«المنيا» ضمن أفضل الجامعات في تصنيف «التايمز العالمي» للجامعات الناشئة 2024    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    أسعار عملات «بريكس» مقابل الجنيه اليوم.. تراجع نسبي    «الضرائب» تدعم الممولين فنيا لتسهيل استخدام منظومة الإيصال الإلكتروني    ارتفاع البورصة 0.56% في مستهل تداولات جلسة ختام الأسبوع    فيديو المجندات المحتجزات لدى الفصائل في غزة يحرج نتنياهو.. لماذا أُعيد نشره؟    عضو ب«النواب» يرد على تقرير CNN: مصر تواصل العمل لتحقيق السلام في المنطقة    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مستشفى العودة في جباليا    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الزمالك ومودرن فيوتشر.. موقف الأهلي    أخبار الأهلي: حقيقة مفاوضات الأهلي مع حارس مرمي جديد    ختام امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الثاني بكفر الشيخ دون شكاوى    مصرع شخص وإصابة آخر إثر تصادم سيارتين بسوهاج    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يزور مستشفى شرم الشيخ    «الصحة»: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV    مصر مع فلسطين والسلام فى مواجهة جرائم نتنياهو وأكاذيب CNN    البحث عن "جنى" آخر ضحايا غرق ميكروباص أبو غالب بمنشأة القناطر    بدء نظر طعن المتهمين على أحكام قضية ولاية السودان بعد قليل    تشابي ألونسو: لم نكن في يومنا ولدينا فرصة للفوز بكأس ألمانيا    رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات الصرف الصحى بمركز طما بقيمة 188 مليون    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيى طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    سويلم يلتقي وزير المياه السنغالي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    وزيرة التخطيط تبحث تطورات الدورة الثالثة من المبادرة الخضراء الذكية    تداول 15 الف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    دفن جثمان الرئيس الإيراني الراحل في مدينة مشهد اليوم    رفض يغششه .. القبض على طالب بالشهادة الإعدادية لشروعه في قتل زميله    "سكران طينة".. فيديو صادم ل أحمد الفيشاوي يثير الجدل    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    إيرادات فيلم «تاني تاني» لغادة عبد الرازق تحقق 54 ألف جنيه في يوم    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    جهاد جريشة يعلق على خطأ محمود البنا في لقاء الحدود والترسانة    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    طلاب الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ يؤدون آخر أيام الامتحانات اليوم    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    رئيس الزمالك: جوميز مدرب عنيد لا يسمع لأحد    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    عماد الدين حسين: تقرير «CNN» تعمد الإساءة والتضليل حول موقف مصر من المفاوضات    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 23 مايو.. «طاقة كبيرة وحيوية تتمتع بها»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحيى قلاش يكتب :مشروع قانون جديد لنقابة الصحفيين أم إحياء لمشاريع قديمة مشبوهة؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 02 - 2010

قبيل انتخابات نقيب الصحفيين فوجئنا بمذكرة للعرض علي مجلس نقابة الصحفيين تحمل توقيع «محمد عباس مهران» الذي عرّف نفسه بأنه المستشار القانوني لنقابة الصحفيين والرئيس الأسبق بمحكمة استئناف القاهرة، تقدم للمجلس حيثيات ضرورة تغيير قانون النقابة، وبعد الانتخابات مباشرة كان الموضوع من أولويات جدول أعمال النقيب الذي أعاد طرح ورقة هذا المستشار مع ورقة أخري منه تردد أفكار الورقة الأولي نفسها وتنافسها في الحماس.
وقبل الدخول في الموضوع أود الإشارة لمن لا يعلم إلي أن هذا المستشار قد هبط علي النقابة فجأة وحصل علي راتب فلكي لا نعرف من الذي أقره ووافق عليه، وأنه جاء بديلا للدكتور محمد نور فرحات الفقيه القانوني المعروف الذي قاد فريق العمل الذي شكله مجلس النقابة السابق للتفاوض مع الحكومة علي المواد التي كانت تسعي النقابة لإلغاء مواد الحبس في قضايا النشر بها، وبذل جهدا متميزا في هذا الصدد انطلاقا من إيمانه الراسخ بدعم حرية التعبير وحرية الصحافة، ورغم أن جهده في كل ما كانت تطلبه منه النقابة كان تطوعيا ودون أي مقابل فإنه فوجئ باتصال النقابة به بعد عدة شهور من بداية دورة المجلس الحالي وإبلاغه بعد تقديم الشكر له أنه تمت الاستعانة بالمستشار الجديد الذي أصبح محور كثير من الأمور داخل النقابة ويشكل علامة استفهام كبري في طريقة حضوره والجهة التي رشحته والأدوار التي يقوم بها والتي تعد من صميم العمل النقابي ومن الواجبات الرئيسية لأعضاء المجلس ومؤسسة مجلس النقابة.
