إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    خبير اقتصادي: انخفاض التضخم نجاح للحكومة.. ولدينا مخزون من الدولار    إجراءات قانونية عنيفة.. مصير أصحاب التأشيرات غير النظامية لأداء الحج    الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال عيد الأضحى    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 (يرتفع في 9 بنوك)    وزير الإسكان يصطحب نائب رئيس جمهورية غينيا الاستوائية في جولة بالعلمين الجديدة    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال غرب مخيم النصيرات بقطاع غزة    مقتل 3 عناصر من حزب الله في غارة إسرائيلية بشمال شرق لبنان    "هدية غير متوقعة".. هل التعادل مع غينيا بيساو أضعف موقف مصر في تصفيات مونديال 2026؟    مفاجأة في حراسة مرمى الأهلي أمام فاركو ب الدوري المصري    الاتحاد الهولندي يعلن عدم لحاق دي يونج ببطولة يورو 2024    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    تصفيات أفريقيا لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    انتداب الأدلة الجنائية لمعاينة حريق شقة سكنية في البدرشين    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    هل خروف الأضحية يجزئ عن الشخص فقط أم هو وأسرته؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة    طلبة: تعادل بوركينا فاسو مع سيراليون في صالح منتخب مصر    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالقليوبية    دفن جثة شخص والاستعلام عن حالة 2 مصابين في انقلاب موتوسيكل بأوسيم    «أونلاين».. «التعليم»: جميع لجان الثانوية العامة مراقبة بالكاميرات (فيديو)    ضبط طالب لقيامه بالاصطدام بمركبة "توك توك" وشخصين بالبحيرة    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب أتوبيس بالمنوفية    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب ترتفع 160 جنيها اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 بالصاغة    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    "إنتل" توقف توسعة ب25 مليار دولار لمصنعها في إسرائيل    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة    نيبينزيا: القرار الأمريكي غامض وموافقة إسرائيل على وقف النار غير واضحة    أستاذ اقتصاد: حظينا باستثمارات أوروبية الفترة الماضية.. وجذب المزيد ممكن    مروان عطية: هدف غينيا من كرة "عشوائية".. ورطوبة الجو أثرت علينا    طريقة تثبيت النسخة التجريبية من iOS 18 على أيفون .. خطوة بخطوة    موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اعتبارا من اليوم وذورتها الجمعة والسبت    مصر ضد غينيا بيساو.. قرارات مثيرة للجدل تحكيميا وهدف مشكوك فى صحته    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    أخبار 24 ساعة.. الحكومة: إجازة عيد الأضحى من السبت 15 يونيو حتى الخميس 20    الرقب: الساحة الإسرائيلية مشتعلة بعد انسحاب جانتس من حكومة الطوارئ    منسق حياة كريمة بالمنوفية: وفرنا المادة العلمية والدعم للطلاب وأولياء الأمور    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد.. إنت مجرد كوبري (فيديو)    «زي النهارده».. وقوع مذبحة الإسكندرية 11 يونيو 1882    تعرف على برجك اليوم 2024/6/11    تحرير الرهائن = لا يوجد رجل رشيد    اليمين المتطرف يتصدر نوايا التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية    إبراهيم عيسى: تشكيل الحكومة الجديدة توحي بأنها ستكون "توأم" الحكومة المستقيلة    سهرة خاصة مع عمر خيرت في «احتفالية المصري اليوم» بمناسبة الذكرى العشرين    هل يجوز الأضحية بالدجاج والبط؟.. محمد أبو هاشم يجيب (فيديو)    «الإفتاء» توضح حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    عادة خاطئة قد تصيب طلاب الثانوية العامة بأزمة خطيرة في القلب أثناء الامتحانات    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مي زيادة .. مذكرات أديبة وطنها العالم بأسره
نشر في محيط يوم 21 - 10 - 2010


مي زيادة .. مذكرات أديبة وطنها العالم بأسره
محيط – سميرة سليمان
"إن أدب مي زيادة هو كأدب جورج إيليوت، وجورج صاند، ومدام دوستال، بأناقته وأنوثته ناهيك عن ألوانه الحضارية التي نضحت من شخصيتها ذات الثقافات المنوعة، فقد قيض لمي أن تتقن تسع لغات هي العربية، والفرنسية والإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والإسبانية، واللاتينية، واليونانية، والسريانية".
