م. فتحى شهاب الدين حدد قانون سلطة الصحافة رقم 148 لسنة 1980 وحددت المادة (28) من القانون سن التقاعد للعاملين في المؤسسات الصحفية حيث نصت علي ما يلي:"يكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين في المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين وعمال ستين عامًا ويجوز للمجلس الأعلي للصحافة وبتوصية من مجلس إدارة المؤسسة مد السن سنة بسنة حتي الخامسة والستين. علي أنه لا يجوز أن يبقي في منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية أو عضويتها أو في منصب رؤساء التحرير للصحف القومية أو عضوية مجالس التحرير فيها من بلغت سنه ستين عامًا". إذًا القانون واضح وصريح. وعندما تعارض ذلك مع مصالح الدولة حينئذ أصدرت القانون رقم 2 لسنة 1995 والذي نص في مادته الأولي علي:"إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة (28) للقانون رقم 148 لسنة 1980 والتي تنص علي أنه:"لا يجوز أن يبقي منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية أو عضويته أو في منصب رئيس تحرير الصحف القومية من بلغت سنه 60 عامًا". ثم تصاعدت القضية في مجلس الدولة وانتهت الجمعية العمومية لقسم الفتوي والتشريع والتي وقعها المستشار طارق البشري نائب رئيس المجلس ورئيس الجمعية العمومية لقسم الفتوي والتشريع بتاريخ 81/2/5991 إلي أنه: لا يجوز المد لرؤساء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية الذي سبق وأن بلغوا الستين قبل العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1995 ولو كانوا استمروا في عملهم بعد الستين حتي أدركهم التعديل الحاصل به هذا القانون. لا يجوز التعيين المبتدأ بعد سن الستين في المؤسسات الصحفية. ولأن هذه الفتوي الواضحة والصريحة لم تأت علي مزاج وهوي الدولة وأصحاب القرار فقد تم تجاهلها رغم أنها في حكم القانون، وهو ما عالجه القانون رقم 96 لسنة 1996 في مادته الحادية والستين بنصها علي أن:"تكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين في المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين وعمال، ستين عامًا. ومع ذلك يجوز مد السن سنة فسنة حتي سن الخامسة والستين وذلك بقرار من مجلس الشوري بالنسبة إلي رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير، وبقرار من المجلس الأعلي للصحافة بتوصية من مجلس إدارة المؤسسة بالنسبة إلي غيرهم". لو نظرنا إلي السادة الأساتذة من كبار الصحفيين نجد أن أكثرهم تعدي ليس الستين او الخامسة والستين فقط، بل السبعين والثمانين، بل إن أحدهم بلغ التسعين ومازال يتواجد داخل إحدي المؤسسات الكبري وهو الأمر الذي يجعلنا لا نتجاوز عندما نطلق وصف "مراكز القوي" حيث أصبحوا فوق القانون وهو أمر مؤسف ان تظل قيادات صحفية في هذا السن تتحكم في اتجاهات الصحافة وتشكل عقول الناس وأفكارهم بينما هناك جيل كامل من الشباب ينتظر علي أحر من الجمر فرصة للتواجد فلا يجد وهناك أجيال من الشباب أصبحت الآن كهولاً ولم يسطر أحدهم حرفًا واحدًا في الصحافة لشغل المساحات كلها. لازال الكثير من مراكز القوي هذه وبعد أن تعدت السبعين بل الثمانين تحجز مكاتبها الفخمة التي تستوعب عشرات الصحفيين ولكنهم لا يستطيعون الاقتراب منها في حين لا يجد أحدهم كرسيا للجلوس عليه بعد العناء والجهد الذي يبذله في الحصول علي الأخبار وعندما يعود الي صحيفته يصاب بالحسرة للمكاتب المغلقة والتي يقطن صاحبها في لندن أو باريس ويغلق مكتبه الفخم بينما يرسل بعموده صحفي من مكانه الهادئ هناك . لست مع استبعاد أي كاتب أو صحفي حتي هؤلاء الذين أكلوا علي كل الموائد وتقلبوا مع كل العصور ولكن لا أتصور ان يظل هؤلاء الصحفيون يحتكرون الأعمدة والمساحات الكبيرة للنشر وأن يتقاضوا المكافآت السخية وان يفرضوا أنفسهم علي القراء وعلي المؤسسة بقوة " السلطة الأبوية " التي يمارسونها بحكم اقدميتهم في المؤسسة رغم ما يحيط ببعضهم من شبهات وقضايا وصلت جميعها الي النائب العام والكسب غير المشروع ولا زالوا حتي اللحظة يشغلون تلك المساحات. لقد ظل رؤساء مجالس إدارت المؤسسات الصحفية بعد أن تركوها وخرجوا علي المعاش يتقاضون راتبًا "استثنائيًا" وصل في بعض المؤسسات الي 25 ألف جنيه وفي بعضها إلي 5 آلاف جنيه بالإضافة إلي المميزات العينية والتي وصلت إلي حد استخدام أكثر من سيارة وأكثر من سائق لخدمتهم بعد خروجهم علي المعاش تلازمهم حتي الممات !!! وعندما صدر قرار بإيقاف هذا الراتب الاستثنائي وإيقاف المزايا العينية ثارت ثائرتهم وهذه من الأمور العجيبة التي لا تحدث في اي بلد من بلدان العالم سوي مصر . نحن لسنا ضد شيوخ المهنة الذين نعتز بالكثير منهم ونعرف أن الفكر والإبداع لا حدود له ولا يرتبط بسن معين ولكننا نستنكف القعود عن تسليم زمام القيادة للشباب ونربأ بأنفسنا عن إعادة إنتاج مفاتيح القرن العشرين التي عجزت عن فتح كثير من أبوابه وبالتأكيد لن تفتح أبواب المستقبل حيث تُفتح الأبواب ببصمة الصوت.. إن الجيل الحالي سوف يشهد عن قرب شئنا أم أبينا تراجع الصحف الورقية لصالح الصحف الالكترونية وما حدث للعديد من الصحف الشهيرة من توقف كان آخرها النيوزويك التي تحولت إلي إصدار الكتروني تبشر أننا ندخل الآن عصر الصحافة الالكترونية وهو عصر الشباب بامتياز حيث يمتلكون أدواته وخبراته والتي لا يملكها الشيوخ وفي النهاية أناشد شيوخ المهنة الذين نعتز بهم إننا نقدركم ولن نستغني عن خبراتكم ونعترف أن لكم جهودا مشرفة تعتز بها الأجيال... لكن نقول بكل صراحة هذا زمان وذاك زمان ورحم الله رجلاً عرف زمانه فاستقامت طريقتُه