التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية علي ضوء قرارات البلطجي نتنياهو رئيس وزراء العنصرية الإسرائيلية ليست جديدة ولا مفاجئة باعتبار انها سلوك مستمر لم يتوقف. ان أي دراسة أو متابعة لهذا الذي يجري متعلقا بمواصلة مشروعات الاستيطان غير المشروع علي الأرض الفلسطينيةالمحتلة وخاصة في القدس العربية نجد ان ما يتم القيام به يدخل ضمن مخططي الاستراتيجية الإسرائيلية الصهيونية القائمة علي فرض الأمر الواقع. انهم وأمام الاجماع الدولي الذي قد يكون غير فعال حتي الآن دعما وتأييدا للحقوق العربية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية. ان هدفهم تغيير جغرافية الأرض أولا: لتصعيب قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وثانيا: ان تكون هذه الدولة في حالة السماح بقيامها ممزقة مهلهلة متناثرة بلا حدود. يأتي هذا المخطط تحسبا لتصاعد الضغوط الدولية وتراخي الدعم والمساندة الأمريكية غير المحدودة. ان عصابة الحكم في إسرائيل القائمة علي العدوان والتوسع والاستيطان ونتيجة لإحساسها بالعزلة الدولية تشعر حاليا بانها في سباق مع الزمن من أجل تحقيق اهدافها التوسعية الاستيطانية. انها تستغل- بجدارة- التفكك العربي وصراعات وانقسامات القوي الفلسطينية نتيجة الاستقطابات الاقليمية وكذلك نمو الشعور بعدم الولاء للمصالح القومية العربية.. هذه الحالة المرثية التي يعاني منها العرب والفلسطينيون تمثل بالنسبة لإسرائيل والصهيونية ومؤيديهما فرصة في التصدي لهذه العزلة الدولية التي تتفاقم في نظر المراقبين بمرور الوقت. اذن فإن علي الأمة العربية وبعد ان كشف العالم حقيقة إسرائيل العنصرية وانها اختارت الاستيطان والتوسع لتأكيد رغبتها في رفض أي توجهات نحو السلام.. ان تكون علي قدر هذا التحدي بالتوقف عن النزال غير المجدي بالحناجر والتصريحات والتهديدات الجوفاء. بداية فإنهم مطالبون بدفع الولاياتالمتحدة من خلال اشعارها بانها مطالبة بالحرص علي مصالحها الوطنية إلي ترجمة مواقفها المعلنة حول بذل الجهود من أجل اقرار السلام وقيام الدولة الفلسطينية إلي افعال. هل يمكن لواشنطن حقا اتخاذ موقف ايجابي من اسرائيل فيما يتعلق بإعلانها عدم شرعية الاستيطان وان تعترف بأن ما تقوم به حكومة نتنياهو ليس إلا نوعا من التحدي لهذا الاعلان. الاقدام علي مثل هذا التحرك يعد اختبارا لمصداقية ونوايا دولة القطب الواحد. بالطبع فانه من السهل الكشف عن هذه النوايا اذا ما تملكت الشجاعة الدول العربية واتفقت علي رأي واحد بالاتجاه إلي الأممالمتحدة ثم إلي مجلس الأمن لاعلان الدولة الفلسطينية المستقلة. في هذه الحالة ليس هناك شك علي الاطلاق في اتجاهات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم في عضويتها كل دول العالم والتي من المؤكد انها ستأتي في صف الحق العربي والعدالة الدولية توافقا مع ما سبق ان اتخذته من قرارات.. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في مجلس الأمن والفيتو الأمريكي اذا ما تقدمت هذه الدول العربية- في حالة صفاء وأمانة لقوميتها- للمطالبة باقامة الدولة الفلسطينية علي أراضي ما قبل حرب 76. وكما هو معروف فإن هذا القرار لا يمكن ان يأخذ صفة الشرعية إلا بصدوره من مجلس الأمن والذي من المفروض أنه مرتبط بقراره الصادر عام 8491 بتقسيم فلسطين. من هذا المنطلق فإن الموقف الأمريكي سوف يكون مربط الحصان في هذه الخطوة والتي سوف تكشف ان السياسة والممارسات العنصرية الاستعمارية لإسرائيل تتم بتواطؤ أمريكي. أم لا. هذا الامر لن تتضح معالمه إلا علي ضوء ما سوف تتخذه واشنطن اذا ما عرض قرار الدولة الفلسطينية للتصويت.. السؤال الآن هو: هل يمكن لواشنطن ان تعترف وتدرك أن ما تقوم به إسرائيل تواصلا للاستيطان هو تحد لها ولطمة موجهة إلي كبريائها وكرامتها؟ أم ان ما أعلنه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية الذي وصف قرار نتنياهو بأنه اجراء غير مشروع ليس إلا ذر للرماد في العيون ومن قبيل عمليات فض المجالس ليس إلا. ان الوسيلة الوحيدة التي يجب ان يجتمع عليها العرب والفلسطينيون هي ان تتحول تصريحاتهم وقراراتهم إلي أفعال علي الأرض تجعل إسرائيل تشعر بأن ثمن استمرارها في صلفها وغرورها باهظ وأنها يمكن ان تدفع مقابله من أمنها واستقرارها. لا يجب بأي حال السماح لها بالشعور تشعر بأنها سوف تهنأ بهذا السلوك العدواني العنصري الاستعماري وان يشعر شعبها الذي يتبني التطرف انه لن يكون أبدا في مأمن وان الحقوق العربية لا يمكن ان تكون غنيمة سائغة. لابد ان يؤمن هذا الشعب الذين جمعوه من كل دول العالم من خلال المواقف الايجابية. ان مواجهة العرب والفلسطينيين لهذا الظلم والعدوان تعد أمرا مشروعا وواجب الاقدام عليه.