هكذا يقدم سيمون عواد في كتابه "من أدب مي زيادة" الصادر عن دار عواد للطباعة والنشر عام 1981، والذي نتوقف معه في ذكرى رحيل الأديبة الكبيرة.
يقول عواد أن زيادة كانت تعرف أنها متعددة الثقافات وهو الأمر الذي كان يرمز لديها إلى اتساع حدود وطنها الذي هو وطن الإنسان فكانت تقول:"..ولعل معرفتي لتسع لغات زادت في حدود وطنيتي، وجعلتني أنظر إلى العالم كأنه وطني الأكبر".
من هنا انطلقت مي لتثبت أمام المجتمع الشرقي جدارة المرأة التي هي منه سواء في المقالات التي نشرت أو الخطابات والمحاضرات التي ألقت، أو في منتداها الأدبي الذي حاورت فيه وناقشت كبار أدباء عصرها: يعقوب صروف، منصور فهمي، عباس العقاد، أنطون الجميل، شبلي الشميل، أحمد شوقي، مصطفى الرافعي، ولي الدين يكن، خليل مطران، إسماعيل صبري..وغيرهم.
إلا أن هذا النشاط الثقافي المميز - كما يقول الكتاب - لم يكن ليمنعها من الالتفات إلى نشاطات بنات جنسها حيث استهوتها الحركة النسائية لذلك نرى أن نشاطها الأدبي تمحور حول شئون وقضايا اجتماعية كانت المرأة منه في الصميم.
وكان إنتاجها بالنسبة إلى عصرها غزيرا، فقد أعطت 15 مؤلفا خلال ثلاثين سنة منها "أزاهير حلم" وهو مجموعة أشعار بالفرنسية، "سوانح فتاة" مذكراتها، "ظلمات وأشعة"، "كلمات وإشارات" وغيرها.
غلاف الكتاب
نوافذ على الحياة
ولدت ماري الياس زخور زيادة التي لقبت نفسها ب"مي" فيما بعد في 11 شباط / فبراير 1886 وفي الناصرة عاشت ماري وحيدة لا أخ ولا أخت طيلة 13 عاما فما كاد يقبل عام 1900 حتى تركت الناصرة وعادت إلى وطنها الأم لبنان، في الرابعة عشرة من عمرها وأخذت تكتب يومياتها التي كانت تأذن بتفتح موهبة أدبية.
كانت حياة مي تتميز في مدرسة الراهبات بالانزواء والانطواء على النفس فكانت لا تشارك جيلها اهتمامته، وتجلى ذلك في باكورة أعمالها الأدبية "أزاهير حلم".
كان من أقرب هوايات مي إلى نفسها عزف البيانو وكتبت عن الموسيقى في مذكراتها قائلة:"..أؤمن بإله واحد!، نعم يا إلهي، أؤمن بأنك واحد لا إله إلا أنت، وأنك أنت خلقتنا، وأنك صالح، وأن الحياة جميلة، الموسيقى في هذا المساء على أبدع ما عهدت لابد أن يكون في السماء جوقة موسيقية بارعة تعزف من الألحان الربانية ما لم تسمعه من هذه الأرض أذن، ولم يخطر منه على قلب بشر.
إن الموسيقى لتخاطبني بلغة ليس أقرب منها إلى إدراكي وعواطفي، إنها تنيلني أجنحة وتطير بي إلى عوالم لا يطرقها غيرها. أشكرك اللهم لأنك فطرتني على حب الموسيقى وحب الجمال!".