هذه الإشارة هي المدخل الصحيح لأي حوار حول الحديث عن أي محاولة جادة وغير مريبة لإجراء أي تعديل في قانون النقابة الذي يصورون لنا، من كثرة الإلحاح، أن جميع مشاكل الجماعة الصحفية سوف يتم حلها بمجرد تغييره.
وإذا كانت قوانين النقابات المهنية تستهدف تنظيم شئون الجماعة المهنية علي أرضية الشراكة في الوطن والتفاعل مع قضاياه الوطنية والقومية، فإن أصحاب هذه المهنة والصحفيون مثال علي ذلك هم أدري بشئون مهنتهم وهم الذين يحددون ما المطلوب من القانون وما التوقيت المناسب الذي يستطيعون أن يحققوا فيه مصالحهم، وما وسائلهم وإجراءاتهم المناسبة للوصول إلي هذا الهدف، بعدها يأتي رجال القانون المحترمون والذين يملكون آفاقا تضيف وتنحاز لقيم دعم الحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير.
فهل يمكن أن نطمئن إلي الغايات.. والأمر ينطلق علي هذا النحو المعيب ؟! مستشار موظف جاء إلينا بالشكل الذي أشرت إليه هو الذي يحدد لنا كيف نبدأ، ويضع لنا الأولويات التي يجب أن يكون عليها قانوننا المأمول، وهو الذي يقدم لأعضاء مجلس النقابة المنتخبين من أعضاء جمعيتهم العمومية إطار المناقشة لهذا المشروع، وعلي هذه الأرضية أيضا يأتي بعد ذلك حكماء المهنة ثم أعضاء الجمعية العمومية وغيرهم! البدايات تكشف النهايات، والوسائل تفضح الغايات، وهذا أمر مهم يجب أن نتوقف عنده ولا نقلل من شأنه.
النقابات لا تعبث بقوانينها علي هذا النحو إلا إذا كان المطلوب هو ما كان مطلوبا دائما في المحاولات السابقة لتغيير قانون النقابة، ففي عام 1988 رفضت الجمعية العمومية مشروعاً تم عرضه عليها تحت زعم تغيير المواد التي تغير عصرها وفلسفتها، وكان رد أعضاء الجمعية العمومية أن هذه المواد باتت بالأمر الواقع منسوخة وميتة وأنه لا توجد أي ضمانات لدخول تشريع جديد للنقابة إلي البرلمان وخروجه كما يريد الصحفيون، ومرة أخري عندما فوجئ الصحفيون عام 1993 بمشروع قانون كامل صاغته جهة ما وحاولت تمريره خلسة إلا أن الزميل الراحل مجدي مهنا بادر بكشف الأمر في مانشيت نشرته جريدة «الوفد» وفضح جلال عارف داخل مجلس النقابة خطورة تمرير هذا المشروع المشبوه وتفجر الأمر وعقد الصحفيون مؤتمرا حاشدا قاده نقيب النقباء كامل زهيري ووصف المشروع باللقيط.
وكان هذا المشروع كارثيا بكل المقاييس وكاشفا للنوايا الحقيقية التي لا تتوقف بإغراق النقابة بعضوية جيش الإعلاميين وإعطاء استثناءات للمجلس لإدخال غير المؤهلين بشهادة جامعية والتلاعب بموضوع القيد وتصنيف الصحفيين إلي جداول «ا، ب، ج» وجعل مدة المجلس والنقيب 4 سنوات وإلغاء الدورتين المتتاليتين بحد أقصي للنقيب حتي ينتهي صراع الانتخابات كل عامين، وتنتهي كذلك فكرة التداول علي مقعد النقيب ويتم اعتماد فكرة التمديد ليتحقق بشكل قانوني تأميم العمل النقابي لصالح فئة محدودة ممن يتم الرضاء عنهم، وكذلك تحويل النقابة إلي محكمة تأديب للصحفيين بدلا من وظيفتها الأساسية أن تكون مظلة حماية ودفاع عنهم.
