أسماك المزارع والأسماك المستوردة تغرق الأسواق والبلدى أختفى!! الخبراء: الصين وفيتنام والهند تصدر لنا »البواقي« والمخلفات!! أهم الأسباب: الصيد الجائر وتلوث البحيرات وتجاهل البحوث والدراسات فما الذي ادي الي تدهور قطاع الثروة السمكية والذي وصل انتاجه إلي أدني مستوي له.. الخبراء اكدوا ان ما يصل الينا من اسماك هو بقايا ومخلفات الثروة السمكية لهذه البلدان، وقالوا ان الصيد الجائر للاسماك الصغيرة وبيعها للزريعة، وتلوث البحيرات بشكل كبير وانتشار البلطجية وسيطرتهم علي هذه البحيرات، بالاضافة الي تجاهل بحوث ودراسات معهد علوم البحار، وسوء الادارة من جانب هيئة الثروة السمكية، وطالبوا بإعادة النظر في البحيرات الخمس الكبري والتي يأتي علي رأسها المنزلة والبرلس وناصر والعمل علي توسعتها وتنميتها وإزالة كل المعوقات بها وتوفير المعدات اللازمة لذلك بالاضافة إلي امدادها بلنشات سريعة لتأمينها من عمليات السطو التي تقوم بها بعض العصابات ضد الصيادين، لكي تتمكن مصر من تحقق الاكتفاء الذاتي من الأسماك وتصدير ما يفيض من الانتاج.. الاخبار قامت بجولة في الاسواق ورصدت إغراقه بالاسماك المستوردة وناقشت الخبراء في كيفية استعادة الثورة السمكية لعرشها.. وفقا لاخر دراسة اجرتها هيئة تنمية الثروة السمكية فإن انتاج مصر من الاستزراع السمكي يبلغ 71 ٪ محتلة المركز الاول علي مستوي افريقيا، وأوضح أن مصر تقدمت إلي المركز الثامن عالمياً في قائمة الدول العشر الأولي المنتجة للأسماك في العالم وذلك بعد أن كانت في المركز الحادي عشر منذ ثلاث سنوات، وأن مصر حققت زيادة في الإنتاج السمكي بلغت 700 ٪ مقارنة بالإنتاج السمكي لمصر في الثمانينيات من القرن الماضي، حيث بلغ الإنتاج مليونا و 400 ألف طن سنويا، بحيرة المنزلة والبرلس تنتجان 15 ٪ تليهما بحيرة ناصر التي يصل إنتاجها إلي 24 ألف طن بدلاً من 28 ألف طن، موضحاً أن أقصي إنتاجية من هذه البحيرة يصل إلي 35 ألف طن لضمان استدامة التنمية. المستورد يغرق الأسواق "الاخبار " قامت بجولة داخل اسوق الجيزة والقاهرة لمعرفة ما يدور داخل اسواق الاسماك خاصة بعد ان اصبحت غارقة في الاسماك المستوردة، واختفاء المنتج المحلي او ما يسمي " البلدي " منها.. فبمجرد الدخول الي سوق السمك تصطدم ب " كراتين " من الاسماك المجمدة المستوردة من الصين ومن فيتنام ومن دول اخري عديدة، وتنتشر في الاسواق ايضا اسماك المزارع، وهي تدخل في اطار الاستزراع السمكي المنتشر بكثافة في ربوع مصر، ليصبح في النهاية البحث عن اسماك " بلدي " بمثابة المستحيل، هذا لأن هذه الاسماك كما يقول - حسين محمد - تاجر سمك جملة، يتم تصديرها الي الخارج، لانها مطلوبة في الخارج، ويتم طرح اسماك المزارع والاسماك المستوردة في الاسواق المصرية، وكأن المواطن المصري ليس من حقه الاستمتاع بخير بلاده.. تحدثنا مع حميد رجب وهو من اقدم البائعين المتواجدين داخل سوق الجيزة فيقول ان السوق متواجد به جميع الانواع والاشكال والاحجام ومع اختلاف الاسعار ايضا فالبلطي سعر الكيلو منه 12 جنيها والجمبري الوسط يباع الكيلو منه بسعر 70 جنيها، اما الكابوريا فوصل سعرها الي 25 جنيها للكيلو.. ويضيف ان الاسعار عرض و طلب و لم تحدث اي زيادة به، ويوجد ايضا الاسماك المستوردة وهي انواع معينة مثل " الماكريل وسمك الباسا والجمبري الصيني " وهذه الانواع تلقي اقبالا كبيرا من المواطنين. الأسماك المستوردة تهدد الانتاج المصري ويؤكد كمال محمد علي بائع انه يوجد بالفعل لدينا في