كارثة مروعة بكل المقاييس استيقظ عليها كل المصريين صباح الجمعة الماضي راح ضحيتها 15طفلا جراء الصدام العنيف بين القطار المتجه من أسيوط للقاهرة وأتوبيس مدرسي لحظة عبوره مزلقان السكة الحديد بقرية »المندرة« التابعة لمركز منفلوط الذي كان مفتوحا في ذلك الحين وفي مشهد بشع دفع القطار الأتوبيس بمن فيه من تلاميذ لمسافة أكثر من كيلومتر تحولت معه أجساد التلاميذ إلي أشلاء ودماء فوق القضبان. لقد أوجعت هذه المأساة قلوب أهالي الضحايا وأهالي القرية المنكوبة وكست ربوع الوطن بأجمعه بالأحزان، وفي وسط هذه الأحزان يدق جرس إنذار قوي ليؤكد لنا من جديد أن تطوير السكك الحديدية المصرية أصبح أمرا حتميا وأولوية كبري لابد أن تتبناها الحكومة المصرية لأن قلوب أبناء الوطن لن تتحمل مرة أخري المزيد من هذه الكوارث.. إن التحقيقات الجارية الآن مع وزير النقل المستقيل الذي أعلن مسئوليته عن الحادث المروع ومع رئيس هيئة السكك الحديدية الذي قدم استقالته أيضا لابد أن نقر بأنه شيء إيجابي ولكن علينا أن ننطلق من هذه النقطة وبعد معرفة الأسباب الرئيسية وراء هذه الكارثة ومعرفة الأخطاء الفنية ولاسيما أن شهود العيان أكدوا أن المزلقان كان مفتوحا بالرغم من مرور القطار.. علينا البدء في وضع تصور لمنظومة متكاملة لتطوير السكك الحديدية المصرية في كافة ربوع مصر وتخصيص ميزانية كافية لها أولا وقبل كل شيء.. لقد أصابتني الدهشة منذ عدة أسابيع قليلة عندما تحدث وزير النقل عن دخول القطار الرصاصة الياباني لمصر وهو القطار السريع الذي يتكلف مليارات الجنيهات، وأقول من جديد مصر الآن ليست بحاجة إلي مثل هذا القطار ولنبدأ أولا بصيانة قضبان السكك الحديدية وتأمينها وتأمين المزلقانات وتدريب الكوادر البشرية لأن مصر هي التي تدفع الثمن غاليا من دماء أبنائها الزكية التي تسيل بصفة مستمرة فوق قضبان السكك الحديدية. عزائي لأسر الضحايا من الأطفال الأبرياء الذين لن يعوضهم عن فلذات أكبادهم مال الدنيا بأكمله ولكنها مشيئة الله سبحانه وتعالي وحتي نضمن عدم تكرار هذه الكوارث التي اعتادت عليها مصر في السنوات الأخيرة لابد من التحرك علي أرض الواقع والبدء في الإصلاح المتكامل لهيئة السكك الحديدية من كافة الجوانب، لأنه من غير المعقول في القرن الحادي والعشرين يظل عامل المزلقان هو المتحكم في مصير ركاب القطارات والمارة، وبالرغم من أن إقالة المسئولين عن وزارة النقل وهيئة السكك الحديدية في كل حادث مروع هو أمر لابد منه، لكننا لابد أن نعالج الأسباب الحقيقية وراء هذه الأحداث ولا ندع الوقت يمر بنا دون البدء الفوري في التطوير للسكك الحديدية.. فدماء المصريين غالية علينا جميعا وعلينا إيقاف نزيف الدم فوق القضبان بالتطوير ثم التطوير ثم التطوير ولا سبيل غير ذلك.