أيها الشعب المصري الكريم.. أتحدث إليكم اليوم بقلب يعتصره الألم ونفس يلفها الأسي علي الأرواح التي لقيت ربها والدماء التي سالت بغير ذنب في الأحداث التي جرت أمام مقر رئاسة الجمهورية في اليومين الماضيين. إنني أشعر بحق كل مواطن مصري عليَّ وواجبي نحوه سواء كان مؤيدا أو معارضا لأن الوطن عندي وحدة واحدة لا يفرق بين بعضهم البعض في الأمن والسلامة وأيضا حق السلامة من العدوان. أقول: لا يفرق بينهم جميعا دين ولا انتماء سياسي أو موقف وقتي في هذا الصف أو ذاك.. لقد جرت هذه الاحداث الأليمة تحت ستار من خلاف سياسي الأصل فيه أن يحل بالحوار. الأصل أن يحل الخلاف السياسي بالحوار وأن يتم التوصل فيه إلي كلمة سواء تحقق مصلحة الوطن بالنزول علي إرادة شعبه. إرادة هذا الشعب المصري العظيم الذي طالما حلم بالتخلص من التهميش والقهر والظلم والفساد وتزوير الانتخابات واستخدام كل أنواع البلطجة من نظام سقط برموزه ولن يعود هذا النظام.. لن يعود هذا النظام السابق في مصر أبدا. أقول: لابد أن ننزل جميعا علي إرادة الشعب وهذه المصلحة لا يحققها العنف وتلك الإرادة لا تعبر عنها التجمعات الغاضبة.. إنما يتحققان بالحكمة والتعقل والسكينة التي تمنح الفرصة للتفكير السوي والقرار الصائب الذي تنزل فيه الأقلية علي رأي الأغلبية..أليست هذه الديمقراطية. ولتتعاون الأقلية والأغلبية علي تحقيق المصلحة الوطنية، متجاوزين المصلحة الخاصة بعيدا عن التعصب للرأي أو التحزب..ولكن الرياح جرت بأشياء أخري في مصر العظيمة..مصر العزيزة..وأرجو الله سبحانه وتعالي أن يقي الوطن والمواطنين من شرور تلك العثرات فيها. الشعب المصري العظيم الواعي الذي يعرف جيدا قيمته الكبيرة وتاريخه وحضارته ومعتقداته وبقدر عظمة هذا الشعب وبقدر قدرته علي النهوض من كبوة طالت.. بقدر هذه الامكانيات تكون التحديات. أوجه حديثي إلي من يعارضني بشرف ومن جاء يدافع عن الشرعية وبذل في ذلك ثمنا غاليا.. أقولها صريحة واضحة إننا وان كنا نحترم حق التعبير السلمي الذي هو حق أصيل للجميع، فلن أسمح أبدا بأن يعمد أحد بالقتل والتخريب. لن أسمح أن يعمد أحد بتدبير بليل إلي القتل والتخريب وترويع الآمنين وتخريب المنشآت العامة أو الدعوة للانقلاب علي الشرعية القائمة علي الخيار الحر لشعب مصر العظيم. لقد تناول المتظاهرون بالعدوان يوم أمس الأول الثلاثاء علي سيارات رئاسة الجمهورية وأصابوا سائق إحداها إصابات جسيمة ولايزال نزيل المستشفي بسبب هذا العدوان والاعتداء.. لماذا؟. هل التظاهر السلمي يعني الاعتداء علي المنشآت العامة والخاصة أو علي طريق عام وتعطيل الانتاج وتشويه صورة مصر.. من المستحيل أن يكون هذا تظاهرا سلميا مقبولا.. إنما هذا مشوب بما جري من عنف من البعض الذي اندس وسط أهل الرأي ولن يفلت هذا من العقاب". لقد اعتدي علي المتظاهرين السلميين من قبل المندسين وكان اعتداء صارخا باستخدام السلاح..وهذا هو الجديد حيث استخدم السلاح والخرطوش مما أسفر عن استشهاد 6 من شباب مصر الأطهار وأصيب أكثر من 007 رجل وامرأة منهم 91 أصيبوا بطلقات نارية و26 بطلقات الخرطوش أمس الأربعاء. واستمرت أعمال التحريض علي العنف وممارسة الإرهاب ضد المواطنين الآمنين العزل حتي صباح اليوم.. وألقت قوات الأمن القبض علي أكثر من 08 متورطا في أعمال العنف وحاملا للسلاح ومستعملا له وحققت النيابة العامة مع بعضهم..