هناك مخططات منظمة لإفشال الثورة وشق الصف الشعبي تعيش مصر الان وضعا ملتهبا ومشهدا سياسيا معقدا وانقساما حادا وفي اطار هذا كله يتربص بها من يريد افشال الثورة واعادة مصر الي نقطة الصفر. »أخبار اليوم« حاولت ان ترصد ابعاد الموقف من خلال هذا الحوار مع الدكتورة باكينام الشرقاوي مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية لتحدد من منطلق قربها من موقع القيادة سبل الخروج من المأزق الراهن. وفي الحوار اكدت د. باكينام ان هناك مخططات منظمة لافشال ثورة 52 يناير وشق الصف الشعبي منتقدة تعامل بعض القوي السياسية مع الازمة حيث تتسلح هذه القوي بعقلية الفشل لعرقلة التوافق المجتمعي. وكشفت د. باكينام ان الرئيس محمد مرسي تشاور مع مستشاريه ورموز مختلف القوي السياسية والثورية والشبابية قبل ان يصدر الاعلان الدستوري مؤكدة ان بعضهم تنصل منه من اجل مصالح شخصية!! وفيما يلي نص الحوار : احدث الاعلان الدستوري الجديد حالة من الانقسام بين القوي السياسية والشعبية.. كيف ترين هذا الامر؟ - الاعلان الدستوري الجديد صدر بغرض استقرار البلاد فالوطن لن يستقر الا من خلال دستور قوي وعندما يتم الاستفتاء عليه سيحول الرئيس مرسي السلطة التشريعية الي مجلس الشوري.. فلماذا هذا التهويل وسكب البنزين لاشعال النيران، وتدمير المؤسسات لنعود لنقطة الصفر، فالرئيس غرضه واضح وصريح يريد وضع السلطات في نصابها السليم.. فالرئيس منذ يومه الاول لا يريد ان ينفرد بالسلطات وهمه الاول الانتقال بمصر من الفترة الانتقالية لبر الامان.. ولو كان غرضه التكويش كما يدعي البعض لكان الاجدر به الا يصدر الاعلان الدستوري لتكوين دولة المؤسسات والوصول بالبلاد الي حالة الاستقرار واستقرار البلاد لن يتحقق الا من خلال دستور ومجلس الشعب ولكن اشد ما احزنني ان الرئيس كان قبل ظهور الاعلان الدستوري بأسابيع قد تناقش وجلس مع مساعديه ومستشاريه ورموز مختلفة من القوي الثورية والشبابية واستمع لهم واستمعوا له وتم مناقشتهم وتوصلوا الي اصدار الاعلان الدستوري الذي يضم 4 مطالب ثورية وعندما صدر تنكر وتنصل منه البعض من اجل مصالح شخصية عنترية فهناك من له مصلحة في ان تظل البلاد في حالة من التفكك والانقسام. مخططات مغرضة! كيف نتعامل مع هذه الانقسامات التي اصابت الشارع المصري؟ - يجب ان نعترف جميعا باننا امام مفترق خطير وطريق طويل يحتاج منا الي الوحدة لبناء مصرنا الجديدة وليس استخدام معول الهدم فهناك من يتربص بنا ويحاول بشتي الطرق عرقلة عمليات البناء خاصة بناء مؤسسات الدولة التي تهدمت وعشش فيها الفساد طوال السنوات الماضية وعاني منها الفقير بالذات.. والواضح ان هناك مخططات منظمة لافشال ثورة 52 يناير وشق الصف الشعبي والثوري من خلال اطلاق الاكاذيب والشائعات المغرضة وبث الاحتقان.. وكل ذلك ليس في صالحنا جميعا فالمطلوب وعلي وجه السرعة ان نعترف وبكل ثقة وصراحة وثبات اننا ابناء وشركاء وطن واحد يحتاج منا ان نتحاور بالعقل والمنطق والمصلحة العليا للبلاد لنصل لحل اي مشكلة فالحوار البناء والجاد هو سلاح المتحضرين وسلاح اصحاب العقول الناضجة السليمة فكريا ودينيا واخلاقيا، ويجب ان نحترم الرأي والرأي الاخر بالنقاش البناء وليس باساليب التخوين والاستقطاب واشاعة نزعة الفرقة.. ونؤكد هنا ان خلاف الرؤي داخل حركة المجتمع شيء ايجابي بعد