المستشار غبرىال جاد فى حواره مع مندوب »الأخبار« مجلس الدولة ضد تحصين أي قرارات من رقابة القضاءد ظهور القضاة علي الفضائيات وتعبيرهم عن آرائهم في قضايا سياسية هل يؤثر علي مصداقية أحكامهم؟ وما موقف مجلس الدولة من القرارات التي قد ترغب الدولة في تحصينها ولو مؤقتاً لضمان تحقيق مصلحة المجتمع، وماذا كان موقف قضاة مجلس الدولة من الاستفتاء والمشاركة في ضمان نزاهته؟ ولماذا نري دائماً رأيين مختلفين بين أندية القضاء وهيئاتهم القضائية؟ وهل وصلنا الي مرحلة يصبح فيها قضاء مجلس الدولة مسئولاً عن تنفيذ أحكام دون ولاية من القضاء العادي الذي يوقف تنفيذها؟!. أسئلة عديدة هامة طرحتها »الأخبار« علي المستشار غبريال جاد رئيس مجلس الدولة في حوار لم تنقصه الصراحة تناول فيه قضايا الشأن العام وعبر بحيدة القاضي وحكمة المسئول عما يجب أن يكون في ساحة العمل العام خاصة ان هناك آراء ومواقف تنال من حيدة مجلس الدولة من ناحية وتداخل اختصاصاته مع بعض الهيئات القضائية وعلي رأسها المحكمة الدستورية من الناحية الأخري.. فماذا قال في حواره مع »الأخبار«؟ كيف تري الظهور الإعلامي لرجال القضاء علي شاشات التليفزيون واسهابهم في عرض آراء ومواقف سياسية قد تنال من حيدتهم الواجبة؟ القاضي لا يتدخل في السياسة.. بل انه قانوناً ممنوع عليه التدخل في السياسة وأي محطة تليفزيون تعرض عليه التحدث أمام شاشتها فعليه أن يبحث أولاً هل سيتحدث في موضوع قانوني أم سياسي. فإذا كان شأناً قانونياً فلا بأس من التصريح له للحديث أمام الناس أما إذا كان شأناً سياسياً فأنا لا أقبل أن أعطيه تصريحاً بذلك لأن الأمر قد يعرض عليه شخصياً كقاض للفصل فيه. والقاضي يجب أن يكون محايداً وغير معروف له رأي أو موقف مسبق في أمر قد يعرض عليه. هذا هو ما نحرص عليه في قضاء مجلس الدولة الذي نجتهد ألا نحيد عنه. طلبت بعض القوي السياسية تعليق جلسات المحاكم ووقف إصدار أحكام كتعبير عن موقف سياسي فماذا كان موقفكم؟ نعم عرضت علي مجلس الدولة فكرة تعليق الأحكام نتيجة اصدار الإعلان الدستوري الأول وقد بحثنا الموضوع ووجدنا أنه لدينا دعاوي معروضة علي محاكم القضاء الإداري تطعن في الإعلان الدستوري وخرجنا من هذا البحث برأي التزمنا به جميعاً وهو عدم التعرض لأي قضية معروضة أمام المحاكم الإدارية حتي لا نبدي الرأي فيها وقد تؤثر بذلك علي رأي المحكمة. واجب والتزام ولكن بعض المتقاضين ردوا دائرة نظر الطعن في الإعلان الدستوري.. فما السبب؟ لم يكن السبب في قضاء مجلس الدولة ولكن لأن نادي قضاة مجلس الدولة أصدر بياناً يطالب فيه بتعليق الأحكام.. ولهذا قام البعض برد المحكمة بدعوي أنهم أعضاء في النادي ولم يعترضوا علي ما صدر عن ناديهم رغم أنهم -أي هيئة المحكمة- لم تشارك في كتابة وإعداد هذا البيان أو تبدي رأيها فيه.. ومن هنا تري أن الخصوم يتلمسون أي فرصة لمنع المحكمة من إصدار حكمها والخلاصة ان قضاء مجلس الدولة له دور قانوني وليس سياسيا وهو حريص علي الالتزام بهذا الواجب دون سواه. جبهات المعارضة هناك مخاوف من أن يتصدي مجلس الدولة للقرارات السيادية فيعطلها أو يعرقلها هل أنت مع أم ضد تحصين هذه القرارات تحقيقاً لمصلحة الوطن؟ أوضحت أنني لا أتعرض مطلقاً بالرأي لأي قضية معروضة علي المجلس لأنني ببساطة لو أبديت رأياً في الموضوع ثم تم عرضه علي المحكمة يتحتم عليّ أن أتنحي عن نظره.. وبشكل عام الدستور ينص علي عدم تحصين أي قرار من رقابة القضاء ليس فقط علي درجة واحدة وإنما علي درجتين أمام القضاء الإداري مرة ثم أمام الإدارية العليا. لاحظ المراقبون وجود حالة تصدي دائم من جانب المعارضة لأية قرارات رئاسية وهو أمر يعرقل التقدم للأمام والعودة دائماً إلي المربع رقم »1« في تقديرك كيف يمكن وقف هذا التعنت؟ لا يمكن تسمية ممارسة حق قانوني علي أنه تعنت وعندي في هذا الأمر رأي واضح.. ما الذي يخيف الحكومة من الطعن علي قراراتها طالما أنها قرارات سليمة ومطابقة للقانون؟ وكم من قضايا ترفع علي قرارات حكومية ويتم رفضها من جانب القضاء الإداري. فنحن لا نلغي القرارات السليمة وإنما نلغي القرارات الخاطئة والمثل الشعبي يقول: لا يخاف من البرد إلا العريان!! والحكومة لا ينبغي أن تكون كذلك!. قضاة الاستفتاء كيف كان موقف قضاة مجلس الدولة من الرقابة علي الاستفتاء؟ عرض هذا الأمر علي قضاء مجلس الدولة وكان موقفنا واضحاً ومحدداً وقلنا إننا لن نجبر أو نمنع أحداً من المشاركة في الاستفتاء وأرسلنا كشوفاً بأسماء جميع قضاة مجلس الدولة إلي اللجنة العليا للاستفتاء ولم يستثن منها سوي المعتذرين أو الاجازات أو الذين لهم ظروف خاصة وقلنا لجميع الزملاء أنتم أحرار في قراركم والباب مفتوح لمن يريد الاعتذار أو المشاركة. هذا هو الموقف الرسمي لمجلس الدولة. أما نادي قضاة مجلس الدولة فله موقف آخر نحن لسنا مسئولين عنه. فقد وصفنا هذا العمل بأنه عمل وطني ولكن لم نعترض أو نمنع من يقول بغير ذلك. ألا تصف موقف من يعتذر عن المشاركة بأنه صاحب موقف سياسي معارض لمسيرة النظام؟ أنا لا أتدخل في ضمير القاضي ولا أطالبه بأن يكشف لي عن سريرته. وهو عندما يعتذر لا يخبرني بأن ذلك موقف سياسي. كم عدد من شاركوا في الاشراف علي الاستفتاء؟ نحن أرسلنا قوائم بأسماء 0042 قاض وشارك منهم 0031 تقريباً في المرحلة الأولي. أندية القضاة صدر عن نادي قضاة مجلس الدولة اتهامات قاسية بحدوث تجاوزات جسيمة في استفتاء المرحلة الأولي تمنع من الاستمرار في المرحلة الثانية فما رأيك؟ رغبة أعضاء النادي في عدم الاشتراك لم تحدث بسبب وجود مخالفات كما يشاع وإنما حسب علمي لأنهم طلبوا أمرين لم يتحققا الأول رفع الحصار عن المحكمة الدستورية والثاني إعداد وثيقة تأمين علي حياة القضاة ووعدت الرئاسة بتنفيذ هذه الوثيقة ولم تنفذ وهذا ما دعا أعضاء النادي للدعوة إلي عدم المشاركة. هل تري اختلاف موقف نادي مجلس الدولة عن موقفكم ظاهرة صحية؟ المفروض أن يكون لنا جميعاً موقف واحد ولا نتشتت في الآراء.. فلو أن آراء أهل البيت الواحد متباينة حيال القضايا المختلفة فهذا يمثل تهديداً لاستقرار البيت.. ولكن الظروف فرضت علينا هذا الاختلاف الآن وأنا شخصياً أرفض إلزام أي طرف برأي الطرف الآخر. هل هناك تفاهمات بينك وبين رئيس النادي؟ أحياناً يعرض رئيس النادي علينا تقارير عن نتائج اجتماعاتهم ويطلب اعتماد مبالغ معينة لاستخدامات النادي أو غير ذلك وأقوم من جانبي بعرض الأمر علي المجلس الخاص لاتخاذ القرار المناسب. أحكام الخصخصة هناك رأي بأن بعض أحكام المجلس صعبة التنفيذ مثل فسخ التعاقدات بين الدولة والشركات التي تم خصخصتها.. فكيف تري هذه الصعوبات؟ نحن نطبق القانون علي الطعون التي تقام أمام القضاء الإداري ونضع فيها صحيح القانون ويبقي التنفيذ وإصلاح الأوضاع بعد ذلك مسئولية الحكومة. وإذا كان التنفيذ مستحيلاً من وجهة نظر الحكومة؟ نحن فقط نصدر الحكم والجهة الإدارية عليها التنفيذ وإذا رأت صعوبات فباب الطعن أمامها مفتوح أمام الإدارية العليا فأحكام القضاء الإداري دائماً تصدر علي درجتين الأولي من 3 قضاة والثانية من 5 قضاة. تردد أن أحكام القضاء الإداري الصعبة فتحت الباب أمام الحكومة كما الحال في قضية مدينتي لأن تخوض في اجراءات استثنائية لتفادي تنفيذ الحكم.. فما رأيك؟ نحن لا نفتح ولا نغلق.. نحن نطبق القانون بحذافيره هذه مسئوليتنا وإذا لم تلتزم الحكومة أو لجأت لأساليب فهذا أيضاً محل رقابة القضاء وعلي المتضرر أن يلجأ لقاضيه لرد الضرر عنه. حصار مجلس الدولة هل توقعت مرة أن يصل حصار لمجلس الدولة بعد المظاهرات التي أحاطت به مثلما حدث للمحكمة الدستورية بسبب أحكامها الصادمة؟ لا أتوقع هذا أو لا أريده ولا أتمناه.. ولكن لو حصل فسنبقي كما نحن لا نصدر أحكاماً إلا التي ترضي ضمائرنا وتتفق مع صحيح القانون مهما كانت صعبة أو مفاجئة. وما تقييمك الشخصي لتعذر تنفيذ الأحكام التي صدرت بشأن رد الشركات التي بيعت قبل سنوات بعيدة وتنقلت بين أكثر من يد؟ نحن في أحكامنا كلها نقف علي أرض صلبة لا نهتز والقلم في أيدينا لا يرتعش.. لأن القاضي الذي يهتز أو يرتعش لا يستطيع أن يحكم.. ونحن لا نميل إلي يمين أو يسار ولكن نضع في اعتبارنا دائماً في قضائنا العدل والرحمة معاً حتي تكون أحكامنا محل اطمئنان ورضا.. والقانون أمامنا نطبقه علي الوقائع ولا يعنينا التبعات بعد ذلك. كيف تري مستقبل مصر مع الدستور الجديد؟ أعتذر لأنني لن أستطيع أن أسرد انتقادات في شأن الدستور. المجلس في الدستور وما رأيك في النصوص التي تناولت مجلس الدولة نفسه؟ ما جاء بشأن مجلس الدولة في نظري نصوص مقبولة وكنا قد أرسلنا من قبل خطاباً إلي المستشار حسام الغرياني رئيس اللجنة التأسيسية بخصوص مجلس الدولة واستجاب لنا وأخذ بكل النصوص التي أوردناها وأهمها أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة تختص وحدها دون غيرها بالمنازعات الإدارية والطعون التأديبية وتنفيذ الأحكام. وهل تنفيذ الأحكام من سلطات مجلس الدولة؟ هذه النقطة طالبنا بها وتحققت في الدستور الجديد حتي تتاح لمجلس الدولة فرصة متابعة تنفيذ أحكامه.. وهذا النص منع ولاية أي محكمة أخري غير مجلس الدولة بأن تنظر في وقف تنفيذ أحكامه.. وهي نقطة أساسية مهمة جداً ونحن نحيي اللجنة التأسيسية علي أنها أوردتها في الدستور. اختصاصات جديدة وهل هناك اضافات أخري لاختصاصات المجلس؟ كان هناك التباس بين هيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة فيما يتعلق بالعقود حيث حاول البعض وضع نص في الدستور بأن تختص هيئة قضايا الدولة بإعداد العقود التي تنفذها الدولة. بينما ينص الدستور أصلاً علي أن يتولي مجلس الدولة مراجعة العقود وقد خشينا ان يحدث التباس في مسألة »إعداد« و»مراجعة« العقود ويحدث تنازع في الاختصاص بينهما لذلك حسم الدستور الجديد الأمر بالنص علي ان يختص مجلس الدولة بمراجعة العقود باعتبار ان ذلك يكفي ويزيل الالتباس. تردد وجود تداخل في الاختصاص بين قضاء المحكمة الدستورية العليا وقسم الفتوي والتشريع بمجلس الدولة فما حقيقة هذا التداخل؟ ليس تداخلاً وإنما تدارك لأزمات ومشاكل يمكن تفاديها.. فالجميع علي علم بأن معظم القوانين التي حكمت الدستورية العليا بعدم دستوريتها لم تعرض أصلاً علي قسم الفتوي والتشريع بمجلس الدولة ولذلك طلبنا من اللجنة التأسيسية للدستور النص علي عرض القوانين والقرارات التشريعية علي قسم الفتوي والتشريع أولاً لمراجعتها والنظر في اتفاق هذه القوانين مع الدستور من عدمه للتنبيه واتخاذ الاجراءات لتفادي أي عوار ولكن للأسف لم يستجب لنا واعتبروا ذلك أمراً اختيارياً للحكومة. وكنا نأمل أن ينال قسم الفتوي والتشريع فرصة الرقابة السابقة علي التشريعات قبل صدورها وهو دور غاية في الأهمية لتفادي الكثير من مشاكل عدم الدستورية. الأحكام الصادمة كيف تري ضم هيئة قضايا الدولة إلي مجلس القضاء الأعلي كهيئة مستقلة رغم تحفظ كثير من القضاة علي هذا الموقف؟ هذا الأمر تم حسمه وأنا لا أوافق علي أن تدمج قضايا الدولة فيما يسمي بالنيابة المدنية وإنما يجب ان تبقي كهيئة مستقلة تؤدي أعمالا قانونية ويحصل أعضاؤها علي نفس ما للقضاء العادي وما علي أعضائه وهذا الكلام ينطبق علي النيابة الإدارية أيضاً. ماذا تقول للذين يخافون من صدور أحكام صادمة من مجلس الدولة تقوض القرارات والأنظمة التي تصدر من الحكومة؟ أولاً نحن لا نصدر أحكاماً صادقة وإنما أحكام متفقة مع القانون وأقول للجميع لا تخافوا من قضاء مجلس الدولة طالما انها صحيحة وقانونية لأنها في النهاية تعبر عن الحق تلغي القرارات غير السليمة والقرارات السليمة تؤيدها. ردد البعض أن هناك تفاهمات أو توجيهات من مؤسسة الرئاسة بشأن اسلوب التعامل مع قضايا بذاتها. آسف.. ليس هناك رسائل من مؤسسة الرسالة لنا ولم يحدث ولن يحدث توجيهات لا من الرئيس ولا من غيره. ونحن لم نتعرض لضغوط علي الاطلاق. وهذه كلمة حق لا بد من قولها.. نحن نطبق القانون ورزقنا علي الله.. القرار السليم نضرب له تعظيم سلام والخاطئ نلغيه مهما كانت العواقب.