عصام نبوي ومحمد غنيم منذ 2 ساعة 4 دقيقة لم يعد قبول رئيس قادم من المؤسسة العسكرية أمراً محتملاً بعد ثورة يناير، مع قرب الاستحقاقات الانتخابية بين نوفمبر ومارس، فهل تتنازل المؤسسة العسكرية عن صلاحيات الأمر الواقع التي اكتسبتها منذ يوليو 52 للرئيس «المدني» القادم وتقبل -بسهولة- العودة نهائيا لثكناتها. مرشحو الرئاسة المحتملون عبروا عن رفضهم المبكر لأي انتقاص من صلاحيات مؤسسة الرئاسة في النظام الجديد لحساب المؤسسة العسكرية التي بدت بحكم أداء الشهور الماضية غير مطمئنة.. محمد البرادعي صرح بأن الجيش لابد أن يعود إلي دوره الطبيعي بعد انتخابات الرئاسة منتقداً أسلوب المجلس العسكري في الإدارة السياسية خلال المرحلة الانتقالية.. كما أكد محمد سليم العوا أن الجيش له مهمة وحيدة هي حماية البلاد بقوله» أما السياسة فلها رجالها»..وكان حازم أبو اسماعيل أكثر حدة واصفاً بقاء العسكر في السلطة بأنه جريمة وطنية..وقال: إن الجيش جهة خدمية ولا يصح أن تبقي في السلطة أكثر من ذلك.. مضيفاً: ارحلوا ولكم عندنا الحصانة كما تريدون. عبدالمنعم أبو الفتوح قال: إن المجلس العسكري سيعود فور انتهاء المرحلة الانتقالية إلي دوره الأساسي وهو حماية الحدود..كما طالب عمرو موسي المجلس بسرعة بتسليم البلاد لسلطة مدنية منتخبة، وقال: إن القوات المسلحة تعلم جيداً أن الدولة المدنية هي الأساس..بينما تساءل أيمن نور: ما علاقة المجلس العسكري بالسياسة، مؤكداً أن مهمته الحفاظ علي إدارة البلاد لحين نقل السلطة لحكومة منتخبة. علي الجانب الآخر، دعمت الأصوات القادمة من المجلس العسكري مخاوف المدنيين..اللواء ممدوح شاهين مساعد الدفاع للشئون القانونية كان أكد علي ضرورة أن يكون للقوات المسلحة وضع يحقق لها نوعاً من التأمين حتي لا تكون تحت هوي رئيس الدولة المقبل، مشيراً إلي أن الدساتير القديمة نصت علي أن الجيش يحمي الشرعية، داعيا إلي تحديد العلاقة بين المؤسسة العسكرية والرئيس الجديد الذي قد يكون مدنياً خالصاً أو مدنياً بخلفية عسكرية، استناداً إلي أن غالبية الدساتير تقول إن الرئيس هو القائد الأعلي للقوات المسلحة. كما ألمح «شاهين» إلي أهمية عدم طرح الأمور الخاصة بالقوات المسلحة في البرلمان، نظراً لوجود أسرار تتعلق بالقوات المسلحة لا يمكن مناقشتها بشكل علني، كما في تركيا التي ينص دستورها علي عدم طرح أي استجواب خاص بالقوات المسلحة داخل البرلمان. من المؤكد أن المؤسسة العسكرية التي حكم رجالها مصر لأكثر من نصف قرن، ستنتقل إلي مرحلة جديدة وفق معطيات فرضتها التغييرات الأخيرة التي شهدتها البلاد بعد إزاحة النظام السابق، ما يطرح العديد من الأسئلة المصيرية والشائكة حول شكل العلاقة بين الجيش والرئيس القادم. سياسيون يلمحون إلي أن هذه المؤسسة لم تقبل بعد برضا تام برئيس مدني «خالص» قد يقصي ويهمش مكانتها، في حين يرد خبراء عسكريون بأن مصر غير قابلة للتصادم بين المؤسسات. هالة مصطفي رئيس تحرير مجلة الديمقراطية تقول: في كل الأحوال سيظل الجيش له دور في الحياة السياسية علي الأقل لضمان عدم الانقلاب علي الدولة المدنية حتي لو بمرجعية دينية وعدم الالتفاف علي النظام الديمقراطي..كما أن الجيش تعود علي لعب دور سياسي في البلاد منذ عام 52 وإن اختلف هذا الدور حسب كل فترة. وعن رفض مرشحي الرئاسة لتوجهات «العسكري» نحو صلاحيات الرئيس القادم، أكدت مصطفي أن هذا سيحكمه قوة الطرفين في الشارع فإذا انحاز الشارع لرئيسه المنتخب فستكون له الغلبة والعكس صحيح، مع عدم إغفال قوة الجيش وحجم ضغوطه علي الرئيس القادم . محمد علي بلال الخبير العسكري يعتقد أن المسألة محسومة ولا تحتاج لجدل، فالجيش إحدي مؤسسات الدولة وتتميز بالولاء الكامل لفكرة الدولة، مشيرًا إلي أن المؤسسة العسكرية ناضجة ولها خبرات متراكمة منذ يوليو52، وتدرك أنها جزء مهم ومصيري في مسألة حماية النظام الدستوري الذي يؤكد وينص علي احترام الرئيس القادم، لذا ستخضع المؤسسة العسكرية مثلها مثل المؤسسات الأخري خضوعاً كاملاً لما يأمرها به الرئيس ووفقًا للدستور. محمد قدري سعيد الخبير العسكري يستبعد تماما فكرة الصدام بين المؤسسة العسكرية والرئيس القادم، قائلاً: إن كل جهة تعرف مسئولياتها ومهامها، فالجيش يطيع أوامر الرئيس طبقا للدستور، وما أقسم عليه باحترام الشرعية التي سوف تنتخب الرئيس والمجالس النيابية..نافيا إمكانية تكرار النموذج الصدامي التركي بين الجيش والنظام الحاكم. وعن مخاوف البعض من إمكانية حدوث صدام متكرر بين الجيش والحكومة، المنتخبة ديمقراطيا كما حدث في تركيا، قال «سعيد»: الوضع مختلف تماما، فالدستور في تركيا يعطي صلاحيات سياسية للجيش التركي في التدخل والرقابة علي سياسات الدولة، ولكن في مصر فإن الدستور لا يعطي أي دور سياسي للمؤسسة العسكرية، عدا احترام الشرعية والرئيس المنتخب.