السوق اسماك مستوردة، وان كان اكثر الانواع التي يتم استيرادها هو الجمبري والذي يأتي من اكثر من بلد ولكن الاكثر مبيعا لدينا من الهند، اندونسيا، الاكوادور، ماليزيا وفيتنام ويتراوح سعره حسب الحجم من 55 جنيها الي 65 جنيها.. ويطالب ان يعيد جميع المسئولين النظر في ضرورة اعادة الاستفادة من مواردنا بأي شكل من الاشكال خاصة انه اذا تم الاستفادة منها فستكفي حاجتنا بل وتزيد ايضا. رخيصة السعر ويشير سليم محمد بائع قائلا ان الاسماك المجمدة قامت بحل الازمة بشكل كبير فهي بالنسبة لمحدودي الدخل (طوق نجاة) فكيلو الفيليه منه يتراوح ما بين 20 الي 30 جنيها، وبذلك تكون وجبة غير مكلفة لأي ربة منزل، مشيرا الي ان الجمبري وسمك التونة والسبيط هي اكثر انواع الاسماك التي يتم استيرادها، ولكن للأسف 80 ٪ من الاسماك التي يتم استيرادها، اسماك مزارع، وهذا الذي يجعلنا نتساءل لماذا لا نقوم بتطبيق نفس العمل و يتم عمل مزارع للاستفادة من ثروتنا واسماكنا. ويضيف صلاح محمود بائع لدينا اكثر من 155 بحيرة ونهر النيل والبحر الابيض والمتوسط، بالاضافة الي بحيرة ناصر والتي يكفي انتاجها لاستهلاك الشعب المصري بأكمله، ولكن لا ادري لماذا لا يتم استخدامها حتي الان، مع العلم انه منذ اكثر من 25 عاما 80٪ حق انتفاعها للشركة المصرية الكويتية، و20 ٪ لشركة اسوان.. ونظرا لجودة نوعية الاسماك بها اذا قمنا كبائعين بالشراء من انتاج البحيرة ذلك يكون عن طريق التهريب وباسعار نقل وتكاليف مضاعفة، فليس لدينا وسيلة اخري حتي نقوم بالانتفاع منها بشكل رسمي، ويجب ان ينتبه المسئولون لذلك قبل فوات الاوان. أسعاره رخيصة اما المواطنون فهم يصرخون من سوء جودة الاسماك المستوردة التي لا يجدوا بديلا لها في الاسواق، وكأنه مكتوب علي المواطن الا يستمتع بخير بلاده، فتقول فوزية محمد - ربة منزل الاسماك المستوردة سيئة جدا، وطعمها غريب، ورغم ان احجامها كبيرة الا انها ليست جيدة الطعم، ولا يشعر اي احد بمتعة اثناء تناولها، مضيفة انها تبحث دائما عن الاسماك البلدية، ولكن بلا جدوي، ولا توجد اي اسماك بلدية الا اسماك البلطي النيلي، وهي صغيرة الحجم ولا نجدها الا في اضيق الحدود. ويضيف احمد حسين - موظف - انه لا يجد في الاسواق المصرية سوي الاسماك المستوردة، او اسماك المزارع ، فأسماك " الماكريل " تكون مستوردة والجمبري كذلك، والبلطي يكون من المزارع، والاسماك البلدية اذا وجدت في الاسواق فإن اسعارها مرتفعة جدا، مما يضطر المواطن الي شراء المستورد. بقايا ومخلفات الدول ما يصل الينا من اسماك مستوردة هي بقايا ومخلفات الثروة السمكية في هذه الدول المصدرة ، هذه المفاجأة فجرها الدكتور علي ابراهيم البلتاجي مدير معهد علوم البحار سابقا، محذرا من اغراق الاسواق المصرية بهذه الاسماك المصرية، خاصة ان سعرها رخيص مقارنة بالاسماك "البلدية " ولكن جودتها سيئة للغاية لانها عادة ما تكون غير مطابقة للمواصفات العامة والشروط الموضوعة للاسماك المستوردة، وذلك في ظل غياب الرقابة علي استيراد هذه المنتجات البروتينية، واضاف ان الثروة السمكية في طريقها للانهيار وذلك لعدة لاسباب اهمها سوء الادارة من جانب هيئة الثروة السمكية ، وتهميش دور معهد علوم البحار الذي كان له دور كبير في تنمية هذه الثرورة الحيوية لمصر، حيث قامت هيئة الثروة السمكية بسحب معظم الاختصاصات من المعهد، حيث كان يقوم بتدريب الصيادين وتأهيلهم وتعريفهم بمواعيد، واعداد الدراسات والبحوث لتطوير الاسترزاع السمكي، ومقاصد الصيد في