يدعونا الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إلي التأمل والبحث في الوضع القانوني لسلطات الدولة, حيث يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات في علم القانون الدستوري, هو حجر الزاوية في الديموقراطيات الحديثة, ومفاد ذلك أنه لا يتم السماح لأي من السلطات الثلاث بأن تتغول علي الأخري أو أن تزاحمها في مجالها أو أن تمارس سلطات غيرها. بعد صدور الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري ومدي عدالة تمثيل القضاة في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فإنه يتبين لنا أن هذا التمثيل فيه غبن واضح للسلطة القضائية الدائمة والمستمرة والمستقرة والتي لا تتغير مع الأيام بخلاف السلطتين التشريعية والتنفيذية, ونحن نري أن التمثيل العادل لهذه السلطة القضائية هي أن تمثل بثلث أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وأن يشمل هذا التمثيل الهيئات القضائية الخمس المعروفة وهي القضاء العادي والمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة. ونحن نري أنه لا يكفي أن يتم تمثيل الهيئات القضائية الخمس في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بستة أعضاء وهو فقط: مستشار من القضاء العادي ومستشار من المحكمة الدستورية العليا ومستشارين من مجلس الدولة ومستشار من النيابة الإدارية ومستشار من هيئة قضايا الدولة, ولا يجوز بطبيعة الحال احتساب قضاة آخرين من الشخصيات العامة الذين تركوا الخدمة بالقضاء. ويستوجب الوضع الدستوري في مصر ذلك بسبب أحداث قضية التمويل الأجنبي وغيرها من الاعتداءات المتعددة علي استقلال القضاء.
ويتطلب الوضع الثلاثي للسلطات أن تمثل السلطة القضائية بثلث أعضاء اللجنة لأنها سلطة مستقرة وساكنة ومستمرة ولم تتغير بعد الثورات في جميع الدول وهي الحارس بعلمها وحيادها وعدلها لسطات الدولة ولجميع أفراد المجتمع. ولما كان القضاة يترفعون عن الحديث في السياسة إلا أن تمثيلهم في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور هو شأن عام يعنيهم جميعا وسوف يدافعون عنه, ويجب ألا يتم السكوت عنه ولن يتم السكوت عنه بعد إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ولوجود طعون متعددة جاهزة علي قرار مجلسي الشعب والشوري بالإغفال المتعمد لتمثيل إحدي سلطات الدولة الثلاث تمثيلا عادلا في اللجنة. ونحن ندعو المجلس الأعلي للقوات المسلحة بحكم وضعه الدستوري واختصاصه بإصدار الإعلانات الدستورية إلي المسارعة في إصدار إعلان دستوري تكميلي للإعلان الحالي يتضمن أربع مواد هي المواد 60 مكرر و60 مكرر (1) و60 مكرر (2) و60 مكرر (3) وذلك لإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وكل إجراءاتها الدستورية التفصيلية, وأن تكون نسبة التصويت علي قراراتها بواقع الثلثين علي الأقل, وزيادة عدد أعضائها ليكون ستمائة عضو منهم مائتا ممثل للهيئات القضائية أسوة بلجنة وضع الدستور الإيطالي الصادر سنة 1947 م والذي ما زال ساريا حتي الآن والتي كان يبلغ عدد أعضائها 515 عضوا ثلثهم من القضاة الإيطاليين عندما كان عدد سكان إيطاليا 10 ملايين نسمة, علما بأن عدد سكان إيطاليا اليوم 62 مليونا وعدد سكان مصر 82 مليون نسمة انظر تفصيلا موسوعتنا عن شرح الدساتير المصرية والمستويات الدولية دراسة مقارنة. هذا هو اقتراحي بصفتي أحد أعضاء القضاء العادي البالغ عدد أعضائه فقط ثلاثة عشر ألف قاض وعضو بالنيابة العامة يمثلهم قاض جليل واحد لديه مشاغله الكثيرة , وأحتفظ بحقي وزملائي أعضاء الهيئات القضائية الأخري الأربع في الطعن علي أي تشكيل آخر يخالف نطاق الثلث المحجوز للسلطة القضائية المغبونة, والتي لم تمثل تمثيلا عادلا في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ولمساس ذلك بسيادة السلطة القضائية المسلم بها وبمبدأ الفصل بين السلطات, وذلك حتي لا يتم إبطال تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور مرة ثانية.