«الداخلية» تكشف ملابسات فيديو قيادة سيارة نقل عكس الاتجاه في كفر الشيخ    ترامب وملك الأردن يبحثان مستجدات المنطقة خاصة فى قطاع غزة    مقتل ضابط إسرائيلى متأثرا بإصابته فى 19 يوليو بمعارك جنوب قطاع غزة    إصابات واعتقالات خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة بلدات بالضفة الغربية    افتتاح المقر الإقليمى للفيفا بالمغرب.. وأبو ريدة يهنئ لقجع    قطاع العقارات يتصدر تعاملات البورصة المصرية.. والخدمات المالية في المركز الثاني    أهم الأخبار الفنية على مدار الساعة.. جنازة زياد الرحبانى من كنيسة رقاد السيدة المحيدثة بعد غد والعزاء الإثنين والثلاثاء.. مهرجان الإسكندرية السينمائى يكرّم أحمد رزق.. مصطفى قمر يطرح "ديو غنائي" مع إدوارد قريبا    المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني: نقدر جهود إدخال المساعدات لقطاع غزة    محلل سياسي: مصر تقف أمام مخطط قوى دولية لتطبيق سيناريو شرق أوسط جديد    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة "جسور الخير 22" إلى شمال سيناء    تقارير: زوارق حربية إسرائيلية تقترب من السفينة "حنظلة" المتجهة لغزة    محافظ الإسكندرية يفتتح ميدانين بمنطقة سيدي جابر    هل يجب تسجيل طالب الثانوية رغباته بمعامل تنسيق الجامعات الحكومية؟    علاجات منزلية توقف إسهال الصيف    حزب "المصريين": جماعة الإخوان الإرهابية تسعى لزعزعة استقرار البلاد    بسبب حملة يقودها ترامب.. وكالة ناسا ستفقد 20% من قوتها العاملة    مقتل مدني جراء هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية في كورسك الروسية    مفوض «الأونروا»: عمليات إسقاط المساعدات من الجو في غزة «غير فاعلة»    سميرة عبد العزيز: الفن حياتي والمخرجون طوّروا أدواتي    "التزمت بالمنهج العلمي".. سعاد صالح توضح حقيقة فتواها بشأن الحشيش    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير    استنكار وقرار.. ردود قوية من الأزهر والإفتاء ضد تصريحات الداعية سعاد صالح عن الحشيش    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    الحكم بحبس أنوسة كوتة 3 أشهر في واقعة هجوم النمر على عامل سيرك طنطا    ‬محافظ المنيا يضع حجر الأساس لمبادرة "بيوت الخير" لتأهيل 500 منزل    ليكيب: جيرونا يتوصل لاتفاق مع جيرونا على استعارة ليمار    ترامب: سأطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية    بعد كسر خط مياه.. توفير 8 سيارات مياه بالمناطق المتضررة بكفر الدوار    الكشف على 394 مواطنًا وإجراء 10 عمليات جراحية في اليوم الأول لقافلة شمال سيناء    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    "الثقافة صوت الأمة وضميرها" وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعو لتعزيز الهوية وصون التراث    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مي زيادة .. مذكرات أديبة وطنها العالم بأسره
نشر في محيط يوم 21 - 10 - 2010


مي زيادة .. مذكرات أديبة وطنها العالم بأسره
محيط – سميرة سليمان
"إن أدب مي زيادة هو كأدب جورج إيليوت، وجورج صاند، ومدام دوستال، بأناقته وأنوثته ناهيك عن ألوانه الحضارية التي نضحت من شخصيتها ذات الثقافات المنوعة، فقد قيض لمي أن تتقن تسع لغات هي العربية، والفرنسية والإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والإسبانية، واللاتينية، واليونانية، والسريانية".
هكذا يقدم سيمون عواد في كتابه "من أدب مي زيادة" الصادر عن دار عواد للطباعة والنشر عام 1981، والذي نتوقف معه في ذكرى رحيل الأديبة الكبيرة.
يقول عواد أن زيادة كانت تعرف أنها متعددة الثقافات وهو الأمر الذي كان يرمز لديها إلى اتساع حدود وطنها الذي هو وطن الإنسان فكانت تقول:"..ولعل معرفتي لتسع لغات زادت في حدود وطنيتي، وجعلتني أنظر إلى العالم كأنه وطني الأكبر".
من هنا انطلقت مي لتثبت أمام المجتمع الشرقي جدارة المرأة التي هي منه سواء في المقالات التي نشرت أو الخطابات والمحاضرات التي ألقت، أو في منتداها الأدبي الذي حاورت فيه وناقشت كبار أدباء عصرها: يعقوب صروف، منصور فهمي، عباس العقاد، أنطون الجميل، شبلي الشميل، أحمد شوقي، مصطفى الرافعي، ولي الدين يكن، خليل مطران، إسماعيل صبري..وغيرهم.
