سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المستشار طلعت عبدالله في ميزان العدالة بعد 77 يوما بمنصب النائب العام وزير العدل لم يفصل في طلبي الاستقالة والعدول عنها في انتظار لحظة هدوء
السياسة تداخلت مع القضاء.. والدستور يمنح مجلس القضاء حق اختيار النائب
المراغي: استقالة طلعت سارية حمدي:
77 يوما قضاها المستشار طلعت عبدالله النائب العام في منصبه الجديد.. ومنذ التعيين حتي الآن لم يهدأ الجدل داخل السلطة القضائية والمجتمع.. الجميع يتفق علي شخصية المستشار طلعت عبدالله وانه قاض جليل لكنهم يتفقون علي الخطأ القانوني الذي لا جدال فيه والذي انتهي برحيل المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام السابق وتعيين المستشار عبدالله بدلا منه. خطأ قانوني دفع إحدي المحاكم إلي عدم قبول دعوي لأن النائب العام الذي حركها غير شرعي.. غضب اشتعل داخل السلطة القضائية خاصة بعد قرار النائب العام بنقل المستشار مصطفي خاطر المحامي العام لنيابة شرق القاهرة إلي بني سويف ونقل المحامي العام لنيابات بورسعيد.. وجاء قرار نقل خاطر بعد اخلاء سبيل جميع المتهمين في أحداث الاتحادية الأولي بعد أن أثبتت التحقيقات انهم ضحايا ومجني عليهم وليسوا متهمين.. وكانت مذكرة خاطر لمجلس القضاء الأعلي بطلب العودة للقضاء ومحاولة النائب العام بالتدخل في عمله وراء الغضب الذي انتهي بتراجع النائب العام عن قرار النقل.. ومؤخرا أكد المستشار أحمد مكي وزير العدل ان من أخبر خاطر بغضب الرئيس من قرار اخلاء السبيل لم يكن النائب العام ولكن مستشار بالنيابة. الأزمة تصاعدت بعد ذلك إلي غضب أعضاء النيابة ووقفة احتجاجية علي باب النائب العام انتهت بتقديمه طلب استقالة والعودة لمنصة القضاء.. وبعدها أعلن النائب العام انه استقال لأنه يؤمن انه تم تعيينه بطريقة خطأ ولكنه عاد بعد ذلك وأعلن تراجعه عن الاستقالة قائلا: انها تمت تحت الاكراه. وأحال مجلس القضاء الأعلي برئاسة المستشار محمد ممتاز متولي طلبي الاستقالة والعدول عنها إلي وزير العدل للفصل فيهما.. وتصاعد غضب القضاة وأعضاء النيابة العامة معتبرين أن كل ما حدث مساس غير مسبوق باستقلال القضاء بصورة لم تحدث من قبل.. وحتي الآن لم يعلن وزير العدل عن القرار في الطلبين المقدمين من النائب العام.. وقال الوزير انه ينتظر هدوء القضاة ليتم حل أزمة استقالة النائب العام بالتوازي مع أزمتي حصار أعضاء النيابة لمكتب النائب العام والجمعية العمومية غير الشرعية وغير العادية لنادي القضاة التي حضرها عدد كبير من المحامين وغير القضاة. الأزمة تصاعدت واشتبكت مع الأزمة السياسية وفي تحقيقات سحل حمادة صابر وما حدث ببورسعيد وغيرها من القضايا كان الطلب ندب مستشارين للتحقيق فيها بدلا من النيابة العامة التي تراجعت الثقة بها.. وتطالب قوي المعارضة في مبادراتها للحوار كما طلب حزب النور إقالة النائب العام وتعيين نائب عام جديد. في 22 نوفمبر 2102 صدر القرار الجمهوري بتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما.. والدستور الجديد ينص علي أن يختار مجلس القضاء الأعلي النائب العام ويصدر رئيس الجمهورية قرار التعيين.. والنائب العام رد علي سهام النقد بأنه محايد ولا ينتمي لجماعة الإخوان أو أي فصيل سياسي.. فهل ستتراجع الأزمة ويخفت صوتها بمرور الوقت أم انها ستظل تتحرك ككرة لهب في انتظار من يشعل الفتيل. استقالة مقبولة في البداية يقول المستشار أحمد مدحت المراغي الرئيس السابق لمحكمة النقض ومجلس القضاء الأعلي.. قانون