كل المؤشرات تؤكد أن عامل أو عمال المزلقان وراء كارثة قطار الصعيد الذى راح ضحيته أبناؤنا التلاميذ.. وهناك روايات تقول إن العامل راح فى نوم عميق ونسى أن وراءه أمراً خطيراً وهو إغلاق المزلقان أثناء مرور القطار، وروايات أخرى تقول إن العامل قضى مع أصدقائه ليلة فى صحبة المخدرات وتعاطيها، وغالبهم النوم، ورواية ثالثة تقول إن عامل المزلقان لم يكن متواجداً أصلاً وترك المزلقان، وجاء الأتوبيس عابراً للمزلقان وقت قدوم القطار، ليلقى الأطفال حتفهم بهذه البشاعة!! الإهمال واللامبالاة وعدم الاهتمام بأرواح البشر وراء هذه الكارثة المروعة، الظاهرة الفادحة ليست جديدة على المجتمع المصرى فكوارث القطارات ظاهرة قديمة من العصر البائد، وتكررت عشرات المرات، وينتفض المجتمع لها، بعد أن تزهق الأرواح، وكل ما يحدث إجراء تغييرات فى قيادات السكة الحديدية ولا يتم علاج الأزمة من جذورها، واستفحلت بشكل ظاهر مع الثورة مع الانفلات الذى أصاب كل شىء فى الدولة، وأصبح كل مواطن يفعل ما يشاء دون حسيب أو رقيب ودون وازع من ضمير. لم يتغير شىء كثير منذ زمن طويل، سوى ثورة خلعت نظاماً وجاءت بآخر دون تغيير جذرى فى بنية المجتمع نفسه، بل ازدادت الأمور سوءاً وانتشرت الفوضى بشكل لم يسبق له مثيل.. فمثلاً فى كوارث السكك الحديدية ماذا حدث من تغيير على تصرفات البشر الذين غابت ضمائرهم؟ هل قامت مثلاً وزارة النقل التابعة لها الهيئة بتدريب عمالها على تحمل المسئولية خاصة الذين يتولون مسئولية تأمين أرواح العباد على المزلقانات؟!.. هل عقدت لهم الوزارة دورات تثقيفية لشرح أبعاد المسئوليات الجسام التى يتولونها، وأن درجة تركيزهم علي المزلقانات يجب أن تكون على أعلى مستوى؟!.. وأن مسئوليتهم عن تأمين أرواح البشر مسئولية خطيرة تحتاج إلى اليقظة التامة والانتباه والحذر؟! بالطبع لم يتم ذلك! أنا لا ألقى اللوم وحده على هؤلاء العمال الغلابة الذين لا حول لهم ولا قوة، لأن مسئولية اختيار هؤلاء العمال، تقع على عبء هيئة السكك الحديدية، والتى غالباً ما تختار هؤلاء العمال بالمحسوبية، وغالباً ما تجد معظم العاملين على المزلقانات من أهل القرية التى يقع بها المزلقان الفلانى أو العلانى، وغالباً أيضاً ما يكون مرتبطاً بعمل آخر وغير متفرغ للمزلقان.. ومنهم من يعمل مزارعاً أو باليومية فى القرية وغير متفرغ للمسئولية الخطيرة التى أسندت له! وأعرف فى ريفنا أن هؤلاء العمال على المزلقانات يتركون مهمة إغلاق المزلقان وقت قدوم القطار إلى أبنائهم أو زوجاتهم وما شابه ذلك من أمور تتعدى الوصف وتثير القرف.. وأياً كان عامل مزلقان قرية المندرة فى منفلوط الذى تجاهل إغلاق المزلقان وتسبب فى الكارثة، سواء كان نائماً أو تعاطى المخدرات أو لم يكن متواجداً أصلاً فإن المسئولية الحقيقية تقع على من قام بتعيينه فى هذا المكان الحساس الذى يحمى البشر من وقوع كوارث.. فالأزمة الحقيقية هى فى اختيار هؤلاء العمال للعمل فى هذه الوظيفة المهمة. وكما قلت سابقاً إن هناك خطأ جسيماً جداً فى عملية اختيار هؤلاء العمال، والمفروض أن تتم عملية الاختيار على أعلى درجة من الاهتمام، وكل العاملين على مزلقانات السكك الحديدية في الوجهين القبلي والبحرى لا يصلحون لهذه المهمة.. المفروض أن يكون عمال المزلقانات أشبه بالجنود على الجبهة الذين لا يشغلهم أى شاغل عن المهام الموكلة إليهم، وأن تكون عليهم رقابة شديدة جداً، لأن أرواح البشر ليست بالهينة، فالحرب على غزة لم تحصد أرواحاً مثلما حدث فى دقائق خلال كارثة قطار منفلوط. هذه ليست المرة الأولى التى تحدث فيها كوارث المزلقانات بل تكررت عشرات المرات، ولدى هيئة السكك الحديد ووزارة النقل «بله» فى هذه الأمور،لا تقوم بعلاج الأزمة من جذورها.. ألا تكفى عشرات الكوارث لأن تفيق وزارة النقل من نومها، وتبدأ إجراءات جديدة فى عملية حراسة المزلقانات... ويبدو أن كثرة كوارث المزلقانات لا يتعلم منها مسئولو السكك الحديدية ولا يعيرون لها اهتماماً.. المسألة ليست توقيع أقصى عقاب على المخطئين فقط، ولكن العلاج من الجذور، حتى لا تتكرر كوارث القطارات، وإلا ستكرر هذه المذابح!!