إلا أن هذا النشاط الثقافي المميز - كما يقول الكتاب - لم يكن ليمنعها من الالتفات إلى نشاطات بنات جنسها حيث استهوتها الحركة النسائية لذلك نرى أن نشاطها الأدبي تمحور حول شئون وقضايا اجتماعية كانت المرأة منه في الصميم.
وكان إنتاجها بالنسبة إلى عصرها غزيرا، فقد أعطت 15 مؤلفا خلال ثلاثين سنة منها "أزاهير حلم" وهو مجموعة أشعار بالفرنسية، "سوانح فتاة" مذكراتها، "ظلمات وأشعة"، "كلمات وإشارات" وغيرها.
غلاف الكتاب
نوافذ على الحياة
ولدت ماري الياس زخور زيادة التي لقبت نفسها ب"مي" فيما بعد في 11 شباط / فبراير 1886 وفي الناصرة عاشت ماري وحيدة لا أخ ولا أخت طيلة 13 عاما فما كاد يقبل عام 1900 حتى تركت الناصرة وعادت إلى وطنها الأم لبنان، في الرابعة عشرة من عمرها وأخذت تكتب يومياتها التي كانت تأذن بتفتح موهبة أدبية.
كانت حياة مي تتميز في مدرسة الراهبات بالانزواء والانطواء على النفس فكانت لا تشارك جيلها اهتمامته، وتجلى ذلك في باكورة أعمالها الأدبية "أزاهير حلم".
كان من أقرب هوايات مي إلى نفسها عزف البيانو وكتبت عن الموسيقى في مذكراتها قائلة:"..أؤمن بإله واحد!، نعم يا إلهي، أؤمن بأنك واحد لا إله إلا أنت، وأنك أنت خلقتنا، وأنك صالح، وأن الحياة جميلة، الموسيقى في هذا المساء على أبدع ما عهدت لابد أن يكون في السماء جوقة موسيقية بارعة تعزف من الألحان الربانية ما لم تسمعه من هذه الأرض أذن، ولم يخطر منه على قلب بشر.
إن الموسيقى لتخاطبني بلغة ليس أقرب منها إلى إدراكي وعواطفي، إنها تنيلني أجنحة وتطير بي إلى عوالم لا يطرقها غيرها. أشكرك اللهم لأنك فطرتني على حب الموسيقى وحب الجمال!".
عام 1904 بلغت مي الثامنة عشرة من عمرها فتركت لبنان عائدة إلى كنف الوالدين في الناصرة، وقرأت مي الأدب العالمي لتقتنع بعد هذه المطالعات أن الفتاة لم تخلق للحياة التقليدية الرتيبة التي لا ترتكز على فكر ولا تصبو إلى مثل أعلى، وكانت ترى أن فارس أحلامها ليس من أبناء اليقظة، بل هو يلوح لها في السير والروايات.
انتقل إلياس والد مي إلى مصر عام 1908 وهناك وجدت مي الأبواب مفتوحة لتنطلق في رحاب الحرية والعمل، وفي مصر تأثرت مي بالجو الفكري خاصة بالأساطير والفراعنة وما تناعى عنهم من أخبار وسير وآثار فنية تفصح عنها أوراق البردي، وسرى إلى ذهنها من ذلك الجو أسطورة إيزيس وازورويس، واتخذت من ايزيس اسما لها في أول كتاب وضعته بالفرنسية وكان عنوانه "أزاهير حلم" وأضافت إليه لفظة لاتينية هي "كوبيا" وتعني الغزارة وانتشر "ازاهير حلم" لمؤلفته إيزيس كوبيا عام 1911 في مصر بعد أن قدمه إلى القراء الشاعر خليل مطران.
ويروي الكتاب كيف أصبح لمي قضية بعد أن سمعت محاضرة لبيبة هاشم عن "حرية المرأة" ورأت انصراف أقرانها من الفتيات عن موضوع المحاضرة فتنبهت إلى حقيقة موقفها الاجتماعي وضرورة أن يكون لها موقف من قضايا الحياة الكبرى، كانت تريد أن تحطم الأغلال التي ترهق المرأة الشرقية.
تقول في مذكراتها: "..لقد طافت المدنية أنحاء العالم، ولكن ما حالنا بها؟ لقد ظهرت معجزاتها في اكتشافات البشر وعلومهم وفنونهم وأساليبهم وكيفية معيشتهم، إلا أن الشقاء ما زال شقاء، ما زلنا نشاهد حولنا الحرب والفقر والمرض والقتل والانحطاط النفسي، والعاهات الأخلاقية على تعدد أنواعها.
وما برحت الشعوب تشكو حكوماتها، والأوطان تشقى بأبنائها، والعائلات تتعذب بأفرادها، والأفراد تتوجع بميولها وتشقى بغرائزها المتناسخة عن وراثات بعيدة وقريبة.
كلا إن المدنية لم تأت بتمام واجبها بعد. ولم تصلح من الأحوال إلا البعض اليسير أو المتوسط. وسبب هذا النقص الهائل والضعف الشائن ليس إلا تقهقر نصف الإنسانية، هو جهل المرأة.