محاولة السادات
إذن هواجس الصحفيين وقلقهم رغم رغبتهم في تغيير بعض مواد القانون الحالي للنقابة الذي أتي بمكاسب كبيرة للصحفيين لها ما يبررها وليست هواجس من أعراض أمراض المهنة المزمنة، فكل المحاولات التي جرت من قبل كانت مثيرة للريبة وتمت من خارجهم وبطرق ملتوية، وكان سابقا عليها معركة كبري عام 1979 عندما أراد الرئيس السادات تحويل النقابة من كيان قانوني يحمي الصحفيين ويدافع عن مصالحهم إلي مجرد نادٍ يحتسون فيه الشاي والقهوة ويمارسون فيه أحاديث النميمة، إلا أن كامل زهيري مرة أخري والجماعة الصحفية قد أفشلوا هذا المخطط وكل ما جري بعده. وتكرار المحاولات كشف أن هناك إصرارا وتربصا وأن هناك من يحاولون تدمير النقابة من داخلها وإفساد دورها بقانون والنيل من وحدتها بتشريع!!
ورقة السيد المستشار الموظف الذي يجهل حالنا وحال مهنتنا وأوجاعها ويجهل أمانينا وأحلامنا ويجهل بالطبع عشقنا للحرية التي هي زاد أقلامنا لكنه ربما لا يجهل ماذا يريد المتربصون بنا، تري أن قانون النقابة في مقدمة التشريعات المعيبة التي تنظم المهنة وتحمي حقوق الصحفيين وليست ترسانة القوانين المقيدة للحريات وحرية التعبير، الصحفية التي تجيز الحبس في قضايا النشر وتروع الأقلام وتقيد حرية إصدار الصحف وحق تداول المعلومات، ويعطي أمثلة في الورقة بمواد باتت ميتة ومنسوخة وغير ذات قيمة، وفي حين يري أن مرور 40 عاما سبب كافٍ لتغيير قانون النقابة لا يتوقف عند مواد عديدة في ترسانة القوانين المقيدة موجودة منذ عام 1881، ثم سلطة الاحتلال الإنجليزي وحكومات الأقلية الموالية للقصر والاحتلال وكل الحكومات المتعاقبة التي أرادت البطش بالصحافة والصحفيين.
العبث بالقيد والتأديب
وعلي حد التعبير المضحك للمستشار «إن الشئون القانونية بالنقابة تبسط لنا بعضا من الأمور التي يتوجب أن تتناولها يد المشرع بالتعديل»!! الأمر مضحك لأن مجلس النقابة وحكماء المهنة وشيوخها لا يحتاجون أن تبسط لهم الشئون القانونية أشياء هي من أمور حياتهم ومهنتهم، وأنا أعتبر ذلك حدثا جللا في تاريخ النقابة وسلوكا نقابيا معيبا وإهانة لنا جميعا وينتهي التبسيط المضحك الذي تقدمه الورقة بعدة نقاط هي قمة العبث والجهل الكامل بشئون المهنة والصحفيين، فهو يقترح لجنة بمعرفة كلية الإعلام تجري اختبارا تحريريا وشفويا للمتقدم للقيد، ويري ضرورة تعزيز لجنة القيد بإضافة عنصر قضائي، ويقترح رفع الحرج عن أعضاء مجلس النقابة بأن تكون لجنة التحقيق والتأديب من خارجهم، ويقدم اقتراحات أخري تستهدف الإسراع باتخاذ إجراءات المساءلة التأديبية وتطبيق أحكام القانون ومجاراة النيابة في هذا الصدد، وتتحدث الورقة في هذا الصدد بلهجة تعتبر فيها الضمانات المكفولة للصحفيين في الإجراءات التأديبية من الأمور المعوقة. ويقترح تمثيل المجلس الأعلي للصحافة في اللجنة التي تعد هذا المشروع، التي تكون مهمتها كما يحدد هو القيام علي نحو عاجل بإعداد مشروع قانون جديد للنقابة تكون من أهدافه، وأنقل بالنص: «الوقوف بحزم في مواجهة استخدام القلة من الصحفيين لغة التجريح والسب والطعن في الأعراض والتشهير والاعتداء علي حرمة الحياة الخاصة وخوض معارك الغير بالوكالة أو بالنيابة عنهم ونشر الأخبار المفبركة بما يسيء إلي مهنة الصحافة والي العاملين فيها»، وأؤكد - حتي لا يختلط الأمر علي أحد - أن هذا ما تقوله الورقة في الختام وليس بيانا صادرا عن وزارة الداخلية!!
