بعد ان اجتازت البلاد العديد من المعارك الانتخابية التي انتصر الشعب فيها لارادته الحرة أدركت بعض القوي السياسية انها اضحت بعيدة عن خيارات المواطن المصري وقناعته الفكرية ولم يعد امامها من طريق للوصول الي السلطة سوي إعادة تصنيع ثورة جديدة أو القفز من أعلي سور قصر الرئاسة لادراكها انها لن تصل اليه عبر آليات الديمقراطية الحديثة وصناديق الاقتراع التي تعلي إرادة المواطن باعتباره مصدر السلطات وانما سلكت طرق الفوضي والانقلابية والتي تختلف جذريا عن ثورة 52 يناير والتي كان وقودها الي النجاح ذلك الدعم الشعبي الجارف وما عانته البلاد من فساد شامل لعقود عدة. وعندما ادركت تلك القوي عجزها عن تحقيق ذلك الهدف لجأت الي حيلة خبيثة وهي محاولة الزج بجيش مصر العظيم في المستنقع السياسي لتوريطه في حرب بالوكالة نيابة عنها في معاركها مع النظام ولا يمكن لاي عاقل أو وطني ان يجادل في ذلك الدور التاريخي الذي قامت به تلك المؤسسة الوطنية في تأييدها للثورة والعبور بالبلاد الي بر الامان رغم كل التحديات الداخلية والخارجية التي اجتازتها المنطقة ويكفيها فخرا وافتخارا التزامها بتنفيذ جميع مراحل التحول الديمقراطي وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة في الميعاد الذي تعهدت به موجهة صفعة مدوية لكل من زايد علي دورها التاريخي في تلك المرحلة العصيبة. ان تلك الاصوات التي تستغيث بها حاليا متوسلة اليها هي ذاتها التي دنست ثوب الثورة الناصع البياض ولطخته بتلك الهتافات التي كالتها لتلك المؤسسة الشامخة وتركت جرحا داميا في قلوب كل المصريين الشرفاء فلم يشهد التاريخ علي مدار عقوده ان تطاول احد علي درعه الواقي أو دعا لاسقاطه سوي تلك القلة التي اتخذت من تلك الشتائم نشيدا لها وشعارا يعبر عنها بل تجاوز البعض في طغيانه مطالبا بمحاكمة من اداروا البلاد في تلك المرحلة الحرجة وشعب مصر براء من تلك الفئة التي تريد صداما بين الجيش والشرعية المنتخبة من خلال دعواتها التحريضية وما تبثه من شائعات مغرضة ويدرك جيدا ان أول كلمة سوف تنطق بها افواههم هي يسقط حكم العسكر حتي يأتي حكمهم قفزا علي اي إرادة شعبية.. ان أولئك قد غاب عن وعيهم ان ولاء جيش مصر لشعبها وليس لفصيل بذاته وإن انحيازه لثورة 52 يناير كان لصالح الشعب ضد حكم الفرد وأن السلطة قد جاءت اليه رغما عن إرادته ولو أراد الاحتفاظ بها ما كان ليتركها ولا يمكن ان ينساق خلف من قادوا معارك الهجوم عليه عبر مناصتهم الاعلامية والذين يتباكون دمعا لاستمالة مشاعره اذ كان من الاجدر بهم الاعتذار أولا لتلك المؤسسة الشامخة وممارسة الديمقراطية الحقيقة بالتفاعل مع المواطن واستشعار مشاكله لايجاد الحلول الفاعلة لها حتي تنال ثقته الانتخابية بدلا من التفرغ لممارسة السياسة في الفضائيات وعلي الشرعية المنتخبة ان يتسع صدرها لأوجه النقد فهي التي سعت بإرادتها الحرة لتولي شئون البلاد وتحمل المسئولية في تلك المرحلة الحرجة وان تبادر بتشخيص آلام الوطن واتخاذ الخطوات اللازمة لعلاجها لتفادي الاتهامات التي من شأنها احداث المزيد من الانقسام وعدم الاستقرار لان مصلحة مصر فوق كل تلك الصراعات في مجتمع يتعين ان تحكمه الديمقراطية ويتسيده القانون بعيدا عن ذلك التهاتر السياسي.