قال هيجو: ليس الرجل وحده الإنسان، ولا هو المرأة وحدها، بل هما الإنسان والإنسان هما. كل جنس دون أخيه نصف فقط، ولا يصير عدداً كاملاً إلا إذا أضيف إليه النصف الآخر. لا صحة للمرء إلا بسلامة دماغه وقلبه، ولا سعادة للرجل إلا بسعادة المرأة".
مأساة
كانت المطالعة غذاء مي زيادة الروحي وكان جبران ينشر كتاباته العربية في "المقتطف"، و"الهلال"، فكتبت إليه عام 1912 وكان بينهما مراسلات أدبية اتسمت بالتعاطف الودي والروحي.
وكتابها "سوانح فتاة" عبارة عن مجموعة من خواطرها وآرائها في الناس والحياة وبعض مقالات كتبتها مي في ظروف مختلفة، تعني فيه بالشأن العام فنراها تكتبت عن التربية في عصرها قائلة:
"..إنما التربية ترمي إلى غاية واحدة هي توسيع دارة الحياة وتأهيل الفرد للسير بحذق والتصرف باعتدال بين تشعب الشئون مستخرجا وسائل السعادة والفائدة مما يحيط به، فإن تكن هذه الغاية نصب عيون الوالدين ولم تثقف الناشئة على مبادئ التهذيب القويم فقدت آمالنا بالمستقبل القريب، وأول قواعد التهذيب معرفة الواجب، وشرط معرفة الواجب الشعور بالحرية.
تربيتنا الناقصة جعلتنا نسئ الظن في كل شخص وفي كل أمر. ريح سموم تهب على المجتمع فتصبغ الجو وما يحويه بلون قاتم خبيث. ولو أنصف الناس لحكموا على بعضهم بعدل وصدق فأراحوا واستراحوا. الخير أصل في الحياة ولا ظلام حولنا إلا الظلام المنبثق من شكوكنا وأحزاننا ومطامعنا".
كان متعة مي الكبرى في التحدث إلى الأدباء الكبار في عصرها، فقد كانت تعقد في بيتها اجتماعات بين هؤلاء للتباحث في شئون الأدب على اختلافها، فتحول بيتها إلى صالون أدبي يلتقي فيه رجال الفكر بانتظام.
إلا أن الموت سرعان ما فرق بين هؤلاء الرواد وبوفاة جبران عام 1931 وبعد موت والديها قبعت وحيدة في دارها تخيم عليها وساوس الوحدة والكآبة ولولا سفرها المفاجئ إلى فرنسا عام 1932 ومن بعدها إلى انجلترا لكانت انتهت، لكنها عادت مجددا إلى مصر حيث الذكريات وأشباح الماضي ثم سافرت إلى إيطاليا لتبتعد عن جو الذكريات الخانق، ثم اصطحبها أحد اقربائها إلى بيروت وعاودتها أزمة النفس وتسببت في إدخالها إلى مصحة "العصفورية"، ثم عادت إلى القاهرة وقوي عليها مرضها ووساوسها ثم أسلمت الروح في 19 أكتوبر عام 1941 دون أن يعرف بها أحد.
تقول في مذكراتها عن الحياة الإنسانية: "..إنما حياة الإنسان على الأرض جهاد مستمر رغم كونها محض عبور، ورغم أننا نموت في ذاتنا كل يوم، وإن كان النمو سنة نافذة فينا فإن حياتنا منظمة من جهة أخرى بحيث نودع أدغال الطريق نثرات من مرورنا، خطوة بعد خطوة.
يخيل لنا أننا نتخبط في سبيلنا على غير رشد ولا نبصر، وشر من ذلك أننا عوضاً عن تبادل التعاون مع الأنداد والأقران نكون لهم الخصوم قسرا والمنافسين".
من خواطر مي زيادة..
- القصيدة الحقيقية محزنة في جوهرها، فالشاعر الذي لم يذق لذة الكآبة الباطنية العذبة إنما هو متطفل على الفن.
- قطرات الماء تتساقط قطرة قطرة، بحزن وسكون على الرمضاء. والنسيم يداعب جبيننا المثقل. والوريقات الخضراء ترى الحياة مرة أخرى على أشجارنا الجرداء.
- إنه لمن العذوبة أن ترى السماء تبكي. ما أفتن عينيها وهما تذرفان دموعا حارة من أعماق القلب.
- ما أعذب الذكرى! ما معنى الحياة لولاها!.
- أحيِّي الذين يبكون بعيونهم, وأولئك الذين يبكون بقلوبهم: أحيِّي كلَّ حزين, وكل منفردٍ, وكل بائسٍ, وكل كئيب. أحيِّي كلاًّ منهم متمنية له عامًا مقبلاً أقلَّ حزنًا وأوفر هناء من العام المنصرم، نعم, للحزين وحده يجب أن يقال: (عام سعيد)!
- ما أعذب قبلة الأطفال, وما أطيب طعم ابتسامهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.