المستشار أحمد الشحات أثناء حواره مع محرر »الأخبار« القضاء المصري يعد من أهم مؤسسات الدولة ومن أهم أعمدتها التي ترتكز عليها.. والسلطة القضائية سلطة مستقلة ويعمل أفرادها في حيادية تامة وينطلق عملهم من المنطلق القانوني.. والقانون لم يوضع إلا ضمان وحماية وصيانة حقوق المجتمع والأفراد في جميع مجالات الحياة ولذا كان لزاماً علينا إجراء حوار مع المستشار أحمد الشحات نائب رئيس مجلس الدولة ليضع لنا النقاط فوق الحروف في العديد من القضايا المطروحة علي الساحة السياسية المصرية والتفاصيل في السطور التالية بالسؤال التالي: هل تتصور أن المشكلة الأخيرة التي نشأت بين رياسة الجمهورية والقضاء فيما يخص عدم تنفيذ بعض أحكام المحكمة الدستورية العليا، كل ذلك هل ينبيء بحالة من النفور بين القضاة ومؤسسة الرياسة؟ لا أعتقد أن هناك حالة من النفور ،هي مجرد وجهات نظر.. فالأحكام القضائية واجبة الاحترام وواجبة التنفيذ وخاصة حكم المحكمة الدستورية العليا بخصوص حل مجلس الشعب حكم واجب النفاذ وملزم لجميع سلطات الدولة بمجرد نشره في الجريدة الرسمية.. ورياسة تفهمت هذا الموقف في هذا القرار الأخير لرئيس الجمهورية وأرجأ تنفيذ قراره.. ودائماً يؤكد علي احترامه للدستور والقانون وأحكامه ولا أعتقد أن هذه حالة نفور وإنما هي مجرد وجهات نظر بين بعض المستشارين في رياسة الجمهورية والقضاء. نحن كشعب حالياً في حالة التباس وسببها كثرة الآراء غير المسئولة.. نحن في حالة لأول مرة تمر بها الدولة فلابد وحتماً أن نعلي من مبدأ سيادة القانون إذا أردنا للجمهورية الثانية أن تعلو فلابد أن نحترم مبدأ سيادة القانون.. ومبدأ سيادة القانون قد يري البعض ان فيه مضار لمواقف معينة أو مكتسبات معينة لكن هذا في الحقيقة مكسب.. فكل ما نعلي من مبدأ سيادة القانون مهما كانت المضار للبعض إلا أن ذلك في النهاية مكسب للدولة ولاستمرارية الدولة وديمقراطية الدولة وعلو شأن الدولة في المستقبل.. فالقانون والقرار انعكاس لواقع هذا المجتمع إذا لم يعبر القانون عن واقع المجتمع شذ وخرج عن مضمونه.. فالقانون أصلاً وضع القانون لضمان وحماية وصيانة حقوق المجتمع والأفراد.. فإذا خرج عن هذا المعني فلا قيمة له لأن العقد الاجتماعي المكونة منه النظرية القانونية هي أن المجتمع تراخي في العقد الاجتماعي علي تكوين وتفويض مجموعة لوضع القانون لخدمة مصالحه فإذا خرجت هذه القواعد عن مسارها الأصلي لا قيمة لها. بلا تمييز كيف يمكن أن نضمن تنفيذ كل الأحكام إذا كانت واجبة التنفيذ علي كل الهيئات بلا تمييز؟ لابد أن تنفذ الأحكام وواجب تنفيذها بلا تمييز طالما صدرت أحكام واجبة النفاذ وليس هناك من سبيل للطعن عليها ليوقف تنفيذها أو يرجيء تنفيذها فهي واجبة النفاذ سواء كانت علي هيئة قضائية أو السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية.. أمر لا جدال عليه أن نحترم ونقدر والتنفيذ يكون فوراً وبلا تردد. فالقضية المشهورة لتشرشل في قضية القاضي الذي أوقف الطيران من المطار المجاور للمحكمة لأنه يعطل الجلسة وأثناء الحرب العالمية الثانية فقال تشرشل تخسر انجلترا الحرب ولا يقال إنها رفضت تنفيذ حكم القضاء. هذا أمر غاية في الخطورة.. عدم تنفيذ الأحكام القضائية معناه أننا لا نقدر قيمة الدولة لأن الدولة من بين أركانها الأساسية القضاء.. فإذا لم تنفذ أحكامه فلا يعد هذا تعدياً علي السلطة القضائية وإنما يعد هذا تعدياً علي ركن أساسي من أركان الدولة وسيادة الدولة. هل تري أن هناك بعض المواد التي يجب أن نضعها في الدستور الجديد حتي نضمن تنفيذ الأحكام علي كل المستويات وبصرف النظر عن المنصب أو الجهة التي ترتبط بهذا الحكم؟ والله النصوص موجودة حتي في الدستور القديم وإن شاء الله ستكون موجودة في الدستور الجديد لأن القضاء سلطة مستقلة وما يصدر منها من أحكام واجبة النفاذ.هذا الأمر يكفي نحن محتاجون إلي شيء واحد وهو أن ننحي المكتسبات الشخصية والمطامع الشخصية والرغبات الشخصية والتطلعات الشخصية جانباً لتسير الدولة.. وأنا أقول بمنتهي الصراحة علو مبدأ سيادة القانون لا يضر بأي فصيل سياسي أو حزبي بل بالعكس إن هذا سيخدمه ويكون ضمانة أساسية له.. وكان في الماضي يسعي دائماً الي تطبيق القانون ولم يجد ذلك وهذا الفصيل يراعي مصلحة الدولة والوطن ويسعي إلي تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في المجتمع ويعلي من مبدأ سيادة القانون.. ونعمل جميعاً جاهدين علي استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية لتعود مصر الي مكانتها الطبيعية. دون أساس ما موقف مجلس الدولة من قضايا مازالت معروضة علي القضاء مثل حل مجلس الشوري والجمعية التأسيسية الثانية؟ مجلس الدولة له دور أساسي للفصل في المنازعات الادارية، ومجلس الدولة أحال دعوي حل مجلس الشوري لهيئة المفوضين انتظاراً لما سيسفر عنه حكم الدستورية.. يعني بمعني أصح أحالها لهيئة المفوضين لاعداد تقرير بالرأي القانوني فيها ونحن نعلم جميعاً أن هذه الدعوة منظورة أمام المحكمة الدستورية والإجراءات أمام المحكمة الدستورية 03 يوماً من تاريخ إيداع الدعوي للردود وما إلي ذلك و51 يوماً لإعداد التقرير في هيئة المفوضين للمحكمة الدستورية العليا ثم المحكمة تحدد جلساتها حسبما يتراءه لها لإصدار حكمها في هذا الموضوع.. ومن المعلوم أن حكم بطلان الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب.. مواد القانون الذي نظم انتخابات مجلس الشعب هي مواد مرتبطة بالضرورة بمجلس الشوري بعدم دستورية النصوص القانونية في قانون مباشرة الحقوق السياسية التي أجريت علي أساسها الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب، تتكاتف وتترابط وتتواصل وهي ذاتها النصوص القانونية التي أجريت علي أساسها الانتخابات التشريعية لمجلس الشوري والأمر معروض أمام المحكمة الدستورية وهي صاحبة القول الفصل في هذا الشأن. أما الجمعية التأسيسية فهي مشكلة المشاكل في الحقيقة واسمح لي أن أتكلم بصيغة الماضي ثورة 52 يناير المباركة أخذت علي عاتقها والقائمين علي إدارة شئون الدولة أن يطبقوا الشرعية القانونية وليس الشرعية الثورية وارتضي المجتمع بالإعلان الدستوري الأول الصادر في هذا الشأن بأن نعلي مبدأ سيادة القانون، وأن يحاكم كل إنسان أخطأ أمام قاضيه الطبيعي. إذا فهمنا هذه النقطة السابقة لابد أن نسير في اتجاه معين وهو اتجاه الشرعية القانونية والشرعية الدستورية، الشرعية التي احتكم اليها الشعب في الإعلان الدستوري الأول وتم الاستفتاء عليه وفوض المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد من الناحية التشريعية ومن الناحية القانونية.. والرجوع عن هذا المبدأ سبب لنا كما يقولون دربكة كبيرة.. تم الاستفتاء صدرت القوانين انتخبت الهيئات التشريعية مجلس الشعب والشوري ونص القانون علي انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور وشكلت علي نحو ما ورئي أن تشكيلها علي هذا النحو به عوار ومخالف للقانون وتم الطعن عليها أمام محكمة القضاء الاداري وأصدرت