عام 1904 بلغت مي الثامنة عشرة من عمرها فتركت لبنان عائدة إلى كنف الوالدين في الناصرة، وقرأت مي الأدب العالمي لتقتنع بعد هذه المطالعات أن الفتاة لم تخلق للحياة التقليدية الرتيبة التي لا ترتكز على فكر ولا تصبو إلى مثل أعلى، وكانت ترى أن فارس أحلامها ليس من أبناء اليقظة، بل هو يلوح لها في السير والروايات.
انتقل إلياس والد مي إلى مصر عام 1908 وهناك وجدت مي الأبواب مفتوحة لتنطلق في رحاب الحرية والعمل، وفي مصر تأثرت مي بالجو الفكري خاصة بالأساطير والفراعنة وما تناعى عنهم من أخبار وسير وآثار فنية تفصح عنها أوراق البردي، وسرى إلى ذهنها من ذلك الجو أسطورة إيزيس وازورويس، واتخذت من ايزيس اسما لها في أول كتاب وضعته بالفرنسية وكان عنوانه "أزاهير حلم" وأضافت إليه لفظة لاتينية هي "كوبيا" وتعني الغزارة وانتشر "ازاهير حلم" لمؤلفته إيزيس كوبيا عام 1911 في مصر بعد أن قدمه إلى القراء الشاعر خليل مطران.
ويروي الكتاب كيف أصبح لمي قضية بعد أن سمعت محاضرة لبيبة هاشم عن "حرية المرأة" ورأت انصراف أقرانها من الفتيات عن موضوع المحاضرة فتنبهت إلى حقيقة موقفها الاجتماعي وضرورة أن يكون لها موقف من قضايا الحياة الكبرى، كانت تريد أن تحطم الأغلال التي ترهق المرأة الشرقية.
تقول في مذكراتها: "..لقد طافت المدنية أنحاء العالم، ولكن ما حالنا بها؟ لقد ظهرت معجزاتها في اكتشافات البشر وعلومهم وفنونهم وأساليبهم وكيفية معيشتهم، إلا أن الشقاء ما زال شقاء، ما زلنا نشاهد حولنا الحرب والفقر والمرض والقتل والانحطاط النفسي، والعاهات الأخلاقية على تعدد أنواعها.
وما برحت الشعوب تشكو حكوماتها، والأوطان تشقى بأبنائها، والعائلات تتعذب بأفرادها، والأفراد تتوجع بميولها وتشقى بغرائزها المتناسخة عن وراثات بعيدة وقريبة.
كلا إن المدنية لم تأت بتمام واجبها بعد. ولم تصلح من الأحوال إلا البعض اليسير أو المتوسط. وسبب هذا النقص الهائل والضعف الشائن ليس إلا تقهقر نصف الإنسانية، هو جهل المرأة.
قال هيجو: ليس الرجل وحده الإنسان، ولا هو المرأة وحدها، بل هما الإنسان والإنسان هما. كل جنس دون أخيه نصف فقط، ولا يصير عدداً كاملاً إلا إذا أضيف إليه النصف الآخر. لا صحة للمرء إلا بسلامة دماغه وقلبه، ولا سعادة للرجل إلا بسعادة المرأة".
مأساة
كانت المطالعة غذاء مي زيادة الروحي وكان جبران ينشر كتاباته العربية في "المقتطف"، و"الهلال"، فكتبت إليه عام 1912 وكان بينهما مراسلات أدبية اتسمت بالتعاطف الودي والروحي.
