محمد بركات السمة الغالبة علي الساحة السياسية الآن وبعد مرور ثمانية عشر شهرا علي الخامس، والعشرين من يناير العام الماضي، هي حالة الاستقطاب الحادة والخلافات الساخنة، القائمة بين جميع القوي والأحزاب السياسية المتواجدة والفاعلة علي الساحة، بما يعطي انطباعا عاما بوجود صدع كبير في العلاقة بين هذه القوي يكاد يجعل منها فريقين مختلفين أو قسمين متناحرين لكل منهما رؤي مختلفة حول المباديء والتوجهات. وفي ظل ذلك، اصبح الانطباع العام لدي عموم الناس لمجمل الأوضاع السياسية، هو وجود حالة من الصراع السياسي قائمة ومحتدمة بين كتلتين أو فريقين أو تيارين مختلفين، احدهما يضم القوي والأحزاب ذات التوجه الديني والتي اطلق عليها البعض »جماعات الإسلام السياسي«، والآخر يضم القوي والأحزاب والفاعليات ذات التوجه الليبرالي واليساري،...، وكل منهما يقف في مواجهة الآخر، يخالفه في الرأي ويختلف معه في التوجهات. والمثير للانتباه في هذا الصراع، ان كلا الفريقين يؤكد إيمانه الكامل بالحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وسعيه المؤكد لتحقيق أهداف الثورة، ويؤكد في ذات الوقت حبه الشديد لمصر وبذله غاية الجهد كي تصبح دولة مدنية حديثة قائمة علي المساواة وحقوق الإنسان والالتزام بالقانون. ورغم هذه الأقوال، وبالرغم من هذه التأكيدات التي لو صحت لما كان هناك خلاف محتدما ولا انقسام حاد بين الفصيلين، إلا أن الواقع يقول ويؤكد ان كلا منهما لم يصل بعد إلي الفهم العميق والواعي للديمقراطية الحقيقية، التي تنطلق في مفهومها ومضمونها وجوهرها من التعددية وقبول الآخر، والبحث عن نقاط الاتفاق والتلاقي، وليس التربص به ورفضه، والتركيز علي نقاط الخلاف. وفي هذا الإطار، وللأسف الشديد، وصلنا إلي ما نحن فيه الآن، من اختلاف في الرأي والرؤية، وصراع محتدم بين القوي السياسية وحالة من الاستقطاب الحاد تكاد تقسم المجتمع إلي قسمين. فهل يستمر ذلك؟ لا أعتقد فدوام الحال من المحال.