مصر، حيث قدم المعهد في عام 1995 دراسة لهيئة الثروة السمكية اثبت فيها ان البحر المتوسط من الممكن ان نحصل منه علي 13 الف طن، واذا اخذت هذه الدراسة في الاعتبار، كان من الممكن ان نحصل من البحر المتوسط الان علي 150 الف طن في الدورة الواحدة التي مدتها 6 شهور، ولكن كالعادة وضعت الدراسة في الادراج ولم يعمل بها، فكانت النتيجة هي اننا اصبحنا من مستوردي الاسماك بعد ان كنا من المصدرين، كما طرح المعهد بحوثا حول تطوير انتاجية مزارع الاسماك لتصل الي 200 طن للفدان الواحد في الدورة الواحدة التي مدتها لا تتعدي 6 شهور، ولكن لم يتم اخذها في الاعتبار حيث انها كانت من الممكن ان تنعش الثروة السمكية في مصر، فمثلا لو زرعنا 150 فدانا من الاسماك يصبح انتاجها 30 الف طن في الدورة الواحدة، ولكن لا حياة لمن تنادي. ويضيف ان اهم اسباب انهيار الثروة السمكية هو الصيد الجائر للاسماك الصغيرة " الزريعة " والتي يتم بيعها للمزارع السمكية ويقبل عليها اصحاب المزارع، حيث يتم صيدها قبل اكتمال نموها مما يؤدي الي القضاء علي أمهات الأسماك مما يؤثر علي الثروة السمكية بصفة عامة، كما ان انتشار الورد النيلي بشكل كبير يعوق عمليات الصيد بشكل كبير، كما ان تصدير كميات كبيرة من المنتج الملحي إلي الأسواق الأوروبية والعربية يساهم بشكل كبير في زيادة الفجوة بين الاستهلاك والانتاج. 400 ألف طن سنويا الدراسات الرسمية تشير الي أن مصر تستورد 400 ألف طن سمك سنوياً رغم امتلاكها مساحة تتراوح ما بين 3 إلي 4 آلاف كيلومتر من الشواطيء الممتدة علي البحرين الأبيض والمتوسط بالاضافة إلي 4 بحيرات بالشمال وأخري بالجنوب بخلاف نهر النيل العظيم، كيف يمكن لمصر ان تستورد هذه الكمية الضخمة سنويا، ونحن نمتلك هذه المقومات والامكانيات، يحاول الدكتور طه السيسي رئيس بحوث التكنولوجيا الغذاء والخبير في الثروة السمكية ان يجد تفسيرا لهذا اللغز المحير، ويحاول ان يفك طلاسم هذه المعادلة غير المنطقية، فيقول ان الثروة السمكية في مصر هي واحدة من أهم مصادر الدخل القومي وكذلك تعتبر مصدر من مصادر البروتين الآمن والذي يوفر الاحتياجات الغذائية داخليا وينمي صناعات أخري بجانبه، وتشغل المصايد السمكية في مصر مساحات شاسعة تزيد علي 13 مليون فدان، وبما يعادل قرابة 150٪ من الأرض الزراعية بها، وتتنوع هذه المصادر بحسب طبيعتها فمنها البحار كالبحرين الأحمر والمتوسط ومنها البحيرات وتشتمل علي بحيرات المنزلة، والبرلس، والبردويل، وإدكو وقارون ومريوط والبحيرات المرة، وملاحة بور فؤاد، ومنها أيضاً مصادر المياه العذبة وتشتمل علي نهر النيل بفرعيه والترع والمصارف، وإذا كانت المصادر السابقة مصادر طبيعية، فإن الإنسان استحدث مصادر أخري اصطناعية كبحيرة ناصر وبحيرة الريان، هذا بالإضافة إلي المزارع السمكية الموجودة في أنحاء مختلفة من مصر، وكل هذه المصادر تعاني من الاهمال فعلي سبيل المثال البحيرات التي كانت مصدرا مهما للثروة السمكية اصبحت خارج الحسابات واصبحت بؤرا للملوثات الصناعية التي تقضي علي الاسماك والزريعة مضيفا اننا فقدنا المصدر الام للثروة السمكية وهي بحيرة ناصر التي كانت تنتج كميات كبيرة يوميا تصل الي 40 طن يوميا من الاسماك اما الان فهي تنتج ربع الكمية وذلك يرجع الي عدة اسباب اهمها الصيد الجائر لبعض الصيادين المخالفين والصيد في اوقات منع الصيد وهي تحدد سنويا في شهر مايو او يونيو بالاضافة الي تهريب الاسماك من البحيرة عن طريق ممرات ومدقات يتم انشاؤها مخالفة للقوانين.