وكتابها "سوانح فتاة" عبارة عن مجموعة من خواطرها وآرائها في الناس والحياة وبعض مقالات كتبتها مي في ظروف مختلفة، تعني فيه بالشأن العام فنراها تكتبت عن التربية في عصرها قائلة:
"..إنما التربية ترمي إلى غاية واحدة هي توسيع دارة الحياة وتأهيل الفرد للسير بحذق والتصرف باعتدال بين تشعب الشئون مستخرجا وسائل السعادة والفائدة مما يحيط به، فإن تكن هذه الغاية نصب عيون الوالدين ولم تثقف الناشئة على مبادئ التهذيب القويم فقدت آمالنا بالمستقبل القريب، وأول قواعد التهذيب معرفة الواجب، وشرط معرفة الواجب الشعور بالحرية.
تربيتنا الناقصة جعلتنا نسئ الظن في كل شخص وفي كل أمر. ريح سموم تهب على المجتمع فتصبغ الجو وما يحويه بلون قاتم خبيث. ولو أنصف الناس لحكموا على بعضهم بعدل وصدق فأراحوا واستراحوا. الخير أصل في الحياة ولا ظلام حولنا إلا الظلام المنبثق من شكوكنا وأحزاننا ومطامعنا".
كان متعة مي الكبرى في التحدث إلى الأدباء الكبار في عصرها، فقد كانت تعقد في بيتها اجتماعات بين هؤلاء للتباحث في شئون الأدب على اختلافها، فتحول بيتها إلى صالون أدبي يلتقي فيه رجال الفكر بانتظام.
إلا أن الموت سرعان ما فرق بين هؤلاء الرواد وبوفاة جبران عام 1931 وبعد موت والديها قبعت وحيدة في دارها تخيم عليها وساوس الوحدة والكآبة ولولا سفرها المفاجئ إلى فرنسا عام 1932 ومن بعدها إلى انجلترا لكانت انتهت، لكنها عادت مجددا إلى مصر حيث الذكريات وأشباح الماضي ثم سافرت إلى إيطاليا لتبتعد عن جو الذكريات الخانق، ثم اصطحبها أحد اقربائها إلى بيروت وعاودتها أزمة النفس وتسببت في إدخالها إلى مصحة "العصفورية"، ثم عادت إلى القاهرة وقوي عليها مرضها ووساوسها ثم أسلمت الروح في 19 أكتوبر عام 1941 دون أن يعرف بها أحد.
تقول في مذكراتها عن الحياة الإنسانية: "..إنما حياة الإنسان على الأرض جهاد مستمر رغم كونها محض عبور، ورغم أننا نموت في ذاتنا كل يوم، وإن كان النمو سنة نافذة فينا فإن حياتنا منظمة من جهة أخرى بحيث نودع أدغال الطريق نثرات من مرورنا، خطوة بعد خطوة.
يخيل لنا أننا نتخبط في سبيلنا على غير رشد ولا نبصر، وشر من ذلك أننا عوضاً عن تبادل التعاون مع الأنداد والأقران نكون لهم الخصوم قسرا والمنافسين".
من خواطر مي زيادة..
- القصيدة الحقيقية محزنة في جوهرها، فالشاعر الذي لم يذق لذة الكآبة الباطنية العذبة إنما هو متطفل على الفن.
- قطرات الماء تتساقط قطرة قطرة، بحزن وسكون على الرمضاء. والنسيم يداعب جبيننا المثقل. والوريقات الخضراء ترى الحياة مرة أخرى على أشجارنا الجرداء.
- إنه لمن العذوبة أن ترى السماء تبكي. ما أفتن عينيها وهما تذرفان دموعا حارة من أعماق القلب.
- ما أعذب الذكرى! ما معنى الحياة لولاها!.
- أحيِّي الذين يبكون بعيونهم, وأولئك الذين يبكون بقلوبهم: أحيِّي كلَّ حزين, وكل منفردٍ, وكل بائسٍ, وكل كئيب. أحيِّي كلاًّ منهم متمنية له عامًا مقبلاً أقلَّ حزنًا وأوفر هناء من العام المنصرم، نعم, للحزين وحده يجب أن يقال: (عام سعيد)!
- ما أعذب قبلة الأطفال, وما أطيب طعم ابتسامهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.