السلطة القضائية يوجب تعيين النائب العام أن يكون من بين المستشارين الذين يشغلون منصب مستشار بمحكمة النقض أو نائب رئيس لمحكمة الاستئناف علي الأقل وقد يكون نائبا لرئيس محكمة النقض أو رئيسا لمحكمة الاستئناف، وكان في الفترة الماضية يحرص رئيس الجمهورية علي أن يختار النائب العام وكان هذا مثار نقد شديد من رجال القضاء ومجلس القضاء الأعلي لأن رئيس الجمهورية كان له مطلق الاختيار لمنصب النائب العام دون أي قيد في هذا الشأن سوي عرض الأمر علي مجلس القضاء الأعلي وموافقته وذلك لأن منصب النائب العام وان كان منصبا قضائيا ويتمتع بالحصانة القضائية وغير قابل للعزل إلا انه في حقيقة الأمر والواقع له احتكاك مباشر بالسلطة التنفيذية ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات لأن بعض القضايا قد يكون لها طابع سياسي يقتضي التنسيق في هذا الشأن وهو صاحب الدعوي العمومية فهو يرفع الدعوي الجنائية باسم المجتمع وقد تقتضي المصلحة العليا للوطن في بعض الأحيان ولصلة وثيقة بإحدي الدول الأجنبية ان مصلحة مصر قد تقتضي ارجاء رفع الدعوي العمومية أو غض الطرف عنها وهذا يستلزم التنسيق الكامل بين تلك الأجهزة والنائب العام الذي له وحده سلطة التقدير في هذا الشأن. وأضاف المستشار المراغي أن الدستور الأخير الذي جري الاستفتاء عليه جعل الاختصاص لمجلس القضاء الأعلي لترشيح النائب العام أو اختياره ويصدر القرار بالتعيين من رئيس الجمهورية.. وأري ان الأوفق في هذا الشأن ان يقوم مجلس القضاء الأعلي بترشيح ثلاثة من المستشارين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية وأن يكون لرئيس الجمهورية اختيار أحدهم للتعيين في هذا المنصب لأنه من الأوفق أن نعطي لرئيس الجمهورية بعض الصلاحيات في اختيار النائب العام. أما بشأن ما أثير حول تقديم النائب العام استقالته والعدول عنها.. قال المستشار المراغي ان منصب النائب العام منصب قضائي جليل ورفيع وأري انه أسمي وأعلي من ان يقال ان النائب العام تقدم باستقالته نتيجة ضغوط مارسها عليه وكلاء أو رؤساء النيابة العامة ولا يصح أن يقال ان النائب العام قد عدل بعد ذلك عن استقالته ولهذا فإني قلت في السابق نص قانون السلطة القضائية ان القاضي إذا قدم استقالته غير مقيدة أو مشروطة تعتبر مقبولة من وقت تقديمها. أما فيما يتعلق بتدخل النائب العام في تحقيقات موقعة الاتحادية فيقول المستشار أحمد مدحت المراغي ان النائب العام هو صاحب الدعوي العمومية وان أعوانه من رؤساء ووكلاء النيابة العامة يمثلونه في مباشرة الدعوي العمومية وانه لا مراء في انه بصفته صاحب الدعوي العمومية له حق الاشراف والتوجيه في مباشرة الدعوي الجنائية وهذا من صميم عمله ويراعي في هذا مصلحة العدالة.. ولكن الذي يؤخذ في هذا الشأن تصرفه الخاص بنقل المحامي العام المستشار مصطفي خاطر الذي كان يباشر تلك الدعوي من القاهرة إلي بني سويف لأن هذا التصرف غير مسبوق ولا يؤدي اختلاف وجهات النظر إلي مثل هذا الاجراء الذي لا يتناسب مع الاستقلال الذي يجب أن يتوافر في رجال القضاء. مخالفة الدستور ويؤكد المستشار اسماعيل حمدي عضو مجلس القضاء الأعلي السابق ان قرار تعيين النائب العام الحالي جاء مخالفا للدستور والذي تقضي المادة 371 منه علي أن يتولي النيابة العامة نائب عام يعين بقرار من رئيس الجمهورية بناء علي اختيار مجلس القضاء الأعلي من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بالاستئناف والنواب العامين المساعدين ولم يحدث أن قام مجلس القضاء الأعلي