»الإنجاز« الوحيد الذي حققه الرئيس الامريكي باراك أوباما خلال زيارته للمنطقة هو انهاء الخلاف القائم بين اسرائيل وتركيا منذ اقتحام القوات الاسرائيلية للسفينة »مرمرة« في البحر المتوسط وقتلها لمجموعة من الاتراك الذين كانوا في طريقهم إلي غزة للتضامن مع أهلها المحاصرين. فقد قبلت اسرائيل بناء علي طلب اوباما تقديم اعتذار رسمي لتركيا عن المجزرة، ووافقت تركيا، بدورها، علي إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلي طبيعتها وهكذا نجح المسعي الامريكي لاقامة محور مضاد للنظام الحاكم في سوريا. أما عن القضية الفلسطينية، فانها لم تكن سوي موضوع هامشي خلال لقاء أوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو. فقد تركزت المحادثات حول سوريا وايران إلي جانب تركيا وتقديم 200 مليون دولار لتطوير منظومة صواريخ »القبة الحديدية الاسرائيلية الممولة أمريكيا«. وهكذا بعد اربعة اعوام تقريبا علي خطاب اوباما في جامعة القاهرة، يقرر الرجل ان يترك لاسرائيل ان تقرر وتفعل ما تشاء وتعربد كما تريد في هذه المنطقة. ولم يقنع اوباما بالتأكيد علي الدعم الامريكي العسكري والسياسي والاقتصادي غير المشروط لاسرائيل، وانما طالب الفلسطينيين بضرورة استئناف المفاوضات مع حكومة المستوطنين الاسرائيلية دون شروط مسبقة، ووجه رسالة قوية وعلنية للسلطة الفلسطينية بعدم المطالبة بوقف الاستيطان كشرط للتفاوض، بمعني انه يمكن للاسرائيليين مواصلة الاستيطان تحت ستار المفاوضات التي يمكن ان تتم إلي ما لا نهاية بلا نتيجة. هذا ما حدث رغم ان اوباما يعلم انه منذ إلقائه خطابه بجامعة القاهرة، زاد عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية اكثر من خمسين ألفا عما كانوا عليه قبل إلقاء ذلك الخطاب، وانه لا تكاد تبقي أراض فلسطينية يمكن اقامة دولة فلسطينية عليها! ومنذ إقامة دولة اسرائيل، تعاقب علي البيت الابيض الامريكي 12 رئيسا.. اتفقوا جميعا علي حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القومية ومن أرضه. وها هو المعلق الاسرائيلي »آري شبيط« يكتب في صحيفة »هآرتس« الاسرائيلية يوم 22 مارس الحالي قائلا: »زيارة اوباما كانت عناقا امريكيا اسرائيليا ليس له مثيل. وفي كل خطاب، وكل بادرة.. كان اوباما يغدق الحب علي اسرائيل.. انها زيارة للحب«!! غير ان أخطر ما حدث هو تطوع اوباما للحديث عن »ارض اسرائيل التاريخية« وعن »الوطن الاسرائيلي منذ ثلاثة آلاف سنة، الذي عاد إليه الشعب اليهودي بعد قرون من التشتت والمعاناة والمنفي والمذابح.. وحتي الابادة«.. وبالرغم من ذلك، »حافظ الشعب اليهودي علي هويته الفريدة وتقاليده«! إذن.. فقد قرر اوباما تزوير التاريخ.. لتبرير الاحتلال والتهويد. فلم تكن تلك الارض، في أي يوم من الايام، وطنا للاسرائيليين، وانما للفلسطينيين، الذين هم الكنعانيون الاباء والاجداد، وان وجد اتباع للديانة اليهودية.. فهم من الكنعانيين وامتدادهم.. الفلسطينيين. هكذا تحدث اوباما عن »حق الاسرائيليين« في ارض فلسطين! ولذلك يقف احتراما امام قبر مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هيرتسيل ولا يزور قبر ياسر عرفات، ويطالب الفلسطينيين بالاعتراف باسرائيل التي هي أقوي دولة في المنطقة علي حد تعبيره كدولة يهودية. الرجل يتطاول علي الحقائق التاريخية. وحتي المؤرخ الاسرائيلي »شلومو ساند« يقول انه لم يكن هناك في التاريخ شعب يسمي الشعب الاسرائيلي.. والرئيس الامريكي ينظر باحترام إلي »القيم الجوهرية لاسرائيل«.. أكثر البلدان عنصرية في العالم لكي يطالب العالم العربي بتطبيع العلاقات مع اسرائيل!! وإذا لم تستح .. ففعل ما شئت. كلمة السر: غياب التأثير العربي