"اكتبي قصة مي زيادة" كانت هذه الجملة التي قالها لي الكاتب القدير أنيس منصور عام 2000. اندهشت وسألته هل تحتاج "مي" إلي كتاب جديد يحكي سيرتها؟ إنها أشهر الكاتبات وأكثرهن إثارة للجدل. فماذا يمكنني أن أضيف إلي هذه المفكرة الرائدة؟! ، أجابني: مي قصة لم ترو بعد. إنها قصة التألق في أعلي درجاته والانهيار في أقصي درجاته إنها قصة الطموح والنبوغ ،الحب والحرمان، الدراما الإنسانية بالغة العمق. اكتبيها بإحساسك ككاتبة وامرأة وإنسانة وأنا علي ثقة أنك ستنصفينها. "مي" من أين أبدأ رحلة الغوص في أعماق وسيرة حياة هذه الإنسانة الفريدة في كل شيء ،عشت شهوراً أبحث عنها بين عشرات الكتب التي صدرت عنها والتي كتبتها هي، وكدت أتراجع عن الدخول في هذا الطريق الطويل الملئ بالأسئلة. "أتمني أن يأتي بعدي من ينصفني. مي زيادة" كانت هذه الجملة التي كتبتها في أحد كتبها بمثابة رسالة بعثتها مي إليّ في الوقت المناسب، تطلب مني فيها أن اكتب قصتها بعيون مفتوحة وعقل منصف وقلب عادل. وبالفعل بدأت في تلك اللحظة أشعر بالمسئولية الكبري تجاه "مي" التي أحبها كل الرجال من عمالقة هذا العصر الذهبي للفكر والأدب والفن، لكن وبكل أسف لم ينصفها أحد.. وكلما أبحرت في حياتها أحببتها وتمنيت لو عاد بي الزمان لأكون إلي جانبها في لحظات كثيرة فارقة في حياتها. وربما لهذا أكملت الرحلة وانجزت كتاب "مي زيادة أسطورة الحب والنبوغ" ليصدر عن الهيئة العامة للكتاب عام 2001 وليكون السيرة الذاتية التي روت حياة مي ، ليس فقط باعتبارها أول امرأة تقيم صالوناً أدبياً في عصر لم يكن للمرأة فيه وجود ولا دور. قصة مي زيادة التي اختيرت كأفضل كتاب في معرض الكتاب الدولي عام 2001، تحكي قصة ميلودرامية أبطالها أشخاص حقيقيون بل نجوم الفكر والأدب في هذا العصر. ، كما تحكي قصة انسانة عاشت صراعاً مريراً بين تحررها العقلي وتزمتها الديني والأخلاقي، وقلة خبرتها بجانب الشر في نفوس البشر. يكفي أنها في أواخر أيامها تعرضت لضربات قاسية حولت مجدها إلي شقاء وبريقها إلي دموع، عندما دبرت لها المؤامرات من أقرب الناس إليها ودخلت مستشفي العصفورية "الأمراض العقلية" في لبنان ، وخاضت معركة كبيرة حتي تثبت للناس أنها بكامل قواها العقلية في مشهد مهيب بالجامعة الأمريكية ببيروت.. أسعدني أن مدينة الانتاج الإعلامي أخرجت المسلسل القابع في الأدراج منذ أكثر من 8 سنوات وقررت أن يدرج في خطة الانتاج ليعرض في رمضان القادم وهذا يدل علي ان قصص السير الذاتية للمرأة ستخرج أخيراً من دائرة الفنانات إلي دائرة الفكر والأدب والثقافة التي تعتبر مي زيادة رمزاً رائعاً لها. فقصتها تروي أحداث زمن كامل تربع فيه الفكر علي قمة اهتمامات المجتمع وما أحوجنا الآن إلي إعادة الروح لهذا الوطن.