واللافت أن السيد النقيب ردد في الدعوة التي وجهها لأعضاء مجلس النقابة معظم الأفكار التي طرحتها ورقة المستشار وزاد عليها ما يزيد من قلقنا ولا يبدد هواجسنا، فهو يتحدث في التأديب عن «المحاسبة الفورية» و«دون انتظار تقديم شكوي من أصحاب الشأن المضارين»، ويتحدث أيضا عن إعادة تشكيل لجنة التحقيق والتأديب «علي نحو يرفع الحرج عن أعضاء مجلس النقابة المنتخبين الأعضاء في هاتين الهيئتين بما يتيح إصدار القرار المناسب بعيدا عن الضغوط الانتخابية».
العودة للخلف
فالضمانات الموجودة في القانون الحالي للزملاء الذي يحالون للتأديب يعتبرها قيدا كما يردد فكرة استبعاد أعضاء المجلس من لجنة التحقيق والتأديب بسبب الضغوط الانتخابية. وأنا أندهش مما يعكسه هذا الفكر الذي لا ينتمي إلي العمل النقابي ولا فلسفته التي تعد انقلابا علي فكر القانون الحالي الذي يعتبر النقابة مؤسسة هدفها الدفاع عن حقوق أعضائها، وهي جهة محاسبة من يخرج عن تقاليد المهنة وآدابها ومخالفة ميثاق الشرف الصحفي وقرارات الجمعية العمومية، ولا أعرف كيف نردد ما كان يردده في مواجهتنا كل الذين يحملون النقابة أوزار وشرور التشوهات التشريعية التي انعكست علي سوق العمل وعلي المهنة، ويتهمون النقابة بالتقاعس عن محاسبة أعضائها بسبب «الضغوط الانتخابية» وهو للأسف نفس ما يردده النقيب الآن، ولا أعرف كيف يمكن أن يكون تطبيق ميثاق الشرف الصحفي أو قيام النقابة بمحاسبة بعض أعضائها طاردا للأصوات لمجرد أن أعضاء المجلس يأتون عبر صناديق الانتخابات، وإلا أصبحت الديمقراطية نقمة علي المجتمع وأصبحت أي انتخابات برلمانية أو رئاسية نزيهة في أي مجتمع حر مجلبة للأذي والانهيار الأخلاقي، ويصير تجاهل القانون والآداب العامة هو الراجح ويصير الناخبون الذين يختارون ممثليهم مجرد قطيع وأصحاب غرائز!. ثم وهو الأهم أن جزءًا من نضال الصحفيين وكفاحهم أن تكون نقابتهم هي المسئولة عن محاسبتهم عن أي خروج عن ميثاق الشرف ولائحة آداب المهنة وعندما تحصل علي هذا المكسب ويستقر لها يأتي منا من يريدنا أن نعود للخلف، بحجج ومزاعم غير نقابية بالمرة بل هي أمنيات الكارهين لحرية الصحافة وحراس ترسانة القوانين المقيدة الحرية التعبير الذين يحاولون أن ينالوا منا بالقوانين المعيبة أو بالتأديب داخل النقابة أو بالاثنين معا، لأنه من خداع النفس وخيانة الضمير أن نتصور لحظة أن المحاسبة داخل النقابة ستكون بديلا عن استخدام سلطة القانون أو نردد وراء البعض شعارات «النقابة» بدلا من «النيابة» فهذه فخاخ وخلط متعمد وفج للأوراق، فستظل النقابة نقابة وستظل النيابة نيابة وستظل الشرطة شرطة، ولا يمكن أن نتصور أن تتحول النقابة إلي نقطة بوليس أو مخفر يُحتجز فيه الخارجون عن القانون.
إن من حقنا جميعا أن نقلق وأن يلعب الفأر في عبنا من طرح هذا المشروع ونحن نري سماء الوطن ملبدة بالغيوم، فأحكام الحبس في قضايا النشر وإحالة الصحفيين إلي المحاكم والنيابات عادت تتصدر المشهد، وها هو الدكتور مفيد شهاب يتمسك أمام محفل حقوقي دولي باستمرار مواد الحبس في قضايا النشر، وها هي أحاديث الإصلاح الزائف تصبح منتهية الصلاحية، وها هي النقابات تُساق إلي قبول قوانين تفرض عليها بالحيلة أو الابتزاز ومنها نقابة المهندسين التي كشف بعض أعضائها الذين كسبوا كل مراحل التقاضي وتأييد مطلبهم بإلغاء الحراسة علي نقاباتهم عن أن بعض المسئولين بالحكومة وقيادات بالحزب الوطني يريدونهم أن يقبلوا صفقة يتم بموجبها الموافقة علي قانون جديد للنقابة مقابل تنفيذ الأحكام وإجراء الانتخابات بعد 16 سنة من الحراسة المفروضة عليهم، وأشاروا في هذه التصريحات إلي دور أحمد عز وبعض أعضاء لجنة السياسات، وها هو نقيب المحامين يعلن عن نيته إجراء تعديلات في قانون النقابة أيضا.