والباقون محتجزون قيد التحقيق معهم بمعرفتها. ومن المؤسف أن بعض المقبوض عليهم لديهم روابط عمل واتصال ببعض من ينتسبون أو ينسبون أنفسهم إلي القوي السياسية وبعض هؤلاء المستخدمين للسلاح والعنف من المستأجرين مقابل مال دفع لهم، حيث كشفت عن ذلك التحقيقات واعترافاتهم فيها. اعترف هؤلاء بمن دعمهم بالسلاح ومن أمدهم بالمال وهذا قد حدث منذ فترة قليلة في المرحلة الانتقالية.. ولقد رأينا قبل ذلك حديثا مجهلا عن الطرف الثالث في أحداث ماسبيرو المؤسفة وأيضا أحداث شارع محمد محمود وشارعي مجلسي الشعب والوزراء وقد أسفنا بشدة علي ما وقع فيه وكذلك أحداث بورسعيد. ولم يتمكن أحد من الوصول للطرف الثالث.. إن هؤلاء المقبوض عليهم وما لايقل عن 04 آخرين، ستعرض نتائج التحقيقات معهم والتي تجري الآن ومع مموليهم سواء في الداخل أو في الخارج. إنني وبكل وضوح أميز تمييزا شديدا بالقانون بين السياسيين والرموز الوطنية المعترضة علي بعض المواقف والتصرفات السياسية والمعارضة لنص مشروع الدستور.. وبين أولئك الذين ينفقون أموالهم الفاسدة التي جمعوها من فسادهم مع النظام السابق. أقول: أميز بين كل أنواع المعارضة التي ذكرتها وبين الذين ينفقون أموالهم الفاسدة لحرق الوطن وهدم بنيانه.. ولذلك فإنني أتواصل بكل رحابة صدر وسعة أفق مع نوعية المعارضين من النوع الأول التي ذكرتها. وأؤكد تطبيق القانون بكل حسم علي النحو الذي يحقق العدالة ويحفظ أمن الوطن علي الذين يستهدفون حرقه. لقد كان الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر الماضي، محركا لبعض الاعتراضات السياسية والقانونية وهذا أمر مقبول.. أما من استغلوا هذا وتحركوا بهذا العنف واستئجار البلطجية ومدهم بالسلاح والمال، فقد آن الأوان لكي يعاقب ويحاسب بالقانون. وأود اليوم أن أؤكد أن الوقائع التي دفعتني إلي إصدار هذا الإعلان، كانت ولا تزال تمثل خطورة هائلة علي استقرار الوطن وأمنه وكانت الاجتماعات المتوالية لهم (علي سبيل المثال وليس الحصر) في مكتب أحد المتهمين في أحداث موقعة الجمل الذي حصل علي براءة مؤخرا.. لذا كانت مثل هذه الوقائع وأخري سببا في صدور الإعلان الدستوري. لقد أعلنت من قبل وأنا أكرر اليوم لأؤكد أن تحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات لم يقصد به ولن يقصد به منع القضاء من ممارسة حقه أو منع المواطنين للطعن علي القرارات محل الطعن.. إلا أنها تقتصر علي أعمال السيادة التي تمارسها الدولة بوصفها سلطة حكم. كما أن الذي يحدد هذه الأعمال السيادية ويكيفها ويقضي في شأنها هو ما استقر عليه القضاء المصري العادل المستقل.. لقد حمي القضاء وهو بعيد عن السياسة وتعصباتها، الحقوق والحريات خير حماية.. وهو القضاء مدعو اليوم بكل احترام وتقدير للاستمرار في أداء هذا الدور. إن القضاء المصري العادل المستقل مدعو أيضا إلي التأكيد علي حماية الدولة وسيادتها ومؤسساتها.. وأثق تمام الثقة أن هذا هو الدور الذي يقوم به القضاة دون زيادة أو نقصان.