المحكمة حكماً ببطلان الجمعية التأسيسية الأولي نظراً لما شابها من عوار يتعلق بمخالفة القواعد القانونية التي نظمتها.. كان يجب وحتماً ولزاماً أن نلتزم بحدود وضوابط ما انتهي إليه الحكم القضائي الواجب النفاذ ثم قام مجلس الشعب آنذاك بتشكيل الجمعية التأسيسية مرة أخري وأيضاً رئي أن بها بعض المسالب والعوار بذات النهج والمنطق السابق وطُعن علي الجمعية التأسيسية ومازالت منظورة أمام القضاء. اما الدعاوي الأخري منها دعوي رد المحكمة ومازالت منظورة وتقريباً تم تحديد يوم 03 يوليو.. وهنا أريد أن أقول ما قلته سابقاً وهو لو أننا صادقون في إعلاء مبدأ سيادة القانون نتبرأ من العيوب ونصحح الأخطاء لنعلي سيادة القانون من أجل أن تستمر الدولة في مسارها الطبيعي.. للأسف نحن تأخرنا كثيراً ومضت سنة ونصف ونحن نتكلم وسنستمر نتكلم ولم ولن نفعل شيئاً لأنه علي رأي المثل الخليجي الذي يقول: »أشبعناهم شتماً وفازوا بالإبل«.. وأريد أن أضيف شيئاً عن الجمعية التأسيسية هناك مقولة للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه »ما نحن إلا فروع لأصول ذهبت ولا بقاء لفرع ذهب أصله« ذهب مجلس الشعب..؟! والمعني واضح. الحقوق والحريات يشهد التاريخ بالمواقف المضيئة لمجلس الدولة في قضايا مصيرية كثيرة هل يمكن أن نشاهد هذه المواقف التاريخية مرة أخري لصالح هذا الوطن؟ نحن بالفعل نشاهد هذا كل يوم وسيظل مجلس الدولة حامي الحقوق والحريات في مصر، ومجلس الدولة وما يتعرض له من مواقف صعبة يثبت في كل مرة أنه فعلاً الحصن والملاذ لحماية حقوق الأفراد في مصر بل لحماية حقوق الادارة ذاتها في بعض الأحيان ولدينا الأحكام التي صدرت سواء في الغاز أو سواء أحكام الجامعات والنقاب وأحكام الشرطة لاخراجها من أمن الجامعات وأحكام الجمعية التأسيسية.. مجلس الدولة مستمر ان شاء الله وسيستمر في إعلاء مبدأ سيادة القانون حفاظاً علي حقوق الأفراد وحرياتهم. لا فرقة في القضاء ما رأيك فيما تردد عن وجود هيئة مستقلة للقضاة وهل يجوز استمرار حالة الانفصال والمشاحنة بين قطاعات القضاء المختلفة وما السبيل لتوحيد كل جهود القضاة باعتبارهم مثلاً أعلي لهذه الأمة؟ والله احنا عندنا حاجتين فيه حاجة اسمها قضاة من أجل مصر وقضاة الاستقلال.. أنا من وجهة نظري لا أعرف سوي حاجة واحدة وهو أن القضاء العادي ويمثله نادي القضاة وقضاة مجلس الدولة ويمثلهم نادي قضاة مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة ويمثلهم نادي هيئة قضايا الدولة والنيابة الادارية ويمثلهم نادي هيئة النيابة الادارية فأرجو وأتمني ألا تكون هناك فرقة بين القضاة سواء في مجلس الدولة أو القضاء العادي أو أية هيئة قضائية ولابد أن نجتمع علي كلمة سواء.. ولابد أن يتوحد القضاة لأن عليهم عبئاً وعليهم دورا كبيرا جداً وأن نتقي الله سبحانه وتعالي. الاستحواذ هل إبعاد هؤلاء القضاة والفقهاء مقصود به انفراد جهة معينة بوضع الدستور؟ لا أعتقد ذلك أي لا أعتقد أن الإبعاد مقصود به الانفراد وإنما مقصود به إلي درجة معينة الاستحواذ وأريد ان اقول ان دستور 32 وضعته لجنة مكونة من ثلاثين فرداً فقط وهذه اللجنة معينة وليست منتخبة وكانت تسمي آنذاك بلجنة الثلاثين ووصفت بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان ومع ذلك وضعت دستوراً غاية في الرقي رغم أنهم كانوا يسمون هذه اللجنة بلجنة الأشرار ومع ذلك حكم التاريخ وحكم التاريخ قاطع وإن لم نره بأعيننا فسيراه من يأتي بعدنا ولا سبيل للدفاع عن أنفسنا.