بالقطع لم يكن أحد منا أو من غيرنا يمكن أن يتصور، مهما جمح به الخيال، أنه سيأتي زمان علي المصريين يسمعون فيه بآذانهم، ويشاهدون فيه بعيونهم من يخرج عليهم مناديا بهدم أبو الهول، ومطالبا بإزالة الأهرامات، وتدمير الآثار المصرية القديمة في أبو سمبل والأقصر، وغيرها، بحجة أنها أصنام يجب هدمها، وأوثان يجب الخلاص منها وإزالتها. ولكن للأسف هذا حدث بالفعل، وشاهدنا منذ عدة أيام من يطل علينا من التليفزيون علي إحدي القنوات الفضائية، مناديا بهذا، ومطالبا بالخلاص بالإزالة والهدم لكل هذه الآثار، حتي لا يعبدها أحد من دون الله، سواء كان هذا الأحد موجودا الآن، أو يمكن أن يأتي في أي وقت آخر. ولم يكتف الرجل بذلك، بل راح يؤكد في رده علي اسئلة واستفسارات الإعلامي وائل الإبراشي، مقدم البرنامج، إنه من الضروري تحطيم هذه الأصنام والتماثيل التي تمتليء بها مصر، لأن المسلمين مكلفون بتطبيق الشرع، وهو ما يتطلب إزالة تلك الأصنام، ومنها بالطبع أبو الهول والأهرامات وغيرها، وغيرها. ونحن رغم احترامنا لحق كل مواطن سواء كان سلفيا أو غير سلفي، في اعتناق الأفكار والمعتقدات التي يقتنع بها، ويؤمن بصحتها، واحترامنا ايضا لحقه في التعبير عما يؤمن به ويعتقد فيه، إلا أننا نلفت الانتباه إلي خطورة ما نادي به الأخ السلفي، ليس لكونه دعوة للهدم وتحريضا علي الاعتداء علي تاريخ مصر وتراثها الحضاري، فقط، بل لكون ما قاله يحمل في طياته افتئاتا واضحا علي التاريخ الإسلامي، وسيرة المسلمين الأوائل، ونظرتهم وتقديرهم للحضارة الإنسانية. وندعوه أن يفكر مليا في بقاء الآثار المصرية سليمة دون هدم أو إزالة، في ظل حكم الخليفة عمر بن الخطاب، وهو من هو، وفي ظل وجود عمرو بن العاص واليا علي مصر،...، وكذلك استمرار وجود الآثار العراقية سليمة دون هدم أو إزالة، في ظل وجود الخليفة عثمان بن عفان، ومن بعده علي بن أبي طالب، وهما من هما. أما قوله بأن عمرو بن العاص لم يكن يملك الأدوات التي يمكن أن يهدم بها أو يزيل بها آثار مصر... فقول لا يحتاج إلي رد لفرط هشاشته،...، و»لله الأمر من قبل ومن بعد«، وندعوه سبحانه لهداية الجميع لسواء السبيل.