الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار «فاروق سلطان» يوم الأحد الماضي بعدم دستورية قانون «ديمقراطية تنظيمات النقابات المهنية» رقم 100 لسنة 1993 وتعديلاته المقررة بالقانون رقم 5 لسنة 1995، سيؤدي إلي تغييرات جذرية في أوضاع 23 نقابة مهنية تضم في عضويتها ما يقرب من 8 ملايين مهني. أغلب هذه النقابات خاضعة للحراسة القضائية أو تم تجميد مجالس إداراتها منذ أكثر من 15 عاما نتيجة لهذا القانون الذي «ولد سفاحا علي غير إرادة الجمعيات العمومية للنقابات المهنية» علي حد قول النقابيين الذين رفضوا القانون منذ صدوره، وينتظر أن تشهد كل النقابات المهنية - عقب نشر الحكم بخمسة عشر يوما - دعوات لإجراء انتخابات لمجالس إداراتها خلال 60 يوما. ورغم أهمية هذا الحكم الذي يفتح الباب أمام عودة الحياة للنقابات المهنية وتأكيد استقلالها وإدارة شئونها طبقا لقانون كل نقابة، إلا أن هناك خشية أن تقوم الحكومة بإصدار نفس القانون الملغي أو مشروع قانون معدل كان الحزب الوطني يعتزم التقدم به، متلافية خطأ عدم عرضه علي مجلس الشوري، ليخوض النقابيون جولة جديدة للطعن علي عدم دستورية مواد القانون، وهو خطر يجب علي النقابات والأحزاب التصدي له بقوة. وكان المحاميان «عصام الإسلامبولي» و«عبدالعظيم جودة» قد أقاما دعوي أمام محكمة القضاء الإداري عام 2002 ضد وزير العدل ورئيس محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية واللجنة القضائية المشرفة علي انتخابات النقابات المهنية، وطالبوا بعدم دستورية المواد الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسادسة مكرر والتاسعة من قانون النقابات المهنية، وصرحت لهما المحكمة بالطعن علي القانون أمام المحكمة الدستورية العليا. وفي أكتوبر الماضي (2010) أكدت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار حاتم بجاتو عدم دستورية القانون 100 لسنة 1993 لمخالفته للمادة 195 بنصها عند صدور هذا القانون وقبل تعديلها عام 2007 والتي تفرض عرض مشروع القانون علي مجلس الشوري، حيث أصدر مجلس الشعب القانون دون عرضه علي مجلس الشوري. ورد تقرير هيئة مفوضي الدولة علي ادعاء د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، والذي تصفه الصحافة القومية بالفقيه الدستوري بأن المعروض علي المجلس اقتراح بقانون وليس مشروعا بقانون مقدم من الحكومة وبالتالي لا حاجة لعرضه علي مجلس الشوري، ورفضه لطلب أحد أعضاء مجلس الشعب عرض المشروع علي مجلس الشوري باعتباره من القوانين المكملة للدستور.. فقالت هيئة مفوضي الدولة «إن هذه التفرقة ليس لها مبرر دستوري» واستندت إلي حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 3 يونية 2000 في الدعوي رقم 153 لسنة 21 قضائية دستورية والقاضي بضرورة أخذ رأي مجلس الشوري لأنه «لا فكاك عنه ولا محيص عنه ولا يسوغ التفريط فيه أو إغفاله وإلا تقوض بنيان القانون برمته من أساسه». وأصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية قانون النقابات المهنية وإلغائه لعدم عرضه علي مجلس الشوري.. مما يمثل انحرافا في استخدام السلطة ومخالفة صريحة للدستور، وبالتالي لم تجد حاجة للتعرض للعيوب الموضوعية في المواد المطعون بعدم دستوريتها.