ونحن على أعتاب إنتخابات نقابة الصحفيين، وحتى لاتمر دون أن ننتبه لما يحيط بالمهنة من عوائق وأخطار يجب علينا أن نعيد قراءة القانون رقم 96 لتنظيم الصحافة وهو القانون الذى يستند إليه المجلس الأعلى للصحافة فى كل مايخص مهنة الصحافة وينظم مهنتنا. فى البداية كنت رافضا لهذا القانون على اعتبار أن قانون نقابة الصحفيين أولى بالتطبيق وأن هذا القانون قد صدر لتقييد حرية الصحافة، ولكن حين قرأته بإمعان وجدت أن العديد من مواد هذا القانون لو تم تطبيقه بحسم قد تكون المخرج من أزمة مهنة الصحافة بشرط أن يتم تنقيحه من المواد التى قد تُستخدم لتعطيله. فالمادة الأولى تنص على أن الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية مسئولة في خدمة المجتمع تعبيرا عن مختلف اتجاهات الرأي العام وإسهاما في تكوينه و توجيهه من خلال حرية التعبير و ممارسة النقد و نشر الأنباء، وذلك كله في إطار المقومات الأساسية للمجتمع و أحكام الدستور و القانون. والمادة الثالثة تنص على أن الصحافة تؤدي رسالتها بحرية و استقلال، و تستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع و ارتقائه بالمعرفة المستنيرة و بالإسهام في الاهتداء إلي الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن و صالح المواطنين. وبينما تنص المادة الرابعة على أن فرض الرقابة علي الصحف محظور تم وضع إستثناء لهذه المادة في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب بأن يفرض علي الصحف رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي. وهو الأمر الذى يجب مناقشته من قبل الجماعة الصحفية لضمان أن هذا الإستثناء لم ولن يتم إستخدامه لتقييد حرية الصحافة خاصة أننا لازلنا نرزح تحت طائلة قانون الطوارئ منذ تولى النظام السابق وحتى بعد سقوطه وهو الأمر الذى أدى إلى تعطيل المادة الخامسة التى تحظر مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها بالطريق الإداري ولازلنا نذكر إغلاق ومصادرة وتعطيل عد من الصحف أشهرها وأهمها جريدة الشعب وهو مافشلت أو ربما لم ترغب مجالس النقابة سابقاً فى الوقوف أمامه... وهناك مثلاً فيما يخص حرية الصحفى مواد تضمن حريته منها المادة السادسة التى تنص على أن الصحفيون مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون، وأيضاً المادة السابعة التى تنص على أنه لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببا للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره علي إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود القانون وأيضاً المادة الثامنة التى تقر بأن للصحفي حق الحصول علي المعلومات و الإحصاءات و الأخبار المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها سواء كانت هذه المصادر جهة حكومية أو عامة، كما يكون للصحفي حق نشر ما يتحصل عليه منها، ومع ذلك لم يتوقف الحديث طوال السنين الماضية عن ضرورة أن تكفل السلطات للصحافة حق الحصول على المعلومات وهو مايعنى أحد أمرين، إما أن مجالس النقابة السابقة لم تكن تعلم بوجدود هذه المادة فى قانون تنظيم الصحافة وهو ما لاأظنه شخصياً أو أن الدولة تجاهلت نص هذه المادة وساهم التعتيم على وجودها وربما التواطؤ أيضاً فى عدم تطبيقها. والحقيقة أن هذا القانون تضمن مواد يطالب بها البعض من الجماعة الصحفية مثل المادة رقم 32 التى تنص على أنه لا يجوز للصحفي أن يعمل في جلب الإعلانات أو أن يحصل علي أية مبالغ مباشرة أو غير مباشرة أو مزايا عن نشر الإعلانات بأية صفة و لا يجوز أن يوقع بإسمه مادة إعلانية، وأيضاً المادة رقم 61 التى تنص على أن تكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين في المؤسسات الصحفية القومية، من صحفيين و إداريين و عمال، ستين عاما، ومع ذلك يجوز مد السن سنة فسنة حتى سن الخامسة و الستين و ذلك بقرار من مجلس الشورى بالنسبة إلى رؤساء التحرير، و بقرار من المجلس الأعلى للصحافة بتوصية من مجلس إدارة المؤسسة بالنسبة إلي غيرهم وهى المسألة التى حظت بأكبر قدر من النقاش بعد الثورة خاصة أن الجماعة الصحفية فى غالبيتها ترى أن مبدأ المد يعوق تقدم الأجيال الشابة فى المؤسسات الصحفية ويفتح الباب لاستثناءات من شأنها أن تقوض تطور المهنة وهو الأمر الذى بات مرفوضاً فى العصر الذى نحن على أعتابه. نحن هنا إذا فى حاجة ماسة لمجلس نقابة قوى تركن إليه الجمعية العمومية وتثق فى قدرته على إعادة النظر فى هذا القانون وتعديل مايجب تعديله من مواد والاطمئنان إلى تطبيق ما تطمئن إليه المهنة والجمعية العمومية من مواد أخرى تحقق لها الإستقلال والتقدم وحرية ممارسة المهنة دون عائق أو رقيب، ولكننا بجانب ذلك أيضاً فى حاجة إلى أن يستعيد الصحفى هيبته كى يمارس مهمته الرئيسية التى هى الرقابة الشعبية، ولكى نطمئن إلى قيام الصحافة بمهمتها على الوجه الأكمل وجب على الدولة أن تعيد للصحفى كرامته وأن توفر له حياة كريمة لأنها ليست هبة منها بل إنها حق أصيل له لأنه لايقل أهمية عن القاضى فوق منصة القضاء ولا الشرطى المكافح للجريمة ذلك إنه وبنص الدستور هو الركن الأساسي للسلطة الشعبية التى تراقب أعمال كل السلطات من أجل الشعب ونيابة عنه.. المزيد من مقالات أحمد محمود