سيبقي يوم السبت الماضي يوما حزينا في ذاكرة أبناء محافظة أسيوط ..وسوف تظل القلوب الباكية والدموع السائلة علي وجوه أولياء أمور ضحايا حادث مزلقان منفلوط والذي راح ضحيته 51 تلميذا وتلميذة بمعهد النور الأزهري ومعهم معلمتهم وسائق أوتوبيس المعهد بينما سقط 17 من التلاميذ مصابين باصابات خطيرة . وقع الحادث عندما عبر الأتوبيس المزلقان فداهمه القطار ودهسه تماما بركابه وزحف به مسافه ثلاثة كيلومترات فتناثرت في لحظات جثث الأطفال فوق قضبان السكة الحديد وتطايرت الأشلاء والدماء لتغطي المكان ومعها تعالت الصرخات المعبرة عن الآلام والأوجاع التي أصابت ركاب الأوتوبيس وعددهم 67 تلميذا في حين أن حمولته المقررة 27 فقط .. هرع المارة بالمكان إلي موقع الحادث الأليم في محاولة يائسة لانقاذ هؤلاء التلاميذ الصغار الذين كانوا في طريقهم الي معهدهم والذي يبعد 25 كيلومترا عن قرية المندرة التي يسكنونها ..ولكن كانت خطوات القدر أسرع من الجميع وحصد الموت أرواح الصغار في مشهد أليم وموجع وزادت المأساة عندما جاء الأهالي للتعرف علي جثث صغارهم أو ما تبقي منها..كل أب وأم يحاولان التعرف علي ابنه أو ابنته من هذه الأجزاء المتناثرة من الأعضاء التي ملأت المكان سواء تحت القطار أو بين حطام الأوتوبيس أو حتي تلك التي طارت في الهواء سقطت في الترعة المجاورة للمزلقان والتي نزل فيها عدد من الشباب لإخراجها وكان أكثر المشاهد حزنا هو مشاحنات بعض الأهالي حول أجزاء من أجساد كل منهم يؤكد أنها لأبنه أو أبنته وسط الدموع والصراخات الدامية والدعاء إلي الله بأن يرحم الضحايا وأن يصبر أهاليهم الذين كانوا بين أمرين شديدين علي القلوب بين دفن الموتي والاسراع بالمصابين إلي مستشفي أسيوط الجامعي في محاولة يائسة لانقاذهم من براثن الموت. وهنا يطل الاهمال بكل معانيه مخيما علي الحادث الأليم والذي يبدأ من عامل المزلقان والذي أكد الشهود أنه كان نائما عند وقوع الحادث وأن المزلقان كان مفتوحا فمر الأوتوبيس دون اهتمام لتقع المأساة ..وأضافوا أن المزلقان ليس به جرس لللإنذار أو أضواء للتنبيه بمرور القطارات وأن الشهور الثلاثة الماضية شهدت 4حوادث مماثلة علي نفس المزلقان ولكن الضحايا كانوا أقل بكثير ..والمدهش أن هذا الحادث كاد أن يتكرر تماما صباح الثلاثاء الماضي بنفس الطريقة لولا تدخل العناية الإلهية وحدها .. والغريب في التحقيقات التي أجرتها النيابة مع وزير النقل السابق بعد إقالته ورئيس هيئة السكك الحديدية وأيضا مع عدد من المسؤلين عن حركة القطارات في الوجه القبلي وملاحظ وعامل المزلقان تبين أن حالة مزلقان منفلوط هومثل جميع المزلقانات .. وأن الحل الأمثل لوقف هذة الحوادث يكون بتحديث المزلقانات وتحويلها إلي النظام الآلي بعيدا عن التدخل البشري ولكن هذا الحل يحتاج لأموال ضخمة.. ولم يقّدر المسئولون في الهيئة أن أرواح المصريين أغلي بكثير من أية أموال ضخمة .. وأعتقد أن الأمر يتكرر كل مرة عقب كل حادث قطار عندما يقومون بإلقاء المسئولية علي عامل المزلقان ويتهمه الجميع بأنه المجرم الوحيد ولم يشر أحد للظروف الصعبة التي يعمل بها حيث يجب أن يكون يقظا طوال ورديته علي مدار 12ساعة يوميا وكل ما لديه من أشارات يدوية لم تتغير منذ انشاء السكك الحديدية المصرية حتي الآن. ولابد ألا لاننسي جميعا أن هذا الحادث المروع مسئولية جميع الكبار في هيئة السكك الحديدية ومحافظة أسيوط وصولا إلي الحكومة التي كان عليها أن تتخذ موقفا أكثر ايجابية وتصريحات أفضل من التعويضات الهزيلة التي أعلنت عنها للأهالي فهؤلاء الأطفال ستظل أرواحهم تطلب القصاص منهم جميعا .