شرىف رىاض اليوم وقفة عرفات.. وغدا عيد الأضحي المبارك.. كل عام وأنتم بخير.. ومصر بخير وان كان هذا الأمل مرتبطا بنوايانا وهل نحن فعلا نريد لها الخير؟ أكثر من 07 ألف حاج مصري يقفون اليوم علي جبل عرفات.. يتعالي بكاؤهم وهم يتضرعون إلي الله سبحانه وتعالي يطلبون الرحمة والمغفرة في يوم الغفران.. الدعوات قد تختلف من حاج لآخر لكنها تتفق بلاشك حينما يكون الدعاء لمصر.. أن يحميها الله ويعيد لها الأمن والاستقرار ويوحد كلمة ابنائها لتتجاوز أزماتها السياسية والاقتصادية. لا اعتقد أن مصريا واحدا ممن يقفون اليوم علي جبل عرفات يمكن أن ينسي هذا الدعاء.. فلنشاركهم الدعوات في هذا اليوم العظيم. ما أحوج مصر إلي دعواتنا اليوم لأننا بعد اجازة العيد والتي نرجو أن تكون فرصة لالتقاط الانفاس واستعادة الهدوء النسبي في الشارع السياسي سنجد انفسنا في مواجهة حاسمة مع أزمة الدستور الجديد المتفجرة منذ أسابيع بسبب خلافات القوي السياسية.. ليس فقط بسبب شرعية تشكيل الجمعية التأسيسية.. لكنها اتسعت للخلاف حول العديد من مواد الدستور بالاضافة الي الخلافات الداخلية في الجمعية التأسيسية بين لجانها الرئيسية ولجنة الصياغة التي عدلت بعض النصوص دون الرجوع للجان الأصلية. كل هذا حدث قبل حكم محكمة القضاء الاداري أمس الأول بوقف الطعون ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية واحالتها الي المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية قانون معايير انتخاب الجمعية التأسيسية الذي اصدره مجلس الشعب المنحل لتحصين الجمعية بعدما رأت المحكمة أن مادته الاولي تشوبها شبهة عدم الدستورية لأنها جعلت من معايير الاختيار اعمالا برلمانية ودستورية لايجوز الطعن عليها امام القضاء الاداري.. ثم جاء حكم القضاء الاداري ليضع هذه الازمة في صدارة المشهد السياسي الذي تعقد لدرجة اصبح من الصعب معها وضع دستور جديد في هذه الظروف بالغة التعقيد. واعود الي اسباب وحيثيات الحكم التي اعتبرت اصدار مجلس الشعب المنحل لقانون يحدد معايير انتخاب الجمعية التأسيسية انحرافا في استعمال السلطة التشريعية وسلبا متعمدا لسلطة مجلس الدولة بتكبيل يده في ممارسة مهامه.. ورأت المحكمة أن هذا القانون يتعارض ايضا مع الاعلان الدستوري المعمول به حتي الآن والذي نص علي دعوة الاعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشوري لاجتماع مشترك يتم فيه انتخاب اعضاء الجمعية التأسيسية ولم يتطرق لاصدار قانون يحدد معايير انتخابهم مما يجعل من انتخاب الجمعية التأسيسية قرارا إداريا يجوز الطعن عليه امام القضاء الاداري وليس عملا برلمانيا محصنا كما قضي بذلك القانون الذي اصدره مجلس الشعب المنحل والذي احالته محكمة القضاء الاداري الي المحكمة الدستورية للفصل في دستوريته. الموقف الآن يتلخص في الآتي.. هذا الحكم يفتح الباب امام الجمعية التأسيسية للدستور لانهاء عملها والاستفتاء علي الدستور قبل صدور حكم الدستورية العليا الذي يجب ان يمر بعدة اجراءات تستغرق حوالي خمسة اشهر.. وفي هذه الحالة تجب موافقة الشعب علي الدستور الجديد حكم المحكمة الدستورية أيا كان.. حتي وان قضت بعدم دستورية قانون معايير انتخاب الجمعية التأسيسية. ولهذا اعتبرت القوي المدنية حكم القضاء الاداري حكما مسيسا يصب في صالح التيار الاسلامي لانه يمهد له الطريق لاصدار دستور يؤسس لدولة دينية.. وعلي الفور تسارعت تحركات القوي المدنية التي كانت تعول علي صدور حكم القضاء الاداري ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية فاذا بها في مواجهة حكم صحيح قانونا لكن اثاره ليست علي هواها.. وتعددت الاجتماعات والبيانات الرافضة لمسودة الدستور والمؤكدة علي ضرورة أن يكون الدستور الجديد معبرا عن كل المصريين ومحققا لاهداف الثورة وليس اهداف التيار الاسلامي وحده. اذا صدر الدستور الجديد قبل حكم الدستورية ثم صدر الحكم بعدم دستورية قانون انتخاب الجمعية التأسيسية ستواجه مصر موقفا غير مسبوق في تاريخها عندما يجد الشعب نفسه محكوما بدستور اعدته جمعية تأسيسية حكم بعدم دستورية تشكيلها. لهذا اعود الي ما أشرت اليه وهو أن الظروف الحالية لا تسمح بالعقل والمنطق بوضع دستور جديد الآن.. وليس من المقبول ابدا الاستفتاء علي دستور اعدته جمعية تأسيسية يشوب تشكيلها عوار دستوري.. ولهذا ربما يكون الحل هو دستورا مؤقت يضعه عدد محدود من فقهاء القانون الدستوري من غير المنتمين لأي تيارات سياسية أو حزبية في فترة زمنية وجيزة.. دستورا يعالج سلبيات دستور 1791 وتعديلاته التي مهدت الطريق للفساد والتوريث.. هذه الفكرة طرحها بعض رموز القوي السياسية خلال الساعات الاخيرة وانا أؤيدها بشدة لاننا بعدما اتفقنا علي ألا نتفق نحتاج لفترة خمس أو عشر سنوات نلتقط فيها انفاسنا ونتعلم كيف نمارس الديمقراطية دون أن نصبح »فرجة« العالم!