باختيار النائب العام الحالي وإنما جري تعيينه من رئيس الجمهورية مباشرة. أما بالنسبة لتقديم طلب النائب العام الحالي العودة للعمل بالقضاء فهو ما يتفق مع صحيح نص قانون السلطة القضائية الذي أجاز له ان يطلب عودته إلي العمل بالقضاء وفي هذه الحالة تحدد أقدميته بين زملائه وفق ما كانت عليه عند تعيينه نائبا عاما وهو ما كان يجدر بسيادته التمسك بالاستقالة المقدمة منه خاصة أن قانون السلطة القضائية يقضي باحتفاظه بمرتباته وبدلاته كنائب عام بصفة شخصية.. أما عن نيابة حماية الثورة فإن الحقيقة انها جاءت بناء علي مرسوم بقانون من رئيس الجمهورية في 22 نوفمبر 2102 في أعقاب الاعلان الدستوري الملغي ولم يكن للنائب العام أي دخل في إنشائها وإنما قام باختيار تشكيل هذه النيابة من بين أعضاء النيابة. ويقول المستشار اسماعيل حمدي ان المرسوم بقانون الصادر بإنشاء نيابة حماية الثورة تضمن العديد من المخالفات للمبادئ القانونية المستقرة المنصوص عليها في قانون الاجراءات الجنائية ووضع هذا المرسوم النيابة العامة في حرج بالغ عندما نص علي استبعاد المادتين 554 و654 من قانون الاجراءات الجنائية وتقضي أولاهما بأنه لا يجوز الرجوع إلي الدعوي الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا بناء علي ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة.. كما تقضي المادة الثانية المستبعدة علي أن للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية بالبراءة أو الادانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية. أما عن كون المستشار طلعت ابراهيم النائب العام الحالي عمل كقاض مدني ولم يعمل بالعمل الجنائي فإنه إذا كان تعيينه أصلا قد تم مخالفا للدستور ولم يتم اختياره من مجلس القضاء الأعلي فإنه يستوي ان تكون خبرته في المدني أو في الأحوال الشخصية أو غيرها من فروع القانون. طريقة خاطئة ويقول المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل ونائب رئيس محكمة النقض السابق.. إنه يجب التفريق بين الوضع الحالي في القانون الذي نريد أن نغيره.. حيث ان رئيس الجمهورية يعين النائب العام من خلال نواب رؤساء محكمة النقض ومستشاري الاستئناف والمحامين العامين الأول.. وفي الحقيقة تلك الطريقة لا تعجبنا لأن الرئيس استقل بالتعيين ونرغب في تعديلها بأن يتولي مجلس القضاء الترشيح وتكون مهمة الرئيس اصدار قرار بالتعيين.. ولكن في النهاية الطريقة الحالية لتعيين النائب العام صعبة طبقا للقانون المعمول به. وأضاف ان المستشار طلعت ابراهيم عبدالله لم يقدم استقالته كما قال البعض بل انه كان قد تقدم بطلب للعودة لمنصبه القضائي الذي كان عليه قبل توليه منصب النائب العام.. وان مسألة الاستقالة أو رفضها ترجع لمجلس القضاء الأعلي.. ولكن إذا لم يبت المجلس حتي الآن في طلب النائب العام فمن حقه العدول عنه. وحول ما أثير عن تدخل المستشار طلعت ابراهيم من تحقيقات بعض الأحداث لدي النيابة العامة.. يؤكد محمود الخضيري ان النائب العام هو صاحب الدعوي العمومية وجميع من يعمل في النيابة العامة هم وكلاء عنه ويملك النائب العام إلغاء قرارهم.. وللنائب العام أن يصدر قرارا بحبس المتهمين أو يصدر قرارا بإلغاء حبسهم وسيتحمل مسئوليته عن تلك القرارات. العزل لا يجوز يقول د. شوقي السيد الفقيه الدستوري انه لابد أن نفرق بين طريقة التعيين وطريقة العزل.. لأن العزل لا يجوز مطلقا من السلطة التنفيذية حتي لو كان رئيس الجمهورية.. لأن ذلك يصيب استقلال القضاء في مقتل.. فعزل نائب عام يعد »سبة« في جبين النظام ولن ينساها التاريخ لأنه من الممكن أن يحدث مع رئيس أو عضو أي هيئة قضائية. وأضاف ان تعيين النائب العام له طريق محددة واجراءات في قانون السلطة القضائية.. حيث يجعل الاختصاص بالترشح لمجلس القضاء الأعلي والقرار يصدر من رئيس الجمهورية.. وانه ورد ذلك في نصوص الدستور وبالتالي حتي يكون القضاء مستقلا لابد من البعد عن السلطة التنفيذية لأنه ليس من المقبول أن يأتي الرئيس بقرار منه فيعزل نائبا ويعين آخر.. وهذا يعد ضربة في وجه القضاء المصري ليس لها مثيل.. كما يعد منصب النائب العام منصبا قضائيا رفيع المستوي علي قمة جهاز النيابة العامة لابد أن يبتعد عن مظلة الشبهة وبالتالي عندما يقوم الرئيس باختيار نائب عام وسبقه عزل آخر هنا تكون »مصيبة كبري«.. وعندما تقدم المستشار طلعت ابراهيم عبدالله النائب العام باستقالته من منصبه حمله كافة أعضاء النيابة العامة من المحافظات علي رؤوسهم ولكن عدوله عن قرار الاستقالة يعد عذرا أقبح من ذنب. وأوضح د. شوقي السيد حول ما أثير من تدخل المستشار طلعت ابراهيم عبدالله في تحقيقات أحداث الاتحادية واعتراف المستشار مصفي خاطر المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة بتدخله في تلك التحقيقات يزيد من الكثير من الشبهات وعلامات الاستفهام حتي لو كان النائب العام له حق مراقبة القرارات التي تصدر من النيابات وتصرفات أعضاء النيابة العامة. وأكد علي ان منصب النائب العام لا يشترط لمن يتولاه أن يكون عمل بالقضاء الجنائي فقط فالمستشار أحمد مكي قاض مدني وتولي منصب وزير العدل والمستشار يحيي جلال قاض مدني وتولي منصب رئيس جهاز الكسب غير المشروع.. ولكنه يفضل أن يكون قد عمل بالقضاء الجنائي حتي تتوفر الخبرة القضائية له عند تولي منصب النائب العام. ضد القانون يقول د. محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي انه ليس هناك ما يمنع قانونا من اختيار النائب العام من بين قضاة نواب رئيس محكمة النقض أو رؤساء الاستئناف سواء كان يشغل وظيفة قاض في الدوائر المدنية أو الجنائية، ولكن المشكلة هنا أن طريقة تعيين النائب العام الحالي تمت بالمخالفة للقواعد القانونية والدستورية وبناء علي قرار من رئيس الجمهورية سمي بأنه اعلان دستوري وهو في الواقع قرار إداري منعدم لعدم اختصاص رئيس الجمهورية باقالة النائب العام السابق وبالتالي.. جاء تعيين نائب العام الجديد علي منصب مشغول وصدر قرار اقالة النائب العام السابق بالمخالفة للمادة 119 من قانون السلطة القضائية ظروف الإكراه ويقول المستشار نورالدين يوسف رئيس محكمة جنايات القاهرة ان تقنين النائب العام في الدستور الجديد من اختصاص رئيس الجمهورية وقد كان تعيينه كذلك وفقا للاعلان الدستوري الأخير نوفمبر 2012 ومن ثم تعيينه كان موافقا للدستور والقانون وانه من حيث الاستقالة التي تقدم لها فلم تقدم للجهة المختصة وانما قدمت لمجلس القضاء الاعلي وهو غير مختص بقبول استقالة النائب العام وقد كانت هذه الاستقالة ليست وليدة ظروف طارئة تصل إلي حد الاكراه. فكان يمكن منع أعضاء النيابة من الوصول إليه بالقوة وفي هذه الحالة ستكون هناك مشكلة بين الشرطة والقضاء أو يتحمل إساءة اعضاء النيابة له وفي هذه الحالة ايضا يكون قد اساء لنفسه وللقضاء عموما وقد شاهدنا في التليفزيون وفي ارسال مباشر ما تعرض له سيادته من ضغط نفسي نتيجة وجود اعضاء النيابة في مكتبه واذا كانت استقالته تمت علي هذا النحو فإن عدوله عنها يعتبر عودة بالأمور إلي مجراها الصحيح.