تخريب النقابات
أخشي أن نكون أمام مشروعات قوانين تستهدف تخريب النقابات من داخلها تحل بدلاً من القانون 100 لسنة 93 البغيض الذي استهدفت فلسفته قطع صلة الأرحام بين أبناء الأسرة المهنية الواحدة، والتدخل السافر في شئون النقابات وتغييب الجمعيات العمومية عن القيام بدورها، وعقد اجتماعاتها الدورية وفقد ثقافة الحوار والتواصل الطبيعي وتبادل الخبرات بين الزملاء بكل انتماءاتهم العمرية والفكرية والمؤسسية.
وإذا كان مجلس النقابة قد قرر في اجتماعه الأخير العمل علي عقد مؤتمر عام للصحفيين يناقش مجمل التشريعات الصحفية وترسانة القوانين المنظمة للعمل الصحفي فإننا نرجو أن تكون النية خالصة لما يراه الصحفيون من أولويات ودون أي وصاية مسبقة من أحد، وأن ننتبه أننا نحن أصحاب المصلحة ولا يمكن أن نقبل بتشكيل لجان يهُمش فيها الصحفيون والنقابيون وتمثل فيها الإدارات الصحفية ويعلو صوتها، فمع كل التقدير والاحترام لجميع الزملاء إلا أنه داخل النقابة هناك تعارض في المصالح بين الصحفيين والإدارات الصحفية ولهذا السبب كانت الجمعيات العمومية توصي في كثير من اجتماعاتها بألا يكون نقيب الصحفيين من بين رؤساء المؤسسات الصحفية، وكذلك أريد أن أتوقف عما نسبه بعض أعضاء المجلس للنقيب في الاجتماع الأخير من أنه «يريد أن يكون هذا المؤتمر مهنيا وليس سياسيا» لأنه إذا ثبتت صحة ذلك فإننا سنكون أمام مشكلة حقيقية لأننا جميعا نعلم أن طرح ملف الحريات والقوانين المقيدة لحرية التعبير والنشر والصحافة هي من قبيل الأمور التي لا نستطيع أن نفصل فيها بين المهنة والسياسة، وكما نعلم جميعا أن النقابة ليست حزبا سياسيا ونرفض أن يستغلها أي تيار بأي شكل وعلي أي نحو، فإننا في الوقت ذاته لا ننسي أننا في نقابة رأي وضمير وأن عملنا المهني والنقابي هو ممارسة للسياسة بشكل ما، وأعيد التأكيد أننا كنا أول نقابة مهنية عندما قامت عام 1941 لم يحظر قانونها العمل بالسياسة، ويحسب للنائب يوسف الجندي - عضو مجلس الشيوخ في ذلك الوقت - طلبه إلغاء هذه المادة من أول مشروع قانون لإنشاء النقابة، وظل مصمما إلي أن استجيب له وقال: كيف نحظر علي نقابة الرأي والحريات ألا تهتم بالسياسة؟! وكيف إذا تم فرض قيود علي مهنتهم واعترضوا عليها نقول إنهم يمارسون السياسة؟!
إننا نريد أن نكون شركاء حقيقيين في صياغة جدول أعمال أولوياتنا كما فعل الصحفيون في المؤتمر العام الرابع عام 2004.
وإذا كان البعض يراهن علي مجلس الشعب الحالي فنذكرهم أن هناك في أدراجه يرقد منذ سنوات مشروع النقابة بإلغاء بقية المواد السالبة للحرية في قضايا النشر ومشروع بزيادة التمغة الصحفية، وهناك مهمة مؤجلة آن الأوان أن نأخذ نحن مبادرة بها، وهي إعدادنا مشروعًا يكفل حرية تداول المعلومات، وهناك الكثير مما يستحق حماسنا ووقفتنا ووحدتنا، وعندنا جمعية عمومية عادية في الجمعة الأولي من مارس المقبل فلندع لها بهمة وجدية إذا أردنا لها أن تكتمل كما فعلنا عام 2006 بدلا من الخطط التي تحاك في الظلام والتي يتصور أصحابها أننا قد أصبحنا موتي أو أنه قد هان علينا كياننا النقابي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.