إذا ما أردنا رصد وتسجيل توصيف واقعي وحقيقي للمشهد السياسي والاجتماعي السائد الآن علي الساحة المصرية لقلنا إن حالة الاستقطاب الحادة والخلافات الملتهبة بين القوي والفعاليات والتيارات المتعددة والمتباينة هي الأكثر بروزاً، بما يؤكد دون أدني شك وجود صدع كبير في العلاقة بين هذه القوي، وصل بها إلي حالة الانقسام التام إلي فريقين مختلفين، أو قسمين متناحرين، لكل منهما رؤي مختلفة حول جميع الموضوعات والقضايا المطروحة. ولعل أحداً منا لم يتصور مهما جمح به الخيال، أن مصر ستشهد هذا الذي هي فيه الآن من انقسام عميق بين قواها السياسية، ولم يمض علي ثورتها سوي فترة وجيزة في عمر الزمن لم تتجاوز العشرين شهراً إلا قليلاً، ..، ولكن ذلك هو ما حدث وما جري، للأسف. وفي هذا الإطار، أصبح المشهد الحالي يعكس وجود حالة من الصراع السياسي الحاد والمحتدم، بين كتلتين أو فريقين أو تيارين مختلفين، أحدهما يضم القوي والأحزاب ذات التوجه الديني، والتي أطلق عليها البعض جماعات الإسلام السياسي، والآخر يضم القوي والأحزاب ذات التوجه المدني والليبرالي، ..، وكل منهما يقف في مواجهة الآخر ويخالفه في الرأي، ويختلف معه في التوجهات. ونستطيع القول دون تردد، أن الأمل كان يراود الكثيرين من أبناء الوطن، المحبين له والمتطلعين لخيره وسلامه وأمنه واستقراره، في أن تتغلب الحكمة والوعي بالمصالح العليا للوطن علي موجات الفرقة والاختلاف المسيطرة والسائدة بين الفريقين، حتي يعود الوئام ويتفق الجميع علي كلمة سواء وموقف موحد لمصلحة مصر ولصالح الكل، ..، ولكن ذلك لم يحدث للأسف. وبدلاً عن ذلك رأينا حالة الصراع والاختلاف تزداد حدة واشتعالاً، في أعقاب الإعلان الدستوري والقرارات الأخيرة والذي عمق انقسام القوي السياسية والاجتماعية وزاد من التوتر والاحتقان والقلق، وأضاف إلي المشهد الكثير من الإحباط والمرارة والغضب. فهل يظل الأمر علي ما هو عليه الآن، أم أن هناك أملاً في عودة الوعي وانفراج الأزمة؟!