كل ثورة وظاهرة صحية بشرط الا تخرج عن النظام السياسي والأمني والاجتماعي فالمنافسة السياسية مطلوبة في اي مجتمع انساني وعلي كل طرف من اطراف النزاع السياسي ان يتسلح بالمبررات القوية ولكن الحادث الان ان كل طرف يزداد توجسا من الطرف الاخر، وقد يكون ذلك مشروعا وديمقراطيا بشرط الا يستغرق وقتا طويلا ولكن الغريب اننا اصبحنا نرفض الحوار الوطني العقلاني واصبحنا نتسلح بعقلية الفشل لعرقلة تفعيل التوافق المجتمعي لبناء المؤسسات لتسير الحياة اليومية، فكلما قمنا بأي انجاز وأي تقدم نجد البعض يسعي وبكل قوة الي افشاله لنبدأ من جديد في السعي للوحدة ومعه نجد معول الهدم يسرع بهدمه لنبدأ من الصفر مرة اخري ونظل محلك سر. مرحلة حرجة وما المطلوب من المصريين حاليا ليعبروا هذه المرحلة الحرجة؟ - ادرك ان الوضع بالفعل ملتهب، وهو جزء من التحول الديمقراطي فقد عاني هذا الشعب في عهد النظام السابق من التهميش والجمود وفقدان حريته ولم يعرف الديمقراطية السليمة وهذا يؤكد ان الشعب عندما تنفس نسيم الحرية في ثورة 52 يناير انطلق ولن يوقفه احد لبناء دولة ديمقراطية عمادها السلام والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والعدل.. وهذه المرحلة تسمي بالمرحلة الانتقالية المصاحبة لأي ثورة بشرط ان تلملم نفسها للبناء وليس للتخريب. ومن وجهة نظري ان الوطن حاليا يمر بمرحلة حرجة تحتاج منا ان نمد يد العون والمساعدة لبناء الدولة الحديثة والبعد عن المصالح الشخصية والذاتية والاهواء الحزبية لكي نسرع لبناء مصرنا الجديدة تحت مظلة يسودها العمل والعطاء والالفة والنزاهة والشفافية. ولكن.. الكل يحمل الرئيس محمد مرسي ما يجري علي الساحة الان.. فما تعليقكم؟ - الرئيس محمد مرسي يريد بصدق النهوض بمصر منذ اليوم الاول لوصوله لمقعد الحكم وهو يحترم جميع القوانين والاعراف والتقاليد والمواثيق وهمه الاول والاخير الذي يؤرقه كثيرا المواطن واعادة بناء مؤسسات الدولة علي اسس ونظم سليمة تواكب العصر فهو يحرص بصفة مستمرة علي احترام القوانين والانسان المصري وهو يؤمن بأنه لن يكون لمصر دور عريق الا من خلال مؤسسات قوية تحكمها قوانين وقضاء عادل ناجز مستقل، فكل قواعد المؤسسات مترابطة ببعضها في نسيج واحد فاذا حدث اي خلل في اي مؤسسة سوف تؤثر بالسلب علي المؤسسات الاخري وابلغ دليل علي ذلك ان الرئيس محمد مرسي يريد من خلال الاعلان الدستوري تحصين المؤسسات المنتخبة حتي ننتهي من الدستور فالاعلان الدستوري صدر لحماية حقوق الشعب من اطماع سياسية. حق الشهداء وهل يمكن اعادة محاكمة رموز النظام السابق مرة اخري بعد ان حصل بعضهم علي احكام بالبراءة في قضايا قتل الثوار؟ - بكل صراحة لا يمكن محاكمة اي مواطن بريء ولن نرضي بذلك نهائيا لكن لو ظهرت ادلة جديدة وعوار ونقص في المعلومات والادلة الجنائية ووجود تقصير واخطاء ارتكبتها جهات حساسة، هنا يجب ان نقول توقفوا، ويتم اعادة محاكمة اي فاسد او ظالم او قاتل لاعادة الامور الي نصابها الانساني والقضائي السليم من خلال تصحيح هذه المحاكمات بكل شفافية وعدالة بشرط اساسي يتمثل في ظهور ادلة جديدة تساعد العدالة وتعيد الحق للشهداء والمصابين واسر الشهداء الذين مازالوا في حالة صدمة شديدة بعد ان حصل المتهمون علي احكام بالبراءة من بعض المحاكم.. والذي يدهشني ان الجميع كان يصرخ ويئن من هذه البراءات التي حصل عليها المتهمون في المحاكمات الجنائية وعندما صدر الاعلان الدستوري لاعادة محاكمتهم لو ظهرت ادلة جديدة خرج البعض منهم يرفض الاعلان الدستوري. لست إخوانية هل تحملين عضوية جماعة الاخوان المسلمين؟ - لم اكن في يوم من الايام عضوا بهذه الجماعة التي اكن لها كل الود والاحترام والتقدير ولا يوجد في اسرتي الكبيرة او الصغيرة اي فرد منتم لهذه الجماعة فليس لي اي علاقة نهائيا من قريب او بعيد بهذه الجماعة او حزب الحرية والعدالة وكل صلتي بالرئيس جاءت من خلال عملي ونشاطي العام بجامعة القاهرة وتعرفت وقتها عن قرب بالرئيس محمد مرسي بصفتي الاكاديمية فأنا استاذة جامعية في المقام الاول والاخير وعملي بالرئاسة شيء يشرفني ويشرف اي مصري يحاول المشاركة في دفع حركة الدولة للامام. وما دورك داخل مؤسسة الرئاسة كمستشارة سياسية؟ - يجب ان يعلم الجميع اننا داخل مؤسسة الرئاسة نعمل كفريق واحد ويربطنا نسيج واحد وهو العمل الجماعي ولا نفرق في عملنا بين حزب وآخر أو مشكلة واخري فليس هناك اي تميز او تفرقة في اي شيء وما يهمنا هو مصلحة الوطن، ولهذا نلتقي جميعا مع الرئيس لكي يسمعنا ونسمعه ونناقشه ويناقشنا حتي نصل الي تصور واحد وهادف لخدمة الوطن والمواطن. النائب العام وما رأيك في طريقة تعيين النائب العام الجديد؟ - الذي لا يعرفه احد ان النائب العام الجديد المستشار طلعت ابراهيم لم يكن هو المرشح الوحيد لهذا المنصب الحساس انما كان مطروحا أمام الرئاسة ثلاثة وجوه جديدة وكان المعيار الوحيد هو العطاء والنزاهة والشفافية والاستقلالية في اتخاذ القرار العادل فتم اختيار المستشار طلعت ابراهيم حسب معايير معينة فهو ضلع مهم وحساس من اضلاع العدالة الناجزة المستقلة التي تبني مجتمعا قويا ومتحضرا. وأي النظم السياسية تناسب مصر حاليا؟ - اظن ان النظام التركي الذي يدمج الفكر الاكاديمي بالعمل السياسي والدبلوماسي هو النظام الاقرب لمصر ومناسب لتكوين الشخصية المصرية صاحبة الحضارة العريقة. ما هو الشيء الذي يحزن مستشارة الرئيس للشئون السياسية؟ - شيء واحد احسه من بعض القوي عندما تسمع كلمة الشريعة الاسلامية كأن عقربا قد لدغها وتصاب بهيستيريا رغم ان جميع الدول العربية والاسلامية داخل دساتيرها هذه الكلمة بل ان الشريعة تحركها وتحكمها.. فلماذا هذا الكره غير المبرر ولماذا نخلط السياسة بالدين؟! وما الذي يقلق الدكتورة باكينام الشرقاوي؟ - اشد ما يقلقني هو الفقر، فهو القنبلة الموقوتة بمصر ولهذا لا اريد ان نكتوي جميعا بنار الخلافات الشديدة والجافة واطالب كل اعلامي شريف ونبيل بأن يحب وطنه بصدق واخلاص.. ويعلي كلمة الوطن والبلاد فوق كل المصالح الشخصية والذاتية حتي لا يتم حرق الوطن بمعرفة اصحاب الضمائر والعقول المغيبة. وأخيرا.. ما الكلمة التي تريدين توجيهها للمواطن المصري؟ - الرجاء كل الرجاء الابتعاد عن الفرقة والخلافات والفتنة جريمة بحق مصر والمصريين جميعا وكل الديانات السماوية لعنت الفتنة بين اطياف اي مجتمع.. فمصر تسع الجميع تحت راية الحب والسلام والديمقراطية واعتقد ان الجميع لو وضع مصر امامه فلن تكون هناك فرقة وفتنة بل سنري مصر الحرة المستقلة القوية الشامخة التي نسعي اليها جميعا فالخلاف باستخدام العنف مرفوض جملة وتفصلا وهناك فرق شاسع وخطير بين من يتظاهر سلميا ومن يخرب ويحرق المنشآت.