صبرى غنىم - لا يعيب الحكومة أن تتراجع في قرار تري أنه لن يجد قبولا في الشارع المصري وخاصة عندما يكون هذا القرار يختص بشريحة عريضة من المجتمع. فكونها تجري استطلاعا قبل تنفيذ قرار المواعيد الجديدة للمحلات التجارية الداعي إلي الاغلاق في الساعة العاشرة، هذا الموقف يحسب لها ويؤكد أنها لا تأخذ قرارات عشوائية دون أن تعرف تأثيرها، وكون أنها أدركت حجم الاعتراضات وحالة الغضب والتذمر التي سوف تنتج عن تنفيذ هذا القرار، ليس عيبا أن تتراجع عن تنفيذه.. لأنها تسرعت في إصداره دون أن تشرك الغرفة التجارية فيه، ولذلك كان من الطبيعي أن تعطي الفرصة للغرفة التجارية قبل أن تتهمها وتعلن بأن الحكومة ستكون سببا في تشريد الالوف من العمالة التي كانت تعمل وردية ثانية، وأن الانفلات الامني سيعود الي الشارع المصري بسبب البطالة والتي ستكون سببا في التشكيلات الاجرامية الجديدة بحثا عن لقمة العيش.. ياعني الحكومة أصبحت في مأزق، هل تركب رأسها وتنفذ ما اقترحه عليها وزير الادارة المحلية "واللي يحصل يحصل".. أم تراجع حساباتها وتعطي اهتماما لتصريحات الغرفة التجارية حتي لا تنكسر رقبتها وساعتها تتراجع.. - الذي أعرفه أن قرار مثل هذا كان من المفروض أن تكون الغرفة التجارية طرفا فيه، بمعني أن يؤخذ رأيها قبل الاعلان عنه.. صحيح أن الغرفة قد أعطت لنفسها حقوقا غير شرعية.. منها علي سبيل المثال أنها تطالب بعمل هذه المحلات من السادسة صباحا حتي منتصف الليل ولم تفرق بين نوعية النشاط، فمثلا محلات الموبيليا ومعارض السيارات ومحلات الحلاقة والخردوات لماذا تستمر حتي منتصف الليل.. ثم لماذا لا تكون هناك قيود علي الورش الحرفية كميكانيكا السيارات ومحلات المانيفاتورة.. ولماذا نترك ورش سمكرة السيارات وأعمال الدوكو للعمل حتي منتصف الليل مع أنها ورش ليست صديقة للبيئة ولا يجوز لها أن تعمل بعد السادسة مساء.. وما الذي يمنع عمل المقاهي والمطاعم والصيدليات حتي منتصف الليل باستثناء الصيدليات التي تؤدي خدمات ليلية حتي اليوم التالي بشرط أن يكون لديها ترخيصها بذلك.. - مشكلتنا في مصر أن القوانين عندنا علي الورق ولا تري النور، فتحديد المواعيد ليس بدعة أو خروجا عن الثورة.. وإذا كنا نلجأ إلي القانون الآن رغبة في ترشيد استهلاكنا من الكهرباء حتي لا تحدث كوارث نحن في غني عنها.. ليس معناه أن هناك إجراءات تعسفية ضد أصحاب المحلات أو ضد العمالة.. فإذا كانت الغرفة التجارية تدعي أن هناك عمالة في المحلات تعمل ورديات إضافية فهذه أكاذيب لأن العامل يعمل مالا يقل عن 18 ساعة يوميا بلا رحمة أو هوادة مقابل أجر ثابت.. والسبب لأننا لا نؤمن بحقوق الانسان.. ولماذا نتعجل ونحن في حاجة إلي فترة حتي يسترد فيها الأمن عافيته.. علي الاقل لا نرمي بحملنا علي رجال الامن في قضايانا الداخلية، نستعين بهم في مطاردة الباعة الجائلين.. وفي تنفيذ قانون تحديد مواعيد المحلات التجارية.. فالحكومة تهاجمهم دون أن تضع حلا لمشكلتهم كتوفير اسواق في الاماكن السكنية فلا تعزلهم عن الاحزمة السكنية وتدعي أنها أنشأت لهم أسواقا وهي تعلم أنهم رفضوا الانتقال إليها بسبب العزلة.. ما المانع من اختيار مواقف محددة وسط الأحياء وتعطي لمن يشغلها من الباعة الجائلين ترخيصا بحيث لا يسمح لأي بائع جديد أن يدخلها بغير ترخيص.. ومن الممكن أن يطالبهم الحي بنظافة المكان الذي يشغلونه حتي لا يكون "مقلب" زبالة.. صدقوني.. هؤلاء الغلابة الذي هجروا الأرض الزراعية وفتحت لهم المدينة أبوابها في حاجة إلي من يمد يده إليهم حتي لا يتحولوا إلي مجرمين.. - ياعني بالعربي الفصيح هذا التوقيت غير مناسب لتطبيق قانون تحديد مواعيد للمحلات التجارية بغير دراسة أو توعية، ونحن لم ننته من حربنا مع الغلابة والباعة الجائلين.. ولذلك أطالب الحكومة بألا تتعجل، وعليها أن تتأني في التنفيذ.. تبدأ بالمحلات التي ليس لها نشاط بعد السادسة.. وإن كنت أقترح تحديد سعر استثماري لاستهلاك الكهرباء بعد حصة مدعمة يحصل عليها المحل.. فالمحل الذي يحقق إيرادا هو الذي يستمر بعد العاشرة ويتحمل فارق الاسعار في الكهرباء.. والمحل الذي يحقق خسائر تراه سيغلق أبوابه بعد السادسة وليس العاشرة.. - في رأيي أن مثل هذا الاقتراح هو حل عادل.. فإذا كنا نطالب المحلات بالغلق في العاشرة مساء، فلنمنحهم حصتهم من الكهرباء بالسعر العادي.. وما يزيد علي الاستهلاك تتم المحاسبة عليه بالسعر الاستثماري.. فليس من المعقول ان يساهم المواطن العادي في دعم المحلات بعد العاشرة.. هذه ليست عدالة اجتماعية أن ندعم معارض السيارات ومحلات الموبيليا ليلا.. - أنا أعرف أن مثل هذا الاقتراح سيجد اعتراضا لدي عتاولة الغرفة مع أنه اقتراح في صالح الخزانة العامة.. والمستهلك الذي يريد أن يساهم في ترشيد الطاقة.. ومع ذلك يحتاج هذا الاقتراح إلي دراسة حتي لا يكون له ضحايا.. علي الأقل يتم تنفيذه تدريجيا وعلي مراحل حتي لا يدفع سكان الريف والقري من حصتهم في الكهرباء لسكان القاهرة وكون أنهم كانوا ضحايا النظام السابق وكانت حقوقهم مسلوبة من أجل عيون سكان المدينة.. فقد آن الأوان للتصحيح بعد ثورة قامت وهي تحمل شعار العدالة الاجتماعية..