن قطر الدولة تراهن علي عودة جمهورية مصر لدورها الطبيعي والتاريخي منذ أن خرج شعبها لتحقيق طموحاته، ولهذا وقع د. خالد العطية وزير الدولة للشؤون الخارجية -عندما كان وزيراً للتعاون الدولي إبان حقبة حكم المجلس العسكري- اتفاقيات تعاون ملزمة لدولة قطر مع حكومة عصام شرف، ووقعتها عن الجانب المصري وزيرة التعاون الدولي المصرية السابقة -ابنة بورسعيد- الدكتورة فايزة أبو النجا. إن ما تقوم به قطر حالياً تجاه دعم اقتصاد مصر يأتي تنفيذاً لاتفاقيات وقعتها مسبقاً، وهذه الاتفاقيات ستنفذها العاصمة القطرية في كل الأحوال أياً كان اسم الموجود في قصر الاتحادية، وأياً كانت خلفيته السياسية أو الأيديولوجية. قطر تستثمر في ماليزيا، وفي فرنسا وبريطانيا واليونان بأوروبا، وبأميركا.. والقائمة طويلة، فلماذا لا يريد بعض الأشقاء أن تستثمر الدوحة في مصر لتعود المصانع والمشاريع الزراعية للعمل ويكسب المصري قوت يومه ويحسن وضعه المالي؟! وإذا كان السطحيون يخشون من سيطرة القطريين علي مصر، فلماذا لا يخشي القطريون علي قطر من المصريين العاملين فيها، ويقال إن عددهم يتجاوز عدد القطريين؟ نتمني أن تعود مصر قوية لنشعر بأن وراءنا ظهر يحمينا من الأطماع الخارجية، ونحن القطريين نراهن علي مصر وشعب مصر، فلماذا يراهن غيرنا علي تدمير اقتصاد مصر وسياحته باستئجار "بلطجية" يهددون السياح العرب وغيرهم ليضربوا الاقتصاد المصري؟ متي ستكون بلادنا العربية أولي بالأموال العربية بدلاً من الغرب؟ ما زلت أعتقد بأن مصر ستعود قوية بدعم أشقائها في الخليج، وخصوصاً قطر والسعودية.