أدهشنى بيان مجلس نقابة الصحفيين الأخير بما حمله من لهجة شديدة لم نعتدها من مجالس نقابة الصحفيين منذ عهد النقيب الراحل كامل الزهيرى، هذا البيان الذى هاجم وبشدة تصريحات الدكتور أحمد السمان المتحدث الرسمى بإسم مجلس الوزراء، وأدهشنى أيضاً أن الهجوم لم يكن على مجلس الوزراء ذاته بل انصب على المتحدث الرسمى وكأنه هو من أصدر القرار، ثم أدهشنى أكثر أن هذا البيان شديداللهجة لم يشتمل على مطالبة صريحة لمجلس الوزراء بتطبيق القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين والذى تم إصداره فى عهد النقيب الزهيرى والذى لو تم تفعيله لأراح المهنة وأصلحها لكنه بدلاً من ذلك هاجم الحكومة لعزمها القيام بحركة لتطهير الإعلام بناء على وشايات من بعض الزملاء وهو الأمر الذى يدل على ضرورة تطهير الإعلام فعلاً من الواشين من الصحفيين وقياداتهم الذين أشار إليهم البيان لو كان هذا صحيحاً. وبغض النظر عن مايبدو فى ظاهر البيان من دفاع عن حرية الرأى وحماية للصحفيين من التنكيل وهو الذى كان نادراً مايحدث وعلى استحياء خصوصاً مع هذا المجلس الحنون على كل قيادات العمل الصحفى حين يلجأ إليه أى من الصحفيين المُنكل بهم، إلا أن البيان حمل أيضاً صورة واضحة لما يمكن أن يمارسه الإعلام من ضغط معنوى فى ذات الوقت الذى يطالب فيه بحرية الرأى وحرية الصحافة. ومع ذلك ينبغى أن نعترف فى ذات الوقت أن هذا البيان حمل فى طياته مبررات إصلاح الصحافة القومية وتطهير المهنة من الممارسات التى تتنافى مع قانون الصحافة وميثاق الشرف الصحفى. هذ التطهير يمكن أن يتم بمنتهى البساطة من خلال تفعيل قانون النقابة بعد تنقيحه فمثلاً لو نظرنا إلى بعض من نصوص هذا القانون مثلاً فى الفصل الأول والذى يوضح أسبا ب إنشاء النقابة وأهدافها تتضمن المادة الثالثة مثلاً أن من مهام النقابة العمل على الارتقاء بمستوى المهنة والمحافظة على كرامتها والذود عن حقوقها والدفاع عن مصالحها وأيضاً ضمان حرية الصحفيين فى أداء رسالتهم وكفالة حقوقهم، والعمل على صيانة هذه الحقوق فى حالات الفصل والمرض والتعطل والعجزوالسعى لإيجاد عمل لأعضاء النقابة المتعطلين وتشغيلهم أو تعويضهم تعويضا يكفل لهم حياة كريمة، أيضاً العمل على مراعاة الالتزام بتقاليد المهنة وآدابها ومبادئها. ثم أنه فى الفصل الثانى نجد أن من شروط العضوية فى والقيد فى جداول النقابة أن يكون العضو حسن السمعة لم يسبق الحكم عليه فى جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تقرر شطب اسمه من الجدول لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة. ومن ضمن حقوق النقابة المنصوص عليها أنه لا يجوز لأى فرد أن يعمل فى الصحافة ما لم يكن اسمه مقيدا فى جدول النقابة، وانه على الصحفى أن يتوخى فى سلوكه المهنى مبادئ الشرف والأمانة والنزاهة و أن يقوم بجميع الواجبات التى يفرضها عليه هذا القانون والنظام الداخلى للنقابة وآداب المهنة وتقاليدها. وإلا تعرض للإجراءات التأديبية وهى، الإنذار، الغرامة بما لا تتجاوز عشرين جنيها وتدفع لصندوق المعاشات والإعانات، المنع من مزاولة المهنة مدة لا تتجاوز سنة و شطب الاسم من جدول النقابة، ولا يترتب على شطب الاسم نهائيا من الجدول المساس بالمعاش المستحق. ليس هذا فقط، فمن المواد المهمة فى هذا القانون أيضاً والتى من شأنها الحفاظ على المهنة المادة القائلة بأنه على الصحفى أن يتوخى فى سلوكه المهنى مبادئ الشرف والأمانة والنزاهة أو أن يقوم بجميع الواجبات التى يفرضها عليه هذا القانون والنظام الداخلى للنقابة وآداب المهنة وتقاليدها. إذاً مهنة الصحافة لاتحتاج إلا أن يتم تفعيل هذا القانون على أن يضاف إليه بعض التعديلات كتغيير بعض ألفاظه مثل وزارة الإرشاد لتصبح وزارة الإعلام وأن يستبدل الإتحاد الإشتراكى العربى الذى ربما لم يعد له وجود إلا على سطور هذا القانون بإتحاد الصحفيين العرب وأن يلزم القانون المجلس الأعلى للصحافة باستفتاء مجلس النقابة حول أسماء المرشحين لمناصب رؤساء التحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف كافة لمعرفة مدى مهنيتهم والتزامهم بقوانين النقابة وميثاق الشرف الصحفى قبل إعتمادهم للمنصب وأن ينص القانون على أن تكون مدة رئاسة التحرير 3 سنوات وتجدد مرة واحدة فقط بشرط التزام رئيس التحرير بالمعايير المهنية وميثاق الشرف الصحفى ورضى مرؤوسيه عن اداؤه. هذا القانون لو تم تطبيقه سيكون من شانه الإرتقاء بالمهنة ولن يحتاج أى صحفى للجوء إلى الوشاية التى ألمح إليها البيان وهو ما أعتقد جازماً أنه لم يحدث فالدولة لديها قوائم بأعضاء الحزب الوطنى وأنشطتهم وأدوارهم جميعاً معروفة ولاتحتاج لإيضاح من أحد، بل كان على المجلس بدلاً من أن يتحدث عن الوشايات أن يدعو لإجراء تحقيقات حول الإنتهاكات التى قد تدفع لعزل من تعاونوا مع النظام السابق وأن تقوم النقابة بدورها الحقيقى فى محاسبة المخالفين لقواعد المهنة وهى الأولى بذلك حفاظاً على سمعة المهنة. وأخيراً يبقى على مجلس النقابة القادم مُعززاً بقوة الجمعية العمومية العمل على إرساء قواعد المهنية والاهتمام بأحوال المهنة وهو ما من شأنه أن يحمى المجتمع بصحافة حرة مستقلة. المزيد من مقالات أحمد محمود