أؤكد بداية أن الهدف الأساسي من كتابة هذه السلسلة من المقالات عن »المؤسسات الوطنية« المعنية بشئون الصحافة.. هو التوضيح وكشف الحقائق التي قد تغيب عن الكثيرين من القراء والمواطنين والذين تعرضوا في الفترة الاخيرة للكثير من البلبلة بسبب خلط الأوراق بين ما هو سياسي وما هو مهني. وإذا كنا قد كشفنا في المقال السابق أن مجلس الشوري لا يتدخل في الادارة اليومية للمؤسسات الصحفية القومية، فالذراع التنفيذية له.. وهي المجلس الاعلي للصحافة والذي يتكون أغلبه من الصحفيين.. لا يتدخل ايضا في إدارة الصحف القومية. ولعل ما أثار »اللغط« مؤخرا بشأن ما يقوم به المجلس الاعلي للصحافة.. هو ما أصدرته هيئة مكتبه من توصية بعدم المد بعد الستين للعاملين في المؤسسات الصحفية القومية. فمن المعروف أن المادة 16 من قانون تنظيم الصحافة تنص علي ان »تكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين في المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين واداريين وعمال، ستين عاما. ومع ذلك يجوز مد السن سنة فسنة حتي سن الخامسة والستين وذلك بقرار من مجلس الشوري بالنسبة الي رؤساء مجلس الادارة ورؤساء التحرير (حيث هو الذي يعينهم)، وبقرار من المجلس الاعلي للصحافة بتوصية من مجلس إدارة المؤسسة بالنسبة الي غيرهم. ولأن المد.. أمر جوازي.. ويصدر بتوصية (وليس بقرار) من مجلس ادارة المؤسسة.. وبالطبع يسبقه اقتراح من رئيس التحرير بالنسبة للصحفيين.. ولأن المؤسسات القومية متعثرة ماليا.. ويحصل العاملون في أربعة منها علي مرتباتهم الشهرية من المجلس الاعلي للصحافة ومنذ عدة شهور سابقة، فقد أوصت هيئة المكتب بعدم المد ترشيدا للنفقات.. وتركت تنفيذ التوصية لكل مؤسسة حسب ظروفها الادارية والمادية.. وطبقا لحاجة العمل فيها.. وبالطبع لم يكن لها ان تميز بين العاملين في المؤسسات الثمانية.. فأصدرت التوصية عامة مجردة.. لا تستهدف مؤسسة بعينها.. ولا فئة محددة من العاملين، بل الأمانة العامة اصدرت »بيانا تفسيريا« وخطابات لبعض المؤسسات طلبت منهم التعاقد مع كبار الكتاب فيها من وصل منهم الي سن التقاعد أو من تعداها ايضا للاستمرار في الكتابة بمطبوعاتها بمقابل شهري وباتفاق الطرفين. والمعني انه لم يكن هناك استهداف.. ولا غرض أو هوي في اصدار تلك »التوصية«.. كما انه من المعروف ان أي قرار يصدر.. أحيانا كثيرا ما يسبب ضررا للبعض.. بينما يستفيد منه آخرون.. والعبرة دائما بحجم المستفيدين من القرار وقلة عدد المضارين منه!! واذا كان البعض قد عارض تلك »التوصية« وكتب ضدها.. فهذا حقه.. وهي وجهة نظر تحترم.. ولكن هناك وجهات نظرأخري اولي بالرعاية.. ومنها ان الاجيال المختلفة يجب ان تسلم »الرايات« لبعضها وبما يتيح للاجيال المتتالية ان تأخذ فرصتها كما أخذها من سبقوهم.. وهذه سنة الحياة! اعتقد ان هذا التوضيح كان ضروريا بعد ان تحولت الامور الشخصية الي ما يشبه القضايا العامة.. وبعد ان شاهدنا وقرأنا عن نضال بغير قضية.. وقتال في غير معركة! ومرة أخري قد لا يعلم الكثيرون ان المجلس الاعلي للصحافة يضم في عضويته رؤساء مجالس الادارات ورؤساء التحرير ونقيب الصحفيين وأربعة من اعضاء مجلس النقابة السابقين ورئيس النقابة العامة للعاملين في الصحافة وأربعة من أعضائها، واثنين من اساتذة الجامعات واثنين من المشتغلين بالقانون، وعددا من الشخصيات العامة 09٪ منهم صحفيون لا يزيد عددهم علي الاعضاء الذين يضمهم المجلس بصفتهم. كما ان المجلس يقوم بدور المنسق بين المؤسسات القومية ويعمل علي توفير مستلزمات اصدار الصحف وتذليل جميع العقبات التي تواجه تلك المؤسسات.. هذا بخلاف اختصاصاته الأخري مثل إبداء الرأي في جميع المشروعات المتعلقة بالصحافة.. والمتابعة الفعالة لأدائها الاقتصادي وضمان حد أدني مناسب لأجور العاملين فيها. وقد اثبتت الأيام القليلة الماضية ان المجلس الاعلي للصحافة لا يدخر جهدا في خدمة الصحافة المصرية والعاملين فيها، وتكفي الاشارة في انه دعم المؤسسات القومية في اقل من ثلاثة شهور بحوالي 02 مليون جنيه، بل يمكن القول بأنه لولا هذا الدعم وبتلك السرعة لكانت أربع من المؤسسات الثماني.. قد أشهرت إفلاسها! هذا هو المجلس المفتري عليه.. الذي بدأ يعمل ب»نظام« جديد.. قائم علي الشفافية والإفصاح.. ويتميز بالجدية والالتزام بالقانون ولائحته التنفيذية. وفي الختام كلنا يعلم.. ان الزبد يذهب جفاء وان ما ينفع الناس فيمكث في الارض.