رفض لفظ الفقيه الدستوري، وقال إن هذا اللقب يُطلق علي فقهاء المقابر، حيث أصبح هناك من يُسمَّي بالفقيه الدستوري ولا علاقة له بالقانون الدستوري، وهناك من يُسمّي بفقيه قانوني ولا علاقة له بالقانون إطلاقا.. بل هناك محامون يعتبرون أنفسهم فقهاء دستوريين.. بهذه الحدة ووسط شد وجذب بدأ د. ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري حواره مع »الأخبار«، مؤكدا أن هناك مخططا أمريكيا إسرائيليا لتخريب مصر بالاستعانة برموز النظام السابق الذين يخشون من المحاكمات إذا ما استقرت الأمور وتم انتخاب مجلس النواب، وأكد ان الرئيس د. مرسي ود. هشام قنديل رئيس الوزراء يتعرضان لهجوم شرس وكاذب منذ اليوم الأول، موضحا ان مبادرات الحوار لا تأتي بنتائج ايجابية لأن من يذهبون إلي الحوار من المعارضة يبحثون أولا عن الغنائم.. وإلي نص الحوار: الرئاسة لا تتدخل في أحكام القضاء البحث عن الغنائم سر فشل مبادرات الحوار بداية .. من المسئول عن الخلافات الحادة الحالية علي الساحة السياسية؟ لابد أن يعلم الجميع أن هناك مخططا أمريكيا إسرائيليا منذ عشرات السنين لتخريب وتدمير المنطقة بالكامل، تخريبا اقتصاديا وسياسيا وحضاريا وثقافيا وعلميا، وذلك واضح مما جري في العراق علي مدي 81 سنة منذ بداية الحرب بينها وبين إيران، والهدف أن تهيمن إسرائيل هيمنة كاملة علي المنطقة حتي تفقد الشعوب العربية والإسلامية كل أمل في استعادة فلسطين أو في اجلاء إسرائيل عما احتلته وما تعتزم احتلاله من أراض عربية، وليعلم الجميع أن أطماع اليهود بلا حدود، وأن الشعب اليهودي لا يؤمن إلا بالقوة، ولن يسمح بقيام نهضة عربية إسلامية، واستعادة فلسطين، وإذا كان المسلمون قد بقوا في الأندلس ثمانية قرون ثم خرجوا منها، فليعلم اليهود أيضا أنه من الممكن استعادة فلسطين. ما مظاهر هذا المخطط في الشأن الداخلي المصري؟ المظاهر واضحة جدا، أمريكا كشفت علنا عن وجهها وتتدخل في كل كبيرة وصغيرة في مصر، ويكفي أن يراجع المصريون ما حدث طوال العامين الماضيين منذ يوم 52 يناير 1102 إلي اليوم، وحينما نرجع بالذاكرة إلي أواخر يناير وبداية فبراير سنجد أن أمريكا وإسرائيل كانتا في حالة قلق واضطراب إلي درجة أن أوباما كان يعقد اجتماعات مع كبار مساعديه في اليوم الواحد أكثر من مرة لمراقبة الوضع في مصر. الإخوان وأمريكا إذن .. هل جاء الاخوان المسلمون إلي الحكم بمباركة أمريكية؟ لا لم أقل ذلك إطلاقا، بل ان مجيء الاخوان إلي الحكم لم يكن ولن يكون أبدا علي هوي أمريكا، لأنها تقود حملة عالمية ضد الإسلام وضد العرب، ولكنها بعد ثورة يناير العظيمة التي قام بها شباب وطني من الدرجة الأولي، كان من بين مطالبهم »عيش، حرية، و.. إعادة النظر تماما في علاقات مصر بأمريكا وإسرائيل، وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد«، وأمور كثيرة تؤدي إلي عودة الروح إلي الشعب المصري وعودة الثقة والانتماء للمصريين، وإقامة نظام ديمقراطي حقيقي يقوم علي الحرية وسيادة القانون. ولكن الرئيس مرسي في احتفالات أكتوبر باستاد القاهرة أعلن التزام مصر بكل الاتفاقيات السابقة بما فيها كامب ديفيد .. أليست هذه رسالة طمأنة للولايات المتحدة؟ ما قاله د. مرسي كان طبيعيا لأنه يعلم قدرات الولاياتالمتحدة، ويعلم جيدا المخطط الأمريكي الإسرائيلي، ولذلك وجد أنه من غير الممكن التفكير في تحقيق مطالب الثوار في إلغاء كامب ديفيد، لأنه يعلم جيدا مدي التغلغل الأمريكي الإسرائيلي في مصر، ومدي العلاقة القوية بين كثير من القيادات في مصر مع أمريكا، ومدي قدرة أمريكا علي ضرب الاقتصاد المصري في أي لحظة، نتيجة للسياسات الاقتصادية الخاطئة التي مورست طوال العقود الستة الماضية. أعود وأسألك لماذا تسيل دماء الشهداء حتي الآن رغم وجود رئيس منتخب؟ هؤلاء الذين تسميهم أنت شهداء إما مأجورين أو مُضللين.. ومن ناحية المأجورين فهذا أمر ثابت، فكل عملاء النظام السابق الذين نهبوا ثروات البلاد وهربوها إلي الخارج، هؤلاء جميعا يلعبون دورا كبيرا في الأحداث التي جرت خلال السنتين الأخيرتين، وفي الشهور الأخيرة بالذات، وواضح التمويل الخارجي للخيام المقامة في التحرير وفي قصر الاتحادية، والأموال التي تُنفق علي هؤلاء المأجورين الذين يبيتون في ميدان التحرير وأمام الاتحادية، أما الوطنيون الحقيقيون فلم يعد لهم دور حقيقي فيما يجري. هناك من يُرجع السبب فيما يحدث إلي الخلافات التي حدثت بين الرئاسة والقضاء؟ هذا جهل مطبق، فما دور مؤسسة الرئاسة في أحكام الاعدام، ليس لها أي دور، والقضاء في مصر وللأسف به جهات دخلت في السياسة علي الرغم ان القاضي قانونا لا يجوز له أن يعمل بالسياسة أو الإدارة أو أن يُدلي بأي رأي قانوني أو سياسي في أي جهة.. وإذ برجال القضاء ينتشرون في الصحف والفضائيات ويتخذون مواقف سياسية سواء مع النظام أو ضده.. وهذا كله يُبين ان استقلال القضاء أصبح مهدرا بواسطة هؤلاء.. ومع هذا فإن الرئيس لم يتخذ اجراء ضدهم، وكان عليه أن يتخذ الاجراء المناسب ويلزم مجلس القضاء بمحاسبة هؤلاء الذين يتدخلون في السياسة، فالقاضي لا يمكن أن يكون قاضيا وإداريا في الوقت نفسه. ألا يملك الرئيس الأدوات التي تمكنه من السيطرة وإدارة أمور البلاد بالطريقة التي يريدها؟ الرئيس يكاد أن يكون هو الحاكم الفعلي خلال الشهور الخمسة الأخيرة منذ ان استطاع أن يتخلص من هيمنة المجلس العسكري إلي حد ما، وقد يتوهم البعض ان الرئيس مرسي عنده من الامكانيات التي تمكّنه من السيطرة التامة وهذا وهم يختلف عن الواقع تماما لأن هناك قيادات كثيرة ترتبط وتنتمي إلي النظام السابق ولديها مخاوف من النظام الجديد ومن الدستور الجديد ومن المحاكمات التي تنتظرها لو نجح النظام الجديد في محاكمة المخربين الذين نهبوا أموال البلاد، وازدادت هذه المخاوف بعد وضع النص الدستوري الذي يحرم قيادات الحزب الوطني من الحقوق السياسية لمدة عشر سنوات.. وهنا جُن جنون هذه القيادات وأصبحوا مستعدين لإنفاق كل ما يملكون من مال وقوة لمنع المحاكمات. هناك من يتهم النظام الحاكم بأنه وعد الشعب بأشياء كثيرة ولم تتحقق حتي الآن؟ هذا كلام يردده أعداء مصر وعملاء النظام السابق، لأنه منذ ترشح د. مرسي لانتخابات الرئاسة والهجوم عليه وعلي الاخوان المسلمين بشراسة وبإطلاق الشائعات الكاذبة وتشويه الحقائق وتصوير الاخوان المسلمين كالشياطين، وتصوير الرئيس بأنه لا يعمل إلا بتوجيه من المرشد، وهذا غير صحيح علي الاطلاق، وليست هذه هي شخصية د. مرسي الذي عندما شكّل الحكومة جاء بوزراء لا ينتمون إلي الاخوان المسلمين، بل من الكفاءات المعروفة بنظافة اليد والعلم في مواقعها، فلم يُنسب إلي أي منهم ما يسييء إليه. مبادرات الحوار لماذا لا تخرج مبادرات الحوار التي تُطلقها الرئاسة بنتائج للم الشمل حتي الآن؟ هؤلاء المتحاورون كل منهم يسعي إلي الحصول علي جزء من الغنائم، يريدون مقاعد في الحكومة وفي البرلمان، وقد واجهتهم مباشرة بهذا الحديث، فجلسوا مثلا للتفاوض علي نصيب كل واحد من عدد التسعين مقعدا في مجلس الشوري الذين يختارهم الرئيس بإرادته الحرة، مع ان الرئيس مستعد لارضائهم بأي طريقة، وهذا خطأ، فالصورة التي صُوّر بها الرئيس والاخوان صورة تنفر الناس منهم، وجعلت الكثير من المصريين وخاصة في الطبقات العليا أو »المرتاحة« أصبحوا يُفضلون أن تحكمنا أمريكا وأن يعود الحكم العسكري، بدلا من الاخوان، وهؤلاء إما مضللين أو لا ينظرون إلا تحت أقدامهم، وقد قلت لهم إن أحفادهم سوف يلعنونهم لأنهم ضحوا بمصلحة مصر من أجل مصالح ذاتية رخيصة. هل هناك صراع بين مؤسسة الرئاسة والمحكمة الدستورية العليا؟ المحكمة الدستورية العليا أنشأها جمال عبدالناصر مع مذبحة القضاء وجعل تعيين أعضائها بقرار منه وحده دون أخذ رأي أي جهة، لذلك جاء الدستور الجديد وحدد عدد الأعضاء ب11 عضوا بعد ان كان العدد غير محدد في السابق، وكان المطلوب أن يكونوا 9 أعضاء فقط، إنما جعلوا 4 أعضاء احتياطي.. وكل ذلك لا يجعل من المحكمة الدستورية وأنا أعلم ما أقول جهة قضائية مستقلة.. ولذلك حرص الدستور الجديد علي تحقيق هذا الاستقلال، فحدد أعضاء المحكمة وطريقة تشكيل المحكمة عن طريق مجلس القضاء الأعلي، والجمعيات العمومية لمحكمة النقض ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية وكل الهيئات القضائية الأخري.. دون أن يكون لرئيس الدولة أي دور في تعيين أعضاء الدستورية، فدور الرئيس محصور علي التوقيع علي ما تقرره الجمعيات العمومية. ما تعليقك علي مشروع القانون المقدم بتقنين عملية التظاهر؟ الكثيرون ممن يدعون أنهم يعرفون يجهلون حقيقة أساسية وهي ان الاعتصام جريمة جنائية لأن الاعتصام هو احتلال شارع أو طريق أو مبني حكومي أو ميدان ومنع الجمهور من استخدام هذه الأشياء فهذه جريمة جنائية.. مثل المترو الذي عطله المعتصمون أكثر من مرة. أنا أسأل عن التظاهر.. أليس حقا قانونيا؟ الاعتصام شيء والتظاهر شيء آخر.. وكل حق له حدود، والتظاهر يجب أن يكون في نطاق محدود وفي ساعات محددة وألا يُسمح بالتظاهر الذي يسد الشارع ويعوق المرور.. لذلك يجب أن يكون بعيدا عن المباني العامة والمرافق الأساسية.