عادت قضية النقابات المهنية للأضواء بعدما نشر عن تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا الذي أوصي بالحكم بعدم دستورية القانون الموحد للنقابات المهنية رقم 100 الصادر في عام 1993. ورغم أن التقرير استند في توصيتها إلي سبب شكلي، وهو أن القانون لم يعرض علي مجلس الشوري باعتباره من القوانين المكملة للدستور، ورغم أن المحكمة قد تأخذ بتوصية هيئة المفوضين (وهو الأرجح) أو لا تأخذ بها.. فإن أحدا لا يستطيع التغافل عن حقيقة الأوضاع التي تعيشها معظم النقابات المهنية التي تعطلت فيها الحياة النقابية الحقيقية، ويخضع بعضها للحراسة ويخضع بعضها لمجالس لم تتغير من التسعينات لتعذر إجراء الانتخابات بها. وبالتالي، وأيًا كان الحكم الذي سيصدر، فنحن أمام فرصة لتصحيح الأوضاع وإعادة الحياة إلي هذه النقابات التي تضم في عضويتها ثمانية ملايين هم عماد الطبقة الوسطي، والتي تستطيع تقديم الكثير، سواء في الارتقاء بالمستوي المهني لأعضائها، أو برعايتهم اجتماعيا واقتصاديا، والدفاع عن حقوقهم، وتقديم العديد من الخدمات التي يحتاجون إليها في ظل تراجع مستوي الخدمات العامة. لقد صدر القانون الموحد للنقابات المهنية لتصحيح خلل في عملية الانتخابات لاختيار القيادات النقابية، حيث كانت القوانين الخاصة بالعديد من النقابات التي تضم مئات الألوف في عضويتها تسمح لجمعية عمومية لا تضم إلا مائة أو مائتين من الأعضاء بإجراء الانتخابات واتخاذ القرارات باسم النقابة. كان المطلوب أن تكون هناك نسبة محترمة من الأعضاء تسمح بأن تكون الانتخابات معبرة حقيقة عن أعضاء النقابة مثلما كان الحال في نقابة الصحفيين، التي كانت نموذجا جيدا في هذا المجال، حيث لا تنعقد الجمعية العمومية لها إلا بحضور ربع الأعضاء علي أقل تقدير. وهو الأمر الذي منع أي تيار من السيطرة علي مقدرات النقابة وجعل مجلس النقابة في مختلف العهود ممثلا لكل التيارات ومختلف الاتجاهات. لكن المشكلة أن القانون الموحد دخل في تفاصيل عديدة، ولم يأخذ في اعتباره الفروق بين النقابات، وبعضها يضم ما يقرب من المليون عضو، بينما البعض الآخر لا تتعدي عضويتها بضعة آلاف. ومن هنا جاء الخلل الذي أدي إلي الشلل في العديد من النقابات المهنية الكبيرة التي وقع بعضها تحت الحراسة، ووقع بعضها الآخر في ظل التجميد، الذي عطل إجراء الانتخابات فيها لسنوات طويلة، في وقت تتزايد فيها المسئوليات علي كل النقابات المهنية وتزداد حاجة الأعضاء الذين يتجاوز عددهم الثمانية ملايين إلي عمل نقابي رشيد، يوقف التدهور في أحوال الطبقة الوسطي التي يمثلون عمادها، ويعمل علي الارتقاء بمستوي المهنيين باعتبارهم الثروة الكبري التي تملكها مصر لو أحسنت استثمارها. وأيًا كان الحكم الذي سوف يصدر من المحكمة الدستورية العليا، فنحن بلا شك في حاجة إلي إعادة النظر في القانون الموحد للنقابات المهنية، ليس فقط للتغلب علي إشكالية عدم عرضه علي مجلس الشوري، ولكن لكي نعيد الحياة للنقابات المهنية علي أسس تمكنها من أداء دورها في خدمة أعضائها وفي خدمة المجتمع، وبما يمنع أن تتحول لفروع لأحزاب أو تيارات تديرها لمصلحتها. وقد أعلن الوزير الدكتور مفيد شهاب أن هناك قانونا جديدا بهذا الشأن ضمن لائحة القوانين التي ستعرض علي البرلمان في الدورة القادمة. وقد سبق للدكتور شهاب أن ناقش معنا قبل حوالي ثلاث سنوات في أكثر من لقاء كان أهمها في المجلس القومي لحقوق الإنسان ملامح مشروع جديد للنقابات المهنية، كان هناك العديد من الملاحظات عليه، التي ربما كانت أحد أسباب إرجائه، والتي أرجو أن يكون قد تم التعامل معها بجدية في مشروع القانون الجديد. إن نقطة البدء في أي قانون جديد يعالج أوضاع النقابات المهنية هي الإقرار بالخلافات العديدة في طبيعة هذه النقابات.. بين نقابة تضم في عضويتها مليون عضو ونقابة تضم بضعة آلاف، وبين نقابة هي بطبيعتها في قلب قضايا الحريات، ونقابة يتركز اهتمامها في تقديم الخدمات التي يحتاجها الأعضاء، إلي آخر الفروق بين النقابات وترتيب أولوياتها والقضايا التي تهتم بها.. الخ. وهنا السؤال: هل يمكن أن يحكم عمل كل هذه النقابات قانون موحد؟ وإذا كانت هناك حاجة لمثل هذا القانون فهل يدخل في التفاصيل أم يقتصر دوره علي مبادئ محددة تحكم العمل النقابي بكامله، ثم تترك التفاصيل لقانون كل نقابة. إن المطلوب هنا قانون يؤكد علي ديمقراطية العمل النقابي ولا يترك لمائة عضو أن يقرروا مستقبل نصف مليون تضمهم النقابة. وأظن هنا أن مشروع القانون الجديد سيحدد نسبة معقولة تكون هي الحد الأدني لصحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، كما سيمنع فرض الحراسة في حالة عدم انعقاد الجمعية العمومية تاركا إدارة النقابة لأعضائها لحين إجراء الانتخابات. الأمر الثاني الذي يتطلب التعميم علي كل النقابات، هو خضوع حساباتها لرقابة جهاز المحاسبات، وبعد ذلك ينبغي ترك التفاصيل للقانون الخاص بكل نقابة والذي ينبغي مراجعته في ظل المبادئ العامة التي أشرنا إليها، والتي تضمن ديمقراطية العمل النقابي ونزاهته وعدم استغلاله لمنفعة شخصية أو لأغراض حزبية، مع وضع الظروف الخاصة لكل نقابة في الاعتبار. ويبقي الالتفات إلي أن استمرار تجميد العمل النقابي يفتح الباب لتحركات تهدد وحدة العمل النقابي وتسمح باختراقات مشبوهة لا سبيل لمواجهتها إلا بالممارسة الديمقراطية الفعالة داخل نقابات تستوعب الجميع وتخدم مصالح ثمانية ملايين من المهنيين يمثلون القاعدة الأساسية لأي إصلاح حقيقي ولأي نهضة مطلوبة. آخر الكلام فقد الاتصال بالقمر الصناعي المصري "إيجبت سات 1" ليس مجالا للتنكيت أو الشماتة. ولكنه مناسبة لكي نؤكد علي ضرورة مضاعفة الجهد في كل مجالات البحث العلمي. لقد استفدنا من هذا القمر (وهو من صناعة أوكرانيا) لمدة ثلاث سنوات. والمهم الآن أن يكون ذلك مجرد خطوة علي طريق إطلاق القمر الصناعي الذي يصنعه علماؤنا بأيديهم، بكل ما يعنيه ذلك عمليا وصناعيا واستراتيجيا! بعد الفضيحة التي أثارتها مداخلة الكابتن أحمد رفعت في البرنامج الرياضي الذي يقدمه الكابتن مصطفي عبده، وبعد الكلام الفارغ في برنامج الكابتن مدحت شلبي بمناسبة هزيمة الأهلي في تونس. يبدو أن إذاعة مثل هذه البرامج علي الهواء مباشرة أصبحت في حاجة لمراجعة! بمناسبة الهجوم الضاري من رجال الأعمال علي الترشيح لمجلس الشعب.. مطلوب أن يقدم كل منهم كشفا معتمدا من السلطات المختصة بحجم القروض التي استولي عليها من البنوك ولم يردها، وحجم الديون التي تم إعفاؤه منها، وحجم أراضي الدولة التي استولي عليها والثمن الذي دفعه فيها، وقيمة ما سدده من ضرائب مستحقة وما لم يسدده.. بعدها من حقه أن يسعي للحصانة البرلمانية ونحن مدركون لماذا